«منتصف العمر».. ابدأ حياة صحية جديدة

  • 5/7/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

نمط الحياة، أو ما يعرف أحياناً بـنمط العيش، هو البيئة التي يختارها الإنسان ليعيش فيها ويتعامل معها وفقاً لقدراته وقناعاته الشخصية ووضعه الاجتماعي. يختلف نمط الحياة باختلاف الأفراد واختلاف ثقافاتهم وفئاتهم العمرية، وغالباً ما يحرص الأفراد الذين يسعون لنمط حياة صحي على الابتعاد عن العادات السيئة التي قد تضر بالصحة كالتدخين والسهر، واعتماد نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية على نحو منتظم، والعيش في مناطق تخلو من التلوث البيئي والضوضائي. كما أنهم يحرصون على توريث نسلهم النمط الصحي للحياة في كل أشكاله وأبعاده ومختلف نواحيه.يعتبر نمط الحياة انعكاساً لصورة الفرد وقيمه الذاتية والطريقة التي يرى فيها نفسه ويراها بها الآخرون، وهو نموذج متكامل من النشاطات اليومية التي تتضمن ممارسة الهوايات باختلافها، وتشمل هذه المجموعة أيضاً ممارسة الاهتمامات أو أداء المهام اليومية أو الاجتماعية على نحو صحي. يعتبر اعتماد النمط الصحي محاولة لتجنب الأمراض على اختلافها، والتمتع بقوة بدنية وعقلية واجتماعية، حيث إنه يعتمد بشكل أساسي على القرارات والاختيارات التي تنبع من قناعة الفرد، ليوفر لنفسه فرصة العيش لأطول فترة ممكنة واعتناق الحياة بكل فرصها.يبلغ العديد من الناس مرحلة منتصف العمر، وهم على يقين بأن التغيير الذي يطرأ على حياتهم اليومية من تراجع في أنشطتهم وتدهور لياقتهم البدنية، واكتساب الوزن وإصاباتهم بسلسلة من الأمراض، ما هو إلا نتيجة طبيعية وحتمية لبلوغهم سن منتصف العمر، والتي يحددها متخصصون ما بين 40 و 60 عاماً، إلا أن بعض الأبحاث التي أجريت حديثاً أكدت أن الوقت قد حان لكسر الصورة النمطية لتبعات منتصف العمر، وقد شدد الباحثون على أهمية عدم التعامل مع تلك المرحلة على أنها مرحلة بداية النهاية، وبدلاً من ذلك، فهي مرحلة ينبغي على الفرد تقبلها. وفضلاً عن ذلك، يؤكد بعض الباحثين وجود فرص كثيرة للتمتع بالمرحلة العمرية هذه بوافر من النشاط والصحة، من دون التعرض أو الإصابة بالأمراض التي تصاحب فترة التقدم بالسن، شريطة التخلي عن العادات السيئة بمجملها، واعتماد نمط حياة صحي.وهنا تكمن أهمية الإلمام بحيثيات التعامل مع المرحلة الجديدة، ومع التغييرات والتطورات التي قد تطرأ على وظائف أعضاء الجسم، حيث قد يتطلب الجسم جهداً مضاعفاً للحفاظ على مستوى معين من الطاقة النفسية والجسدية لأداء الأعمال المعتادة والمتنوعة، فغالباً ما ينجم عن اعتماد نمط الحياة السيئ أو غير الصحي سلسلة من العواقب التي من شأنها أن تمنع الفرد عن أداء مهامه اليومية، وتحد من مشاركته واختلاطه في الحياة الاجتماعية، فتضاعف بذلك جل المخاطر التي تصحب عملية التقدم بالسن. ويعتبر المتخصصون أن العدو الحقيقي للتقدم في السن ليس الفئة أو المرحلة العمرية التي ينتمي لها الفرد، بل هو العادات السيئة والنمط غير الصحي الذي يختار الفرد أن يعتمده، كعدم ممارسة التمارين الرياضية، والتي تقلل بدورها من اللياقة البدنية شيئاً فشيئاً، وتناول الطعام غير الصحي وخاصة الإفراط في تناول الوجبات السريعة، واضطرابات النوم والاستسلام للضغوط النفسية. ومن هذا المنطلق، يشدد الباحثون على الالتزام بنظام غذائي صحي في المقام الأول، والإكثار من الخضراوات وشرب كميات كافية من الماء على مدار اليوم، والابتعاد قدر الإمكان عن الحلويات، والحرص على تناول المكملات الغذائية والفيتامينات، نظراً لتراجع كفاءة الجسم في إنتاجه لبعض العناصر الضرورية ابتداء من سن الأربعين، لذا يترتب تعويضها عن طريق تناول الفيتامينات مثل فيتامين (د) الذي يعرف بأنه أحد الفيتامينات الذائبة في الدهن، وهو يختلف عن غيره من الفيتامينات بأن الجسم يكون قادراً على تصنيعه في الجلد عن طريق التعرض المتوسط لأشعة الشمس، ويعمل في الجسم كهورمون «ستيرويدي»، فضلاً عن الكالسيوم الذي يكمن دوره الأبرز في بناء ونمو العظام والأسنان.كما ينصح بالتوقف عن التدخين وتناول الكحول، فقد يعكسان ملامح التقدم في السن بشكل جلي، فضلاً عن أضرارهما الصحية الجسيمة. وعلى الرغم من أن أمراض القلب التي تتخلل عملية التقدم بالسن هي المسبب الأكثر شيوعاً للوفاة، فإن الحد من تبعاتها أو تأخير الإصابة بها أصبح أمراً يمكن تحقيقه مع الالتزام بالعادات الصحية. كما ينصح بالابتعاد عن الحميات الغذائية القاسية، نظراً لما يترتب عليها من عواقب وخيمة، والتدرج في اتباع أي نظام غذائي ليصبح جزءاً لا يتجزأ من نمط حياة الفرد، ويشدد الباحثون على الابتعاد عن التدخين، وكذلك ممارسة رياضة المشي على أقل تقدير للحصول على نتائج أفضل وأسرع، ويمكن لهذه العوامل وغيرها من العوامل النفسية وقوة الإرادة أن تؤخر المرحلة العمرية التي يهابها الكثير من الناس، لما تحمله من أمراض وعجز ووهن.لعل من أكثر التحديات التي يواجهها الأفراد في مرحلة منتصف العمر، هي الإقلاع عن التدخين بعد مرور عقود طويلة على ممارسة هذه العادة، وقد ينجم عن هذا التحدي الكثير من المخاوف والتساؤلات التي تحول دون التخلي عن هذه العادة، فتصبح عقبة يصعب تجاوزها لتحقيق الهدف المتمثل في الإقلاع عن التدخين. ويؤكد الأخصائيون في هذا الصدد أن هناك جملة من الفوائد الجمة التي تتبع الإقلاع عن التدخين فيما لو نجحت المحاولة. تعمل هذه الفوائد كمحفز أساسي لاتخاذ القرارات الصعبة، كما وتجدد الطاقة الجسدية وحيويتها على نحو مذهل، وذلك خلال الشهور الأولى من الإقلاع عن التدخين. تتمثل فوائد الإقلاع عن التدخين كذلك في تلاشي صعوبة ومشاكل التنفس وما يصحبها من أعراض، وينخفض مستوى التوتر وتستعيد البشرة حيويتها ما يضفي ملمحاً شبابياً وحيوياً للمظهر الخارجي، والأهم من ذلك، أكدت دراسات أن غير المدخنين يعيشون أطول من غيرهم، وذلك نظراً لانعدام فرص إصابتهم بالأمراض المميتة الناجمة عن التدخين كأمراض القلب وسرطان المريء.ونظراً لأهمية مكانة الأشخاص الذين هم في منتصف المرحلة العمرية لأداء الدور المنوط وبهم وتحقيق التكامل المجتمعي، فإنه يصبح لزاماً عليهم الحفاظ على مستوى معين من النشاط الجسدي وحيويته، ليقوموا بدورهم المهم هذا على أكمل وجه. تتخلل مرحلة منتصف العمر الكثير من التجارب والمشقات والعبر التي من شأنها توسيع مدارك الذات وآفاقها، لتعكس معرفة الفرد لنفسه وقدرته في التحكم بنفسه وتعامله مع الظروف المختلفة ومدى تقبله للتغييرات التي تقتضيها هذه المرحلة، لا سيما تعرضه للإصابة بالأمراض والانتكاسات الصحية، كما ويصبح الفرد أكثر إدراكاً ووعياً لحيثيات التعامل مع ذاته ومع محيطه الاجتماعي.وللتقدم في السن علامات وأعراض يمكن التنبه لها والعمل على الحد منها أو تأخيرها، تتمثل أعراض التقدم التدريجي للسن في انخفاض مستوى النشاط وتغير ملحوظ في هيكل الجسم، وتغير يتراوح بين الطفيف والملحوظ للصفات والملامح، كما يطرأ الكثير من التغيير والتطور في طريقة التعامل أو التعاطي مع الفئة العمرية الشبابية، وقد يواجهون تصادماً فكرياً مع هذه المرحلة لعدم تواؤم العقلية الفكرية. ومع ذلك، تمثل مرحلة منتصف العمر أهم المراحل في حياة الإنسان، وذلك نظراً لما يقدمه الفرد في هذه المرحلة من دعم لأبنائه وما يمثله من قوة وأمان لوالديه من كبار السن، ما يجعل منه جزءاً محورياً ولا يمكن الاستغناء عنه في حياته كفرد، وفي كونه عضواً أساسياً في المجتمع. وتجدر الإشارة هنا إلى أن جل ما يتعلمه الفرد في بداية هذه المرحلة يشكل حافزاً وداعماً له في تخطي العثرات التي قد تواجهه في مرحلة متأخرة من منتصف العمر.

مشاركة :