رفضت المعارضة الفنزويلية دعوة الرئيس نيكولاس مادورو إلى صياغة دستور جديد للبلاد، معتبرة أن هذا الأمر هو مواصلة لـ"الانقلاب" ضد البرلمان الذي تسيطر عليه. وقال هنريكي كابريليس أحد أبرز قادة المعارضة والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، على تويتر إنّ "مادورو يعزّز الانقلاب ويُعمّق الأزمة الخطيرة". واعتبر كابريليس أنّ السلطة تسعى إلى "قتل الدستور" من خلال هذه المبادرة التي تُشكل "تزويراً"، داعياً مناصري المعارضة إلى "عدم إطاعة هذا الجنون". وكان مادورو دعا الإثنين، إلى تشكيل مجلس تأسيسي يُكلّف صياغة دستور جديد، ويكون أعضاؤه الممثّلون لمختلف القطاعات المجتمعية غير منتمين إلى أحزاب سياسية. وقال مادورو أمام الآلاف من مناصريه المحتشدين وسط كاراكاس لمناسبة عيد العمل، إنّه من أجل "الوصول إلى السلام الذي تحتاجه البلاد وهزيمة الانقلاب الفاشي، أدعو إلى (تشكيل) مجلس تأسيسي من الشعب، لا من الأحزاب السياسية. مجلس من الشعب". وكانت المعارضة الفنزويلية شاركت في مسيرات عدة الإثنين احتفاء بمرور شهر على تظاهراتها ضد مادورو، في تحدّ للسلطات التي تنظم عادة تظاهرات مؤيدة لها لمناسبة عيد العمال في 1 مايو. وانتشرت الشرطة والدرك على الطرق الرئيسية المؤدية إلى كراكاس فيما نصبت حواجز معدنية على طول مسار التظاهرات. كذلك أغلقت 31 محطة مترو في العاصمة. وبعد شهر من انطلاق احتجاجات مطالبة بانتخابات جديدة ورحيل الرئيس الاشتراكي، أعلن معارضو التشافية (نسبة إلى الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، 1999-2013) عن مسيرات في كل أنحاء البلاد نحو مباني المحكمة العليا والهيئة الانتخابية. وقال فريدي غيفارا نائب رئيس البرلمان، الهيئة الوحيدة الخاضعة لسيطرة المعارضة، إنّ "النظام يراهن على استنزافنا، ولذلك بعد شهر من المقاومة يجب أن نوجه رسالة بأننا لا نزال أقوى". وكان الرئيس أكّد في برنامجه الأسبوعي الأحد أنّ "الأوّل من مايو هو للطبقة العاملة. وليس يوماً للرأسمالية ولا لليمين". ومنذ الأوّل من أبريل، تخللت كل المسيرات تقريباً صدامات بين المتظاهرين وقوى الأمن وأعمال نهب وإطلاق غاز مسيل للدموع وقنابل حارقة. تضاف إلى ذلك أعمال عنف مارستها جماعات "كولكتيفوس" المؤلفة من مدنيين سلّحتهم الحكومة، على ما أفادت المعارضة. أعمال عنف في التظاهرات وقتل 28 شخصاً خلال أعمال عنف رافقت تلك التجمعات بحسب النيابة فيما أصيب مئات بجروح. وأوقف أكثر من ألف شخص، غالبيتهم لفترات وجيزة. وفيما تندد المعارضة بقمع تمارسه الحكومة، يتهمها مادورو بارتكاب "أعمال إرهابية" لتسهيل انقلاب وإتاحة المجال لتدخل أجنبي بإشراف واشنطن. ويسود توتر سياسي منذ أسابيع هذه الدولة النفطية التي تشهد أساساً نقصاً في الأدوية والمواد الغذائية وتضخماً بلغ 720% عام 2017 وفق صندوق النقد الدولي. وكان مادورو أعلن الأحد زيادة جديدة للحد الأدنى للأجور بنسبة 60%. ويريد سبعة فنزويليين من أصل عشرة رحيل مادورو الذي تمتد ولايته حتى يناير 2019. وما أشعل حركة الاحتجاج هذه، هو قرار المحكمة العليا، المقربة من مادورو، في مارس إلغاء صلاحيات البرلمان وإعطاء كل السلطات لمعسكر الرئاسة. وامام الانتقادات الدبلوماسية الواسعة واتهامات المعارضة بـ"حصول انقلاب"، تراجعت السلطة القضائية بعد 48 ساعة، لكن ذلك لم يهدئ غضب المناهضين لمادورو ولا الضغوط الدولية. واتهم الرئيس الفنزويلي الذي يكثف دعواته إلى الحوار، الأحد، المعارضة برفض المشاركة فيه مشيداً في الوقت نفسه باقتراح البابا فرنسيس الذي أبدى السبت استعداده لتدخّل يُسهّل الحوار. وقال مادورو "ما أن أنطق كلمة +حوار+ يهربون (المعارضة) مذعورين، لا يريدون الحوار، بالأمس، هاجموا البابا فرنسيس، أما أنا فأحترم التصريحات الصادرة عنه". وأكدت المعارضة الأحد في رسالة إلى البابا رفضها استئناف الحوار مع مادورو بلا "ضمانات" تتعلق بصيغ الحوار. وشكرت للحبر الأعظم "اهتمامه الدائم" بالشعب الفنزويلي. وفي هذه الرسالة نفت المعارضة المنضوية في ائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" ما قاله البابا السبت بشأن "انقسام" المعارضة. من جهتها عبرت ثماني دول في أميركا اللاتينية بينها البرازيل والأرجنتين الأحد في بيان مشترك عن دعمها لاقتراح البابا لكن بعدة شروط بينها وقف العنف وتحديد موعد للانتخابات. من جانب آخر ستسعى كراكاس التي بدأت الجمعة عملية خروجها من منظمة الدول الأمريكية إلى الحصول على دعم مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي خلال اجتماع استثنائي يعقد الثلاثاء في السلفادور.
مشاركة :