قف معي نـرقب راحلاً في القلب منه كل غاية وفي العقل يبـقى عالماً وفي النفس كل الحكاية في ذاكرة الأيام تبدو الأمور الجميلة محزنة، وفي ذاكرتي أديب أريب عز نظيره، خلقاً وثقافة وحصافة، يحيطك عناية، ويتألفك رعاية، يجعلك وده، ويهدي إليك جهده، حتى تخرج مكنون قلبك وعقلك. لذا، وأنا أكتب هذه السطور تغتالني الدمعة؛ حرقة على الوداع الذي آثرت أن أسجله هنا بعد فترة من رحيله ليست بالقصيرة. إنه الأديب الأريب سليمان الحزامي، أحد مؤسسي رابطة الأدباء النجباء، عز نظيره. صوت إذاعي وتلفزيوني حنون، رخيم، يعطي ذاقة خاصة لكل موضوع يطرحه، في كياسة ولباقة، ويجعل من اللقاء متعة لا تخفى على كل متابع. سجلت معه ثلاث حلقات تاريخية إذاعية في برنامج «همس القلم»، كل حلقة مدتها ساعة، ولم نشعر معاً بالملل، قال لي: «لا أستطيع استيعابك لكثرة ما تحتوي ذاكرتك من معلومات تاريخية متنوعة متخصصة، لا أجد إلا المواصلة والمتابعة، حلقة بعد حلقة، لن أتركك تمضي إلا بعد عشر حلقات على الأقل». شهادة عزيزة من كاتب أديب أثرى العمل المسرحي جدة وأصالة عبر مسرحيات جسدت واقع الأديب الحاذق كمسرحية يوم الطين، ومسرحية بداية النهاية، التي فاز بها في جائزة الدولة التشجيعية. مضت الأيام وتدهورت صحته، ولم نتمكن بعدها من مواصلة اللقاء، وكنت أهاتفه من حين إلى آخر للاطمئنان على صحته، وكان يقول لي: «إن أعز ما فقدت عيني التي لم تعد تبصر إلا البصيص من النور». كان لساناً صادقاً في كل عمل يسند إليه حرفة، وهواية، وفكره أبداً سابق عصره. وتمكنه من العربية أضحى عنواناً رئيسياً لشخصيته التي طبعها بنهم، نثراً ونظماً. رحم الله الفقيد الغالي وأسكنه فسيح جناته. د. سعود محمد العصفور dr.al.asfour@hotmail.co.uk
مشاركة :