افتتح سعادة الدكتور علي بن فطيس المري -النائب العام المحامي الخاص للأمم المتحدة لمكافحة الفساد- مركز حكم القانون، ومكافحة الفساد في جنيف والذي تم تأسيسه بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة، ويعتبر المركز الجديد ثالث مركز إقليمي يتم افتتاحه بعد مركز حكم القانون ومكافحة الفساد الذي تم تدشينه في الدوحة خلال شهر ديسمبر من العام 2011م بمبادرة من دولة قطر، وبالتعاون والشراكة مع الأمم المتحدة، والمركز الثاني الذي تم افتتاحه في العاصمة السنغالية دكار في عام 2016م.أقيم بهذه المناسبة حفل لتدشين المركز الجديد في جنيف حضره فخامة الرئيس المنصف المرزوقي -الرئيس التونسي الأسبق- وممثل عن سعادة كوفي عنان -الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة- وممثلون عن سعادة السيد مايكل مولر -مدير مكتب الأمم المتحدة في جنيف- وعدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة في جنيف، إضافة إلى مدراء المنظمات الدولية التي تتخذ جنيف مقراً. وسيكون مركز جنيف منصة مهمة في أوروبا لتبادل الخبرات، وتوفير فرص التدريب، وإجراء الأبحاث في كل ما يتعلق بمواضيع مكافحة الفساد، وحكم القانون، كما سيعمل المركز من خلال موقعه المتميز في جنيف التي تحتضن عدداً مُهماً من المنظمات، والهيئات، والمؤسسات الدولية على عقد شراكات استراتيجية مع العديد من المؤسسات المهتمة بمحاربة الفساد وسيادة القانون. قال سعادة الدكتور علي بن فطيس المري في تصريح له بمناسبة افتتاح المركز الجديد إن هذه الخطوة مهمة جداً، وتأتي بعد النجاح الكبير الذي حققه مركز حكم القانون ومكافحة الفساد في دولة قطر؛ حيث استطاع مركز الدوحة أن يكون منارة إقليمية للتدريب في المنطقة العربية، وإقامة المؤتمرات، والمنتديات الخاصة بمحاربة الفساد وحكم القانون، ودعم كل ما من شأنه الدفع بدولة القانون ومحاربة الفساد. أحداث تغيير وأضاف أنه خلال السنوات الماضية، ومنذ تأسيس مركز حكم القانون بالدوحة استطعنا أن نحدث تغييراً ملموساً في مجال التوعية بمجالات مكافحة الفساد وحكم القانون في المنطقة، وذلك من خلال الجهد الذي قام به المركز في هذا المجال من خلال الدورات التدريبية والفعاليات، فضلاً عن الشراكات المهمة التي عقدناها في هذا الجانب. وأشار سعادة الدكتور المري إلى أن افتتاح مركز جنيف يأتي أيضاً استناداً على ذلك النجاح؛ ليكون المركز الإقليمي الجديد منارة أخرى تخدم قضايا مكافحة الفساد وحكم القانون، ومدعومين بالمؤسسات الأممية التي تعمل في هذا الجانب مثل مكتب الأمم المتحدة في جنيف. وأوضح سعادته أن المركز سيعمل على دعم المبادرات الخاصة بمكافحة الفساد وحكم القانون في دول أخرى، إلى جانب توفير أطر دائمة لتبادل الخبرات والتجارب من خلال إقامة الشراكات الاستراتيجية مع الهيئات المعنية في الأمم المتحدة، وبصفة خاصة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بوصفه الأمين على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والقائم بأعمال سكرتارية مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية، وتعزيز التعاون مع أبرز مراكز البحث والتدريب على مستوى العالم. بناء المعرفة وسيعمل مركز حكم القانون ومكافحة الفساد من خلال مكتبه بجنيف على بناء المعرفة المتخصصة، ورفع الكفاءات الفردية والمؤسسية التي من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز حكم القانون ومكافحة الفساد بالتوافق مع المعايير الدولية، وتلبية للاحتياجات الوطنية، كما سيقوم المركز بتوفير أطر دائمة لتبادل الخبرات والتجارب من خلال إقامة الشراكات الاستراتيجية مع المكاتب والوكالات المعنية في الأمم المتحدة، لا سيما مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فضلاً عن أبرز مراكز الدراسات والأبحاث على مستوى العالم، ويتيح المركز الجديد أيضاً تقديم، وتسهيل التعليم والتدريب للإطار القانوني، والتقني لمكافحة الفساد لكافة المتخصصين، والممارسين بكافة القطاعات على المستويات الوطني، والإقليمي، والدولي، وخاصة هيئات مكافحة الفساد. دعم كبير من صاحب السمو شدد سعادة الدكتور المري في تصريحه على أن افتتاح مركز جنيف يأتي أيضاً في إطار مهمته كمحامٍ خاص للأمم المتحدة لمحاربة الفساد، وفي إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تعد من أهم الاتفاقيات الدولية التي تم التوافق عليها على المستوى الدولي، باعتبار الفساد مشكلة لا يكفي التعامل معها على المستوى المحلي والإقليمي، بل تتوجب محاربته على أساس عالمي، وخاصة أن الفساد لم يعد شأناً داخلياً بل أصبح يشكل «ظاهرة عالمية» بحاجة إلى مرجع دولي تعتمد عليه الدول في مكافحته على المستويين المحلي والدولي. ونوه سعادته في هذه المناسبة باحتضان دولة قطر لأول مركز إقليمي لحكم القانون ومكافحة الفساد، وللدعم الكبير الذي لاقاه المركز من قبل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى. ولفت في هذا الإطار إلى المراكز المتقدمة التي تحتلها دولة قطر في مجال محاربة الفساد؛ حيث إنها تتواجد ضمن أكثر الدول تقدماً في مجال مكافحة الفساد وحكم القانون، بفضل ما يوليه سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى من دعم مستمر لجميع قضايا محاربة الفساد سواء على المستوى المحلي، أو المستوى العالمي، وكان آخر هذا الدعم هو دعم سموه الكريم لمبادرة الأمم المتحدة التي انطلقت من الدوحة، وهي التعليم لمواجهة الفساد والتي تستهدف قطاع التعليم بجميع مستوياته لغرس قيم محاربة الفساد ضمن البرامج التعليمية للأجيال القادمة. المرزوقي: المركز أداة من أدوات الحرب ضد الفساد قال الدكتور محمد المنصف المرزوقي -الرئيس التونسي السابق وعضو مجلس أمناء مركز حكم القانون ومكافحة الفساد- إن المركز الجديد في سويسرا بمثابة أداة أخرى من أدوات الحرب ضد الفساد، ومن المنتظر أن يلعب دوراً كبيراً في المعركة التي نخوضها في محاربة الفساد، وهي معركة لن تنتهي «إلا بتقليم أظافر الفساد القذرة التي لا يجب أن تنهش في الأجساد الفقيرة». وأشار الدكتور المرزوقي في كلمة له في حفل افتتاح المركز أن الثورات التي قامت في بعض الدول العربية، وخاصة في تونس قامت بالأساس ضد الفساد و»بالتالي ما ندفعه اليوم من ثمن باهظ كالحرب في اليمن والحرب في سوريا هي كلها تبعات الفساد الذي لولاه لما دفعت ملايين من الناس هذا الثمن الباهظ». ورأى أن الفساد قادر على اختراق الديمقراطية، وقادر على إفساد الديمقراطية؛ حيث إنه من خلال المال الفاسد، ومن خلال الأحزاب السياسية الفاسدة يمكن أن يضرب الديمقراطية في الصميم، وأن يجعل من الديمقراطية شيئاً شكلياً. وقال إن الفساد مرتبط أوثق الارتباط بالاستبداد، وإفساد الديمقراطية، وبالتالي فهو العدو الكبير للإنسانية، ولا بد من محاربته بكل الوسائل، مشدداً على أنه من الواجب أن يتم إدراج الفساد كجريمة ضد الإنسانية.;
مشاركة :