يعتبر داء القطط التهاباً فطريّاً يُسببه نوع من الفطريات أحادي الخلية يعرف بالمقوسات القندية، وتمتاز المقوسات القندية بقدرتها على الحركة السريعة واختراقها لأعضاء جسم الشخص المصاب، فتتكاثر داخل الأنسجة ومختلف الأعضاء. تنتشر هذه الفطريّات في مُختلف أرجاء العالم، وقد أصيب بعدوى هذا الطفيل حوالي ثلث سكان العالم، وعلى الرّغم من تعرض الكثير للإصابة بهذا النوع من العدوى، إلا أن أعراضها لا تظهر بشكل جلي عند الأشخاص الأصحاء، وذلك لأن جهاز المناعة لديهم يَحول دون ظهور الأعراض. أما عن الأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة، فقد تتسبب لهم العدوى بمشاكل صحية قد تُشكل خطراً على حياتهم. غالباً ما تنتقل العدوى عن طريق تناول اللحوم الملوثة أو غير المطبوخة بشكل جيد، أو حتى عند ملامستها، أو عن طريق استخدام أدوات المنزل الملوّثة بجرثومة القطط، وكذلك عن طريق شرب الماء الملوّث، وقد تنتقل العدوى كذلك عند تنظيف فضلات القطط أو ملامستها. كما يمكن أن تنتقل العدوى للجنين عن طريق المشيمة وعند حدوث الإصابة للأم، فضلاً عن إمكانية الإصابة بالداء عند نقل الدم أو نقل الأعضاء من شخص مصاب لشخص سليم، أو حتى عن طريق زرع العظام من شخص مصاب لشخص سليم، وفي حالات نادرة قد ينتقل هذا الطفيلي لعامل المختبر الذي يفحص العينات المصابة. يرجع سبب تسمية المرض بداء القطط نسبة لمصدر العدوى، حيث إن القطط هي العائل الأساسي لهذا الطفيل، فيتغذى بداية من القطط وينتقل بعد ذلك للإنسان، ويعيش بشكل أساسي في أمعاء القطط وينتقل في برازها ليسبب تلوث التربة والفواكه والخضراوات والمياه، وبالتالي ينتقل إلى الإنسان مسبباً داء القطط، وتتخذ العدوى شكل أكياس أو تجمعات عند الإصابة بها في أعضاء مختلفة منها المخ والعضلات وشبكية العين والكبد وغير ذلك. ويختلف تأثير هذا المرض حسب مناعة الجسم، ففي معظم الحالات تكون مناعة الجسم قوية وبالتالي لا تظهر أي أعراض، وفي بعض الحالات لا يدرك الشخص بأنه مصاب بالمرض، ولكن في حالات أخرى، ينشط المرض بشكل كبير عندما تضعف مناعة الجسم لأي سبب مسبباً عدوى شديدة قد تؤدي لمشاكل خطيرة مثل التشنجات والتهاب الشبكية وغيرها.تعتبر النساء الحوامل الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، وتتضاعف خطورة انتقاله للجنين مصحوباً بتشوهات في الدماغ، كما تتضاعف خطورة المرض عند الإصابة بالعدوى أثناء فترة الحمل، ولم تتوفر حتى الآن أدلة قاطعة عن كونه مسبباً رئيسياً لإجهاض الجنين في كثير من الحالات. ونتيجة لعدم وجود ملامح واضحة للمرض، فإن عملية اكتشاف الإصابة بداء القطط لدى المرأة الحامل تتم عبر فحص الدم، حيث يبين الفحص ما إذا كانت الإصابة قديمة أو أنها إصابة حديثة، ويتم وصف الأدوية والعقاقير المناسبة بناء على ذلك.الأعراض على الرغم من أن داء القطط غير معدٍ عبر الهواء مثلاً، إلا أنه يمكن أن ينتقل عبر التلامس المباشر للطفيلي، وتتعدد الطرق التي يمكن بها الإصابة بداء القطط، إلا أن أكثر الطرق شيوعاً تتمثل في انتقال المرض من الأم الحامل إلى جنينها، ونادراً ما يصاحب الإصابة بعدوى جرثومة القطط أي أعراض واضحة، وذلك بسبب مقاومة جهاز المناعة للمرض وكبح أعراضه. وتختلف الأعراض باختلاف الأشخاص المصابين، فقد تظهر أعراض على الشخص السليم تختلف عن تلك التي تظهر على المرأة الحامل أو الأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة، لذا فقد يكون صعباً تشخيص المرض في كثير من الأحيان. ينتقل داء القطط من الأم قبل فترة الحمل مباشرة أو بعد ذلك، ويكون تأثيره أكبر إذا أصيبت فيه في الربع الأخير من الحمل، ويضعف تأثيره إذا أصيبت به خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وتنتهي الكثير من الحالات بإجهاض الطفل، أو بولادة طفل ميت، أما عن الأطفال الذين يولدون وهم على قيد الحياة فيتأثرون بالمرض بشكل كبير. تتمثل أعراض المرض لدى الأطفال بحدوث تضخم في العقد الليمفاوية، وتضخم في الكبد والطحال، واحتمالية كبيرة للإصابة باليرقان، ويمكن أيضاً أن يكون سبباً في نقص الصفائح الدموية، والالتهابات الحادة في الأغشية الواقية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي وشبكية العين.تظهر لدى الأشخاص الأصحاء أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، حيث يعانيها ما بين 10% و20% من المرضى، وغالباً ما تظهر الأعراض بصورة خفيفة وتختفي في غضون أسابيع. وتتمثل الأعراض في ارتفاع درجة حرارة الجسم وآلام في العضلات، وتظهر لدى المريض أعراض الإعياء والتعب الشديد، فضلاً عن الصداع وتورم الغدد اللمفاوية، مع إمكانية الإصابة بالتهابات الحلق.أما عن الأعراض التي تظهر على الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في الجهاز المناعة كالمصابين بفيروس نقص المناعة، أو الذين يخضعون للعلاج الكيميائي، أو الذين يتناولون أدوية مُثبطة للمناعة، فهي تتمثل في الإحساس بألم شديد في الرأس والمعاناة من التشويش والارتباك والإصابة بالتشنجات، إضافة إلى الإصابة بالالتهاب الرئوي، فتشابه أعراضه بأعراض مرض السل، كما أنه يمكن أن يؤدي التهابات شديدة في شبكية العين.العلاج والتماثل للشفاء لا يحتاج معظم الأشخاص المصابين بجرثومة القطط إلى أي علاج، ولكن في حال ظهور الأعراض التي قد تدل على الإصابة بالتهاب شديد فقد يكون لزاماً اللجوء إلى استخدام الأدوية والعقاقير، وأبرز هذه الأدوية كل الـ«بايريميثامين» المستخدَم أصلاً لعلاج الملاريا، بيد أن ينطوي على أعراض جانبية عديدة، كتثبيط نخاع العظم والتسبب بتسمم الكبد، وقد يمنع امتصاص حمض الفوليك خصوصاً إذا ما تم تناوله بجرعات كبيرة، ولذلك غالباً ما يلجأ الأطباء إلى وصف مكملات تحتوي على حمض الفوليك بجانب العقاقير التي تساعد في علاج داء القطط. وقد يصف الطبيب المعالج دواء «سلفاديازين» الذي يستخدَم كمركب مع الـ«بايريمثامين». وفي حال إصابة النساء الحوامل بهذه العدوى ولم تنتقل إلى الجنين بعد، فغالباً ما يصف الطبيب المعالج دواء الـ«سبايرامايسين»، الذي يقلل بدوره من فرصة إصابة الجنين باضطرابات في الجهاز العصبي. أما إذا أظهرت الفحوص إصابة الجنين بعدوى جرثومة القطط، فقد يقرر الطبيب وصف دواء الـ«بايريميثامين» والـ«سلفاديازين»، وذلك في حالات خاصة وبعد مرور 16 أسبوعاً على الحمل، وذلك بسبب أن هذه الأدوية لا تعطى عادةً خلال الحمل نظراً لما تسببه من مشاكل صحية للأم وجنينها. وفي حال تشخيص الجنين بإصابته بداء القطط، فإنه يكون لزاماً تناول هذه الأدوية وفقاً لتعليمات الطبيب.
مشاركة :