أظهرت التوقعات والبيانات المتداولة حاليا أن من غير الممكن أن تعود قوة أسعار النفط والطاقة إلى وضعها السابق، وتعافيها من جميع التراجعات، وعودتها إلى مستوياتها الماضية، في ظل وجود آليات وظروف ومسارات متعددة ظهرت حديثا في قطاع الطاقة والنفط العالمي، قد تؤدي إلى عدم استقرارهما والقدرة على التحكم في أسعارهما خلال الفترة المقبلة. يأتي ذلك في الوقت الذي تقترب «أوبك» من تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط، والذي تسبب خلال الفترة الماضية في استقرار أسواق النفط والطاقة العالمية، وعمل على تحسين الأسعار بنسبة كبيرة. ضغوطات كثيرة وأوضح التقرير الأسبوعي لشركة نفط «الهلال» أن أسواق النفط والطاقة العالمية باتت تعاني ضغوطات كثيرة بسبب التغيرات المحيطة بها، والتي أصبحت تعطي أدوارا مؤثرة للمستهلكين تتجاوز في بعض الأحيان قدرة المنتجين في التأثير على مسارات الأسواق العالمية، في ظل استمرار التراجع والتحديات المتواصلة التي تفرضها مسارات الطلب القادمة من القطاعات الإنتاجية الرئيسية. واضاف التقرير أن كبار مستهلكي النفط أصبحوا قادرين على التحكم في مسارات الأسواق واقتصاديات المنتجين إلى حد كبير، بسبب تعاظم وقوة حدة المنافسة بين منتجي النفط حول العالم، الأمر الذي أدى إلى منح المنتجين أدوارا متقدمة في هذا المجال. وأشار إلى أن البيانات المتداولة تشير إلى ارتفاع نسبة الطلب الصيني على النفط بواقع 5.3 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث وصل حجم الطلب إلى مستوى 11.65 مليون برميل يوميا، نتيجة معدلات النمو التي يحققها الاقتصاد الصيني وارتفاع استهلاك قطاع النقل للوقود، إضافة إلى متطلبات رفع المخزونات، والتي تترافق عادة مع موسم صيانة المصافي. تأثيرات سلبية وأكد التقرير أنه رغم العوائد الجيدة التي يحملها الطلب الصيني على أسواق النفط العالمية وتأثيراتها الإيجابية على اقتصادات المنتجين، فإن التأثيرات السلبية ستتزايد بسبب تخمة المعروض، ومن المتوقع أن تظهر الكثير من المخاوف التي تتمثل في انخفاض أهداف النمو في الصين خلال العام الحالي، وتأثر الأداء اليومي لأسواق النفط، فضلا عن ارتفاع مستوى حساسية القطاع الاقتصادي تجاه التغيرات اليومية المتعلقة بنفس المجال. وأوضح أن الصين تمتلك أكبر احتياطي نفطي في القارة الآسيوية، لكنه لا يكفيها لسد احتياجاتها اليومية والمتزايدة من الطاقة، حيث باتت تتخذ من تنويع مصادر الحصول على النفط أساسا لوارداتها النفطية، والتي يأتي ثلثها من بعض دول الشرق الأوسط. في المقابل، تسعى الحكومة الصينية بشكل متواصل إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، في ظل تزايد الطلب الصيني على مصادر الطاقة المختلفة، حيث يتوقع أن يصل الطلب اليومي من النفط إلى 8 ملايين برميل خلال الفترة المقبلة. وبين التقرير أن تراجع أسعار النفط جعل بعض الدول المستوردة للنفط تعمل على تنويع مصادر الطاقة، ومهدت الطريق للعديد من الدول لتعزيز مخزوناتها من النفط، بسبب تخمة المعروض، حيث أصبح المشهد أكثر سلبية لدى الدول المنتجة للنفط، والتي تحاول الحفاظ على حصصها السوقية وتعزيز العلاقات التجارية والسياسية مع الدول المستوردة للنفط لتفادي مواجهة تحديات إضافية.
مشاركة :