البليدة (الجزائر) - شارك العديد من المسنين مثل يمينة سي سادو (80 عاما) الخميس في الانتخابات التشريعية بالبليدة المعقل السابق للإخوان المسلمين بالجزائر، بينما قاطع الشبان الاقتراع. وقبل فتح أبواب مكتب الاقتراع صباحا حضرت يمينة وقالت بصوت خافت لا يكاد يسمع "لم اتغيب يوما عن الانتخاب فكيف اتغيب اليوم". وكانت العجوز تسير بصعوبة نحو صندوق الاقتراع لتضع ورقتها قبل أن تشعر ببعض التعب لدرجة تدخل طبيب لإسعافها، لكنها عادت إلى بيتها مسرورة لأنها "قامت بواجبها". وللأسباب ذاتها، شارك عبدالله باي (90 عاما) وكذلك السعيد الذي كان برفقته مؤكدا أن "الانتخاب حق وواجب" رغم أن راتب التقاعد لا يكفيه ويضطر للعمل كسائق أجرة لإعالة أسرته. وبعد الناخبين المسنين، من المفترض أن تتبعهم "الفتيات، بينما غالبية الناخبين لا يتنقلون إلا بعد الظهر" حسب ما أكد فيصل بونيف مساعد رئيس مكتب الاقتراع. وليس من المتوقع أن تغير الانتخابات موازين القوى في المجلس الشعبي الوطني، الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري، فيما يبقى الرهان الأهم بالنسبة للحكومة هو نسبة المشاركة التي لا يتوقع أن تكون مرتفعة. ويبدو حزب جبهة التحرير الوطني برئاسة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في طريقه للحفاظ على الأكثرية مع حليفه في الحكومة التجمع الوطني الديمقراطي حزب مدير ديوان الرئاسة ورئيس الوزراء الأسبق أحمد اويحيى. وفي البليدة التي تبعد 50 كلم عن العاصمة، تغص الشوارع والمقاهي بالناس والانتخابات حديثهم المفضل لكنهم لا يدلون بأصواتهم. وتعود هذه اللامبالاة إلى المشاكل الاقتصادية والفقر والغلاء. ويعزو هؤلاء عزوفهم عن الاقتراع إلى الفضائح التي نشرتها الصحف عن مرشحين دفعوا رشى ليتصدروا قوائم الأحزاب. وقال التاجر علي (40 عاما) إن "الفساد تفشى في الوسط السياسي. كيف انتخب مرشحا دفع أموالا من أجل أن يختاره حزب؟." أما صديقه حسين فاعتبر أن "هذا البرلمان الشكلي يجب أن يزول بما أن الحكومة تمرر كل القوانين حتى تلك التي تواجه انتقادات واسعة". أمل الاسلاميين والبليدة مدينة الورود وعاصمة سهل المتيجة بحقوله الشاسعة وتشتهر بالصناعات الغذائية، لكن الاسمنت المسلح والبناء العشوائي قضى على أراضيها الخصبة في محاولة لحل مشاكل السكن. وخلال الانتخابات التشريعية عام 2012، كانت الأحزاب الاسلامية تأمل في أن تستفيد من نتائج الاسلاميين في دول الربيع العربي، لكنها سجلت أسوأ نتيجة منذ أول انتخابات تعددية في العام 1990. وفي هذه الانتخابات تحالفت الأحزاب الاسلامية في ما بينها لمحاولة تحقيق نتيجة أفضل. وبدت ملامح الأمل على الوجوه في المقر المركزي لحركة مجتمع السلم (حمس) الحزب الاسلامي الذي تحالف مع حزب جبهة التغيير. وبحسب منسق التحالف في المنطقة فإن "الحملة الانتخابية مرت بشكل جيد ونأمل في الفوز بأربعة مقاعد". ويتنافس 20 تشكيلا سياسيا على 13 مقعدا بالدائرة الانتخابية للبليدة التي لم يحصل فيها الاسلاميون على أي مقعد في العام 2012. وردا على سؤال حول الأحزاب الاسلامية، أخرج سيد أحمد وهو تاجر (25 عاما)، قطعة نقدية من جيبه قائلا "هذا ما يوجههم. كلهم متشابهون". أما صديقه ابراهيم فقال "هذه الانتخابات التشريعية لا نفع لها". وغير بعيد عنهما عبر محمد (65 عاما) عن أسف لانتشار هذا التفكير في أوساط الشباب. وقال "يجب المشاركة في الانتخابات لاختيار النواب الذي يسمعون صوت المجتمع ونضالاته".
مشاركة :