"دفاتر سواقة للبيع" و"ترخيص سيارة مفيمة"، مع رقم للإتصال عليه 76/808080 هكذا شاهدنا جدران بيروت الأربعاء الماضي، مطلية بأوراق وعبارات مرشوشة وبألوان "صيفية" مختلفة. تكمل طريقك في شوارع العامة بيروت، فتفاجئك عبارات أخرى: "اشتر شهادتي بروفيه واحصل على الباكالوريا مجاناً" و"تصفير عدادات كهربا" ثم "دكانة البلد، كل شي للبيع"! تتساءل في نفسك عن غاية هذه العبارات ومصدرها، ويأتيك الرد عبر صفحة Sakker el Dekkene على موقع "فايسبوك"، فتعلم أن هذا هو ردّ بعض الناشطين اللبنانيين على الفساد الموجود في الدولة اللبنانية منذ عشرات السنين. ففي لبنان، كل شيء يُشترى، وكل شيء للبيع، الشهادات المدرسية والجامعية، رخص القيادة، جوازات السفر، السجلات العقارية وقرارات المحاكم. في "دكانة البلد، كل شي للبيع، حتى حقّك". وفي فيديو حمّلته الجمعية غير الحكومية على موقع "يوتيوب"، وهو مشهد تمثيلي يمثل وضع لبنان الراهن، يقول صاحب "الدكانة" عن أحد زبائنه: "هيدا كان ساقط بروفيه، شلناه حطيناه ثالث سنة جامعة، اسمالله عليه!" وبعد انتظار طويل، يقرر شاب الاعتراض على تأخيره، هو الذي وضعه مرتشٍ في أول الصف، فيصرخ: "مش معقول! شو هالبلد هيدا؟! صرلي ساعة واقف بالصف وما حدا بيطلع فيي!" فيرُد "الزعيم السياسي" مخاطباً صديقه "صاحب الدكان": "صوته بينعاز، قدي بتتركلي ياه؟" فيرفع الشاب صوته بوجه "الزعيم" ويضطر الأمن الذاتي إلى إسكاته و"خطفه". وينتهي الفيديو بعبارة "بلّغ عن الفساد ليصير عنا بلد". يحاول هؤلاء الناشطون عبر خطوتهم هذه، إشراك المواطنين في التبليغ عن الفساد الذي يعترضهم في حياتهم اليومية وفي تعاملهم مع المؤسَّسات الرسمية اللبنانية، من أجل إيقاف الرشاوى والتزوير وبيع المعاملات الإدارية وأبسط حقوق المواطن. وتقول المنظمة عبر موقعها الإلكتروني عن هذه الحملة: "لأننا جميعاً شركاء في الفساد كل يوم. نُعقلن الفساد ونجد له المبرّرات والمسوّغات إلى درجة أننا ما عدنا متحمسين أو حتى راغبين في مكافحه. ولكنّ الفساد يلقي بعبءٍ ثقيل على حياتنا، ويحدّ من وصولنا إلى المعلومات، ويقوِّض تفكيرنا النقدي السليم، ويعوِّق مسيرة التغيير، ويسجننا خلف قضبان إنعدام الكفاءة الإقتصادية والسياسية". الفسادلبنانالناشطون سياسةالمجتمع المدنيمؤسسات الدولةالجمعيات غير الحكومية