الكعبة اختيار الله لخير أماكن الأرض لتكون قبلة الناس

  • 5/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحمد محمد (القاهرة) لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يحب أن يتوجه نحو الكعبة، أنزل الله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ...)، «سورة البقرة: الآية 144»، وقال السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، قال الله تعالى: (... قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ...)، «سورة البقرة: الآية 142»، قال الزجاج المراد بالسفهاء هاهنا المشركون، وقيل أحبار يهود، وقيل المنافقون، قاله السدي، والآية عامة في هؤلاء كلهم. قال ابن كثير، عن محمد بن إسحاق، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله، فأنزل الله: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ...)، «سورة البقرة: الآية 144»، وقال البراء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، وكان يحب أن يوجه نحو الكعبة، وعن ابن عباس، أن رسول الله لما هاجر إلى المدينة، أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً، وكان يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو الله وينظر إلى السماء، فأنزل الله عز وجل: (... فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، أي نحوه فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: (... مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا...)، «الآية 142»، فأنزل الله: (... قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، «الآية 142». وحاصل الأمر أنه قد كان صلى الله عليه وسلم أَمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس، فكان بمكة يصلي بين الركنين، فتكون بين يديه الكعبة وهو مستقبل صخرة بيت المقدس، فلما هاجر إلى المدينة تعذر الجمع بينهما، وكان يكثر الدعاء والابتهال أن يَوجه إلى الكعبة، فأجيب إلى ذلك، وأَمر بالتوجه إلى البيت العتيق. وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن أهل الكتاب: «إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين». قال محمد أبو زهرة في «زهرة التفاسير»، إن الله سبحانه هو المالك ملكية مطلقة للأرض، فهو يتخير لموضع قبلته ما يشاء من أرضه وليس لأحد سلطان فيما يريد، يختار من أرضه ما يراه أصلح وأقرب وأنسب، وقد اختار البيت الحرام، كما اختار من قبل بيت المقدس، والبيت الحرام بناء إبراهيم وأول بيت وضع للناس، وهو كما قال علماء الكون في وسط الأرض، واختصه الله بأن به وحوله مناسك الحج، وقالوا إنه منذ خلق الله تعالى مكة لم يكن بها زلزال ولا خسف، فكأن الله سبحانه قد أمّنها من هذه الظروف الكونية. ولقد بيّن عز وجل أن هذا الذي اختاره من قبلة هو الهداية لا يرضى به إلا من هداه الله تعالى، فذيل الآية بقوله تعالت كلماته: (... يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، أي أن الله بحكمته كان في عباده من اهتدى، وفيهم من ضل وغوى، فمن حارب هواه، ووسوسة الشيطان، فإن الله يأخذ بيده. وإن الله تعالى اختار خير أماكن الأرض لتكون قبلة الناس، وهي وسط الأرض وخير بقعة فيها، لما لهذا البيت من مناقب، ولأن منشئها أول نبي عرف بأنه حطم الأوثان، وجعلها جذاذاً.

مشاركة :