"موقع الحدود"..عالم من الكوميديا العربية الساخرة يصنعه شباب

  • 5/7/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعج العالم الافتراضي بتجارب مصورة إخبارية ساخرة، لكن موقع "الحدود" يعتبر بسخريته التامة من المواقع النادرة عريياً، حيث يسلط الضوء على الأخبار بطريقته وينتقد الأفكار البالية للبعض دون الإهانة، فهل يتقبل الجميع النقد؟ "نحن، ونعوذ بالله من كلمة نحن، مجموعة من الشباب بهدف ما، ورؤية فضفاضة، نسعى بشكل حثيث لتعميم مفاهيم السلام العالمي والعدالة الاجتماعية والرقص بالعتمة... وعلى الرغم من أننا أكثر الناس تواضعاً على وجه المعمورة، إلا أننا نحتفي بأنفسنا أحياناً ولا ننكر أننا لا نجهل الحقيقة كاملة". هكذا يعرف القائمون على موقع "الحدود"، أول موقع إخباري ساخر في العالم العربي، بأنفسهم. في عام 2013 اقتحم موقع "الحدود" في العالم الافتراضي وبات من أبرز المواقع العربية، حيث يعلق على الأحداث والمجريات، وطريقة تفكير الناس في الوطن العربي بطريقةٍ خبرية ساخرة، مستخدماً كوميديا سوداء لانتقاد "واقعنا الأسود". ففي باب "من نحن" ركز القائمون على الحدود ،على أن الموقع لا يمثل بصراحة "موقعاً إخبارياً"، فالأخبار في نهاية المطاف، "نميمة منظمة"، وموقع الحدود مخصص للسخرية والكوميديا التي يصيبها "السواد" أحياناً. يروي عصام عريقات، أحد مؤسسي الموقع لـ DW عربية قصة بداية الموقع، ويقول "القصة بدأت في تموز/ يوليو 2013 ، كنا وقتها 3 أشخاص، وفكرنا لماذا لا يوجد موقع ساخر في العالم العربي مع أن ما يحدث في منطقتنا يثير السخرية بشكل كبير". ويضيف عريقات "وبما أننا كتاب في حياتنا اليومية، قررنا البدء بتنفيذ شيء من صلب عملنا، لإيصال أصواتنا وأصوات الشباب، خاصةً بعد الإحباط الذي لحق الشباب بعد فترة الربيع العربي، حيث أن الكثيرين ممن كانوا يريدون أن تصل أصواتهم خلال الثورات لم يستطيعوا ذلك،  فكانت هذه طريقتنا لنوصل أصواتنا". العرب لم يحتملوا "المزاح" فسجلنا مشروعنا بأوروبا الموقع يعتمد في أقسامه الأساسية (سياسة - اقتصاد - كاريكاتير- منوعات - ثقافة وعلوم - فنون- امرأة - صحة - رياضة وشباب)، على أخبار ساخرة تسخر من أخبار حقيقية تحدث من حولنا خاصة في عالم السياسة، ويستعين الموقع بفريق من كتاب موزعين في عدة دول حول العالم، في حين يتكون الفريق الرئيسي من 6 كتاب أساسيين، وعدد كبير من الكتاب الأحرار "فري لانسرز" وعدد آخر من المتطوعين. ويوضح عريقات ذلك قائلاً: "تصلنا مشاركات من كتاب من ألمانيا وفرنسا واستراليا، عدا عن الفريق الأساسي الذي بدوره موزع في عدد من الدول... وتتراوح أعمار من يعمل لدينا بين 10-37 سنة من الجنسين، لكن نسبة الجنس اللطيف قليلة، لصعوبة العمل الساخر، ولأن الكثير ممن يعملون معنا لا يعلم أهليهم بذلك، ما يخلق ضغطاً بالنسبة للعديد من الفتيات". ولا يمثل "الحدود" مشروعاً ربحياً فهو خالٍ من الإعلانات، ويعرض فريق العمل المساعدة في الحملات الإعلانية عن طريق "تأجير عقول الفريق". ويوضح الموقع، الطابع غير الربحي له بطريقة لا تخلو من السخرية "يمثل موقعنا مشروعاً غير ربحي، على الرغم من أننا رابحون معنوياً على الدوام. ولذلك، نرحب دوماً بمساهماتكم المادية (يحبذ أن تكون المساهمات بالدولار أو بطاقات الاتصالات المدفوعة مسبقاً) أو العينية (سكر، شاي، عدس، رز، طحين..) إذ أننا، نحب المال إذا ما استطعنا إليه سبيلا". حالياً، شبكة الحدود مدعومة من المؤسسة الأوروبية للديمقراطية (European Endowment for Democracy)، كما سبق لها أن حصلت أيضا على دعم من مؤسسة هاينرش بل (Heinrich Böll Foundation) الألمانية بحسب عريقات، الذي يضيف "مشروعنا عربي، وحاولنا تسجيله في عدة دول عربية إلا أن بعض الدول لم تحب "المزح"، لذلك نحن اليوم مسجلين كمؤسسة بريطانية، لكن المحتوى موجه لكل الدول العربية بشكل عام". ويتابع عريقات "هناك بعض الناس يتقاضون أجرا على ما يقدمونه، والبعض يعمل تطوعاً، وهناك من يعطينا فكرة فقط تحتاج  للكثير من التطوير وهؤلاء نخبرهم بأن عملهم غير كامل ولو أحبوا ممكن أن يطوره مع فريقنا، أو لا ننشره، وبهذه الحالة لا يتقاضون أي أجر". الديمقراطية أساس عملنا يتسم موقع الحدود "بلقطات ذكية"، و"تعليقات تصيب في الصميم"، بحسب ردود الأفعال على صفحة الموقع على فيسبوك، التي تجاوز عدد المعجبين بها الـ160 ألف. ويوضح عصام عريقات طريقة اختيار المواضيع بالقول "كسائر المؤسسات الصحفية نعقد اجتماعا تحريريا، نناقش خلاله جميع المواضيع ونوزع المهام، والجميع يختار المواضيع بطريقة ديمقراطية، وعبر التصويت نقرر بأي اتجاه سيكون العمل اليوم، فكل شيء يُقرر بشكل جماعي". وينوه عريقات البالغ من العمر 32 عاما في حواره مع DW عربية إلى أن جميع الكتاب يشاركون في  شيء ما، باسثناء بعض الأبواب، كالعمود الذي "تكتبه أم جعفر" والذي ينتقد المعاملة السيئة للمرأة وانتهاك حقوقها عبر السخرية. و"أم جعفر" هو اسم مبتكر، فمثلاً عندما يكون هناك حدث ما "نسأل الشخص المعني، ما هو رأي أم جعفر بالموضوع، فيكتب العمود على أساس ذلك، لكن في كثير من الأحيان نتشارك حتى بانتقاء النكات والتعليقات"، يوضح عريقات، مضيفا "وحتى بعض الأبواب نطورها بشكل جماعي، فلو لم يكن العمل كذلك، لكنا عكس أنفسنا وعكس ما نؤمن به، وأحياناً هناك أشخاص لا يستمرون بالعمل معنا لعدم قدرتهم على تحمل تدخل الجميع بما يقومون به من عمل". نعمل بما نعرفه وترشحنا لعدد من الجوائز تتضمن الصفحة الرئيسية لموقع الحدود عدداً من الأبواب الثابتة، كالأبراج، التي تكتب بطريقة ساخرة وكذلك حالة الطقس، ومنوعات كتابية لنشر آراء معينة، لكن الأشهر والذي أصبح هاشتاغ/ وسم منتشر بسرعة هو باب "# يا ليتها الحدود" والذي يتناول عناوين غير قابلة للتصديق ومنشورة بشكل حقيقي في الإعلام العربي كـ"الكويت تطرد قرداً مدمناً من أراضيها" المنشور في موقع "أبو محجوب"، أو "القبض على باكستاني يبيع بوله على أنه بول بعير" المنشور في موقع مجلة سيدتي. ويقول عريقات "في أول سنة بدأنا بالعمل على مواضيع تشمل كل من الأردن وفلسطين ولبنان، بعدها بدأنا بتوسعة عملنا ليشمل كل المنطقة العربية، وربما لذلك أصبحنا منتشرين بشكل أكبر في كل الوطن العربي". ويضيف "لن نتوقف هنا، نحن نعمل لنكبر أكثر، اليوم ترشحنا لجائزة "درام/ Drum" الإعلامية وهذا ثاني ترشح لنا لجائزة دولية هذا العام، حيث ترشحنا لجائزة أفضل موقع محلي وإقليمي، كما حصلنا على جائزة في مهرجان "ون وورلد ميديا/ One World Media" كأحسن موقع في العالم النامي"، ويتابع عريقات "نحن لا نكتب سخرية فقط، نحن نصنع رأياً، وهذا ما نلمسه من ردود الأفعال، فهناك أناس يتواصلون معنا ويقولون لنا نحن لا نقرأ الأخبار لكن نعرف ما يحدث من موقعكم، ما نقدمه "متفرد" والناس بحاجة لذلك". تجارب يوتيوب عديدة اتسمت بالسخرية حققت نجاحاً كبيرة في العالم العربي في الأعوام الأخيرة، أهمها ربما تجربة الإعلامي باسم يوسف في برنامج "البرنامج"، فاليوم في عصر مواقع التواصل الاجتماعي والصورة، يبقى الفيديو أكثر انتشاراً، فلماذا لم يختار الحدود هذا الطريق؟ يجيب عصام عريقات "نحن لا نريد العمل على مشروع من أجل الشهرة والمال، نحن نريد إيصال ما لدينا من أفكار، وأداتنا التي نمتلكها بشكل جيد هي الكتابة، فاخترنا القيام بما نعرفه بشكل جيد، الفيديو والتحضير له يأخذ وقتاً أكبر، وربما سيستهلك من المضمون على حساب الصورة". خيط رفيع بين السخرية والإهانة "إصدار كتاب (تعلّم الدين من دون معلّم أو قراءة أو فهم أو تفكير)"..  "شاب يؤكد أنه كان ليكون لديه أصدقاء من الأديان والطوائف الأخرى لو لم يكونوا كلّهم، فرداً فرداً، عنصريين".. " شاب متمرد يغادر جروب عائلته على تطبيق واتساب".. "رضيع محظوظ يولد لأهل يؤمنون بالدين الصحيح"..  " السلطات السعودية تلقي القبض على فتاة كاملة عقل ودين".. " حيوان منوي ذكي ينفذ بجلده ويخرج من البويضة قبل أن تُطبق عليه".. عناوين من أبرز ما جاء في موقع الحدود، تنتقد بشكل ساخر تصرفات البعض، لكن هذه الأمور لا يأخذها بعض الجمهور، في كثير من الأحيان، بروحٍ رياضية، إذ عادة ما يتم شتم القائمين على الموقع على وسائل التواصل الاجتماعي عند نشر بعض المواد التي لها علاقة بالدين أو المرأة، وتتناقض مع معتقدات الغير.  فهل هناك رقابة على ما يتم نشره؟  يقول عريقات "الرقابة تكون عادةً قبل نشر المادة، لحظة طرح فكرتها، وهي من أصعب الأمور، لأن هناك خط رفيع جداً بين السخرية والإهانة، وخير مثال على ذلك ما حدث مع مجلة "شارلي إيبدو الفرنسية"، فالمسألة ليست مجرد موضوع مثير يحظى بعدد كبير من القراء، المسألة لا تتعلق فقط بموضوع الدين أو الجنس وحتى السياسة، فكل ما يُنشر مدروس بعناية، وحتى عندما يصلنا رد فعل سلبي نشعر بسعادة، لأن ضميرنا مرتاح بأننا لم نهن أحد". ويضيف عصام عريقات لـ DW عربية: "السخرية هي حقل ألغام، وقد حدث أكثر من مرة أن تصرفت بشكل ديكتاتوي ومنعت نشر بعض الأمور حفاظاً على السلامة الشخصية للفريق، لكن لم يحدث ذلك مرات كثيرة، كما أننا دائماً نعمل على العمل بطريقة متوازنة، فكلما انتقدنا جهة نعمل على انتقاد الجهة المقابلة، فعندما ننتقد السعودية مثلا، ننتقد بعدها إيران، واليوم السيسي وغداً الإخوان...". ويتابع عريقات "النقد متاح للجميع...وأمنيتي أن يكون هناك صاحب فكر سلفي يكتب عن العلمانيين لكن المشكلة أن حسهم الفكاهي "أٌقل".   راما الجرمقاني

مشاركة :