أكد الخالق عز وجل أن في جسم الإنسان آيات معجزات باهرة، يستدل عليها أي إنسان عاقل مهما بلغت درجة علمه، فهي ظاهرة وباطنة، فيقول عز وجل: «وفي أنفسكم أفلا تبصرون»، فيدعونا الخالق البارئ للتفكر في أنفسنا، وما فيها من الآيات الجليلة، والعبر العظيمة، الدالة على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وحكمته وعلمه الشامل ورحمته.عند التفكر في أنفسنا نرى آيات الله في كل شيء، ابتداء من الخلية وانتهاء بكل أجهزة الجسم التي تحوي من العبر والعجب الكثير الذي يبهر ويدهش العقل البشري أمام صنعة الخالق، إذ يقدر العلماء عدد الخلايا العصبية بـ14ملياراً منها تسعة مليارات في الدماغ تتوزع على 64 منطقة بخلايا الجهاز العصبي و25 ألف مليار كرية حمراء في دم الإنسان، لو وضعت في خط لطوقت الأرض سبع مرات، ويتنفس الإنسان في اليوم الواحد23 ألف مرة أي 204 ملايين مرة في الحياة، ويخزن في ذاكرته 500 ألف صورة متجددة. يقول المتخصصون إن جسم الإنسان يتركب من مجموعة من الأجهزة الحيوية تعمل كلها في نظام متوافق، والدماغ أحد أجزاء الجسم الأكثر تعقيدا، ويدعو إلى العجب فهو يحوي ما يزيد على عشرة بلايين خلية عصبية، وترتبط كل خلية بوصلات مع الخلايا الأخرى، يتراوح عددها بين خمسة آلاف وعشرين ألف وصلة، وإذا رصت خلاياه بجوار بعضها فإن طولها يصل إلى 350 ألف كم، وهي مسافة تقارب ما بين الأرض والقمر، فهل يملك الإنسان أمام هذا الإعجاز إلا أن يقول سبحان الله العظيم؟وقد اعترف العلماء بأن التعقيد في تركيب الدماغ لا يوجد ولن يوجد في أعقد الأجهزة الإلكترونية التي اخترعها الإنسان، وصدق الله العظيم القائل «هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين». والجهاز العصبي يعتبر أهم جهاز في الجسم على الإطلاق، فمن دونه لا يمكن لبقية الأجهزة أن تقوم بوظائفها على الوجه المطلوب، وهو يعمل في أبسط أشكاله كجهاز للتحكم يحدد الطريقة التي يعمل بها كل عضو بالتنسيق مع بقية الأعضاء.والمخ وهو الجزء الأعلى من الدماغ مكون من نصفين يرتبطان بحزمة من الألياف العصبية يقدر العلماء عددها بمئتين وخمسين مليون ليف.أما الوظائف التي يقوم بها المخ فهي تنقسم إلى قسمين قسم يشترك به الإنسان مع بقية الحيوانات وهو الذي يتعلق بالحواس الخمس والحركات، والقسم الثاني هو الذي يتميز به الإنسان كالإحساس بالذات وقدرته على التفكير والتعلم والتكلم والتذكر والتخيل والعواطف والأحاسيس والمشاعر، وهذا من عجائب تقدير العزيز العليم. وظائف العين والعين آية من الآيات، فأجزاؤها وطرق تأديتها وظائفها تبيّن المعجزة، وما أودعه الله بها مما يساعد على الرؤية، ووضع كل عين في تجويف عظمي بالجمجمة يساعد على حمايتها، وهي محاطة بوسائد دهنية تمتص الصدمات وتمر من خلالها الأعصاب والأوعية الدموية والعضلات المحركة للعين. أما من الأمام فقد زوّدها سبحانه بالجفون، وهي مثل الستائر المتحركة تظل مفتوحة لتسمح للعين بالرؤية، لكنها تغلق عند وجود أي خطر، وتمثل الدموع إحدى المعجزات الأخرى، حيث تقوم بغسل العين بصفة دورية، وتساعد على قتل الميكروبات التي تصل إلى العين تعظيما لعملية الحماية.وصدق الله العظيم القائل «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين». رحلة الطعام يحول الجهاز الهضمي الغذاء إلى مواد بسيطة تستطيع الخلايا استعمالها، ثم يمتصها في مجرى الدم ويطرد النفايات، والجزء الأساسي من الجهاز الهضمي أنبوب طويل يسمى القناة الهضمية، ويتكون من الفم والمريء والمعدة والأمعاء الدقيقة والغليظة وتشمل بقية أجزاء الجهاز الهضمي المرارة والكبد والبنكرياس والغدد اللعابية والأسنان. يبدأ الهضم في الفم، ويدخل الطعام المريء، وهو أنبوب موصل إلى المعدة التي تعد مستودعا يبقى الطعام فيه لعدة ساعات، وتنتج أثناء ذلك الحمض والإنزيم اللذين يزيدان من هضم الطعام الذي يكمل رحلته إلى الأمعاء الدقيقة بمعدل منتظم، وتحدث عملية معقدة في فرز المكونات بحيث تقوم أجهزة الجسم بعملية تنقية واختيار الصالح والمفيد وطرد الباقي وهو الأكثر خارج الجسم.أما الوظيفة الرئيسية للجهاز التنفسي فهي توفير الأوكسجين لكل خلية لتخليصها من ثاني أكسيد الكربون الذي تنتجه الخلايا، وتقوم مكونات الجهاز التنفسي بأخذ الأوكسجين من الجو وإيصاله إلى خلايا الجسم من خلال الدم الذي يعود محملا بثاني أكسيد الكربون، فيقوم الجهاز بسحبه من الدم وطرده إلى الجو، وبما أن الجسم لا يمكنه أن يخزن الأوكسجين في داخله فإنه من الضروري تزويده بهذا العنصر المهم بشكل متواصل.ويتكون الجهاز التنفسي من ستة أجزاء رئيسية، وهي الأنف والفم والبلعوم والحنجرة والقصبة الهوائية والرئتان للقيام بوظائفه.والجهاز الدوري مرتبط بالتنفسي ويتضمن القلب ملك الجوارح، ويتولى استقبال وإرسال الدم ويضخ الإنسان في المتوسط 48 مليون جالون منه طوال الحياة، ويضخ القلب البالغ حوالي 2000 جالون في اليوم، في أنحاء الجسم، وعند عمر 70 سنة يكون متوسط عدد دقات القلب التي دقها حوالي 2.5 بليون مرة.يوزع الجهاز الدوري الدم إلى كل أنحاء الجسم، وينقل الدم الغذاء والأوكسجين إلى الخلايا ويتكون الجهاز الدوري من القلب والأوعية الدموية، والدم والجهاز الليمفاوي، والأوعية الدموية هي شبكة متفرعة، يبلغ طولها نحو 97 ألف كم وتضم الشرايين، وتحمل الدم من القلب والأوردة وإليه. ويتكون الهيكل العظمي للإنسان البالغ من أكثر من 200 عظمة، ويعمل على دعم الجسم، وحماية الأعضاء الداخلية، فالدماغ تقيه الجمجمة، والحبل الشوكي يحميه العمود الفقري، وتحمي الضلوع القلب والرئتين. وزارة دفاع من نعم الله الكثيرة التي لا تحصى في جسم الإنسان، جهاز المناعة ذلك النظام المعقد المسؤول عن الحماية من ملايين الأجسام الغريبة مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات والطفيليات والجراثيم والسموم التي تهاجم أجسامنا في كل وقت، وتعتبرنا المرتع الأساسي لنموها، ويقوم بذلك بعدة وسائل منها بناء حاجز يمنعها من الدخول، وإذا دخلت يعمل على تمييزها والقضاء عليها قبل أن تتكاثر وتبدأ إفراز سمومها، ويعمل على الاستنفار حتى يخلص الجسم منها. ولجهاز المناعة وظائف أخرى عديدة، منها التعرف على الخلايا السرطانية في المراحل الأولى والتخلص منها في الكثير من الحالات من دون أن يلاحظها الإنسان، وهي مهمة جليلة. ويتكون الجهاز المناعي من الجلد، وهو أكبر عضو في جسم الإنسان ويعمل كحاجز بين الأمراض والجسم ويفرز مواد مضادة للبكتيريا. وبما أن الأنف والفم والعيون مداخل محتملة للجراثيم فإن الدموع والمواد المخاطية تعمل على حماية الجسم، وتلتصق الميكروبات التي تدخل من الأنف إلى الرئة بالمخاط، وحتى اللعاب يحتوي على مضاد للبكتيريا. ويتكون الجهاز المناعي من الغدة التوتة والطحال والجهاز الليمفاوي ونخاع العظم والأجسام المضادة والهرمونات والجهاز الليمفاوي.والغدة التوتة تشبه ثمرة التوت في الشكل والحجم وتوجد في الصدر بين عظام الثدي والقلب، وهي المسؤولة عن إنتاج خلايا مهمة جدا، ويقوم الطحال بتصفية الدم من الخلايا الغريبة والهرمة ويستبدل بها أخرى شابة، أما نخاع العظم فهو المسؤول عن إنتاج خلايا الدم الجديدة، بجانب ذلك هناك العديد من الهرمونات التي يتم فرزها بواسطة جهاز المناعة تسمى هرمونات ليمفية، عندما يتم ابتلاع جسم غريب «ميكروب» تعمل على تحلله، ولهذا الهرمون أثر جانبي مثير للاهتمام، فهو يسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم والإحساس بالتعب، وهو وسيلة لقتل بعض البكتيريا. وهناك الخلايا الملتهمة الكبرى وهو متخصصة بحسب العضو الذي تعمل فيه، والخلايا الليمفاوية تتولى معظم المهام في مجابهة البكتيريا والفيروسات، وتبدأ من نخاع العظم. إذا انتقلنا إلى الشريط الوراثي للإنسان، نجده يتكون من ستة بلايين حرف وراثي مخزنة في حيز لا يمكن رؤيته بالميكروسكوبات الضوئية، ويكمن سر الحياة الأعظم في قدرة هذا الشريط على إنتاج نسخة عن نفسه وبهذا السر تستطيع الخلايا الحية أن تنتج أيضا نسخاً عن نفسها. لغز الدماغ خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تكوين، ولا يزال العلماء على جهل تام بالطريقة التي يستخدمها الدماغ في تخزين ما تراه العين وما تسمعه الأذن.
مشاركة :