فقدت الشركات الأوربية مبلغاً مُذهلاً لا يقل عن 360 مليار يورو (491 مليار دولار) جراء فواتير غير مسددة في العام الماضي، وتصل مبالغ فواتير الشركات السويسرية التي تبخرت من دون سداد إلى 8.3 مليار فرنك (9.3 مليار دولار)، بعد أن كانت في حدود 7.8 مليار فرنك (8.7 مليار دولار) في عام 2012. ويُمثل الرقم الأوروبي زيادة في العدد الإجمالي للفواتير غير المدفوعة من 3.0 إلى 3.1 في المائة بين عامي 2012 و2013، في حين مثَّل الرقم السويسري زيادة في حدود 500 ألف فرنك (560 ألف دولار)، وهكذا كان على الشركات السويسرية أن تضع في فئة الديون غير القابلة للاسترداد 1.9 في المائة من مجموع قيمة الفواتير التي تم إرسالها للمدينين، بدلاً من 1.8 في المائة في عام 2012. ونتيجة لذلك، فإن 63 في المائة من الشركات الأوروبية، و41 في المائة من الشركات السويسرية التي تم استطلاعها "مقارنة بنسبة 69 في المائة للشركات الأوروبية و36 في المائة للشركات السويسرية في عام سابق" عانت مشاكل في السيولة النقدية الناجمة عن فواتير لم تُسدد، أو تأخر سدادها، وفقا للمؤشر الأوروبي للمدفوعات لعام 2014 الصادر عن شركة إينتروم جوستيسيا، المتخصصة في استحصال الديون. وقال التقرير السنوي العاشر لهذه المؤسسة السويسرية "إنه كانت للديون غير المدفوعة عواقب أيضاً على فرص العمل، فبسبب هذه المشكلة، أوقفت 15 في المائة من الشركات السويسرية التوظيف و10 في المائة قامت بتسريح موظفين، وعلى الصعيد الأوروبي، وللدافع نفسه، أوقفت 40 في المائة من الشركات تجنيد موظفين إضافيين، في حين ذكرت 25 في المائة منها أنَّ خسائرها من استحصال الديون اضطرتها للتخفف من موظفيها". وحتى في ألمانيا، التي تعتبر أهم قوة اقتصادية في أوروبا، رأت 35 في المائة من شركاتها أن الفواتير غير المدفوعة والمتأخرة الدفع، أثرت كبيرا على فصل الموظفين، وهذا الرأي موجود أيضا في أماكن أخرى، بنسبة 30 في المائة من الشركات البريطانية، و28 في المائة في الشركات الإسبانية، و25 في المائة في الشركات الفرنسية. وتقول 55 في المائة من الشركات الأوروبية والسويسرية إنها تُعاني فواتير تُدفع في وقت متأخر، أو حتى لم تسدد، وكانت هذه أعلى نسبة في تاريخ المؤشر الأوروبي للمدفوعات، طبقاً لما جاء في بيانه. وحسب الدراسة، فأكثر الشركات تضررا من عدم السداد هي الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، أي تلك المسؤولة عن الجزء الأكبر للنمو الاقتصادي، طبقاً لما قاله توماس هوتر، مدير إدارة إينتروم جوستيسيا لـ "الاقتصادية". وعن الوضع الاقتصادي، ترى ثلاث شركات أوروبية من كل أربع (72 في المائة) و76 في المائة من الشركات السويسرية أن الديون الضائعة أثَّرت بشكل قاس في نتائجها الاقتصادية. وتم استخلاص نتائج هذا التحقيق من استقصاء موسع أجراه المؤشر الأوروبي للمدفوعات مع نحو عشرة آلاف شركة أوروبية موزعة على 33 بلداً للفترة من كانون الثاني (يناير) إلى نيسان (أبريل) الماضي، وأغلب الشركات التي تم استقصاؤها متخصصة في التسليف، والإقراض بالآجل، والدفع بالائتمان، وغيرها. ويضيف، توماس هاتر، لـ "الاقتصادية"، "تخيل لو أن الشركات الأوروبية تملك مثل هذه الـ 360 مليار يورو سنوياً وتستثمرها في أعمالها بدلاً من إجبارها على تمريرها في سلة الخسارة، لكانت هذه الشركات قد خلقت مزيدا من فرص العمل، ولهذا السبب فإن إدارة الديون بشكل جيد في الشركة أو المصرف هي المفتاح لاقتصاد سليم". وقدمت الدراسة قائمة بالتدابير التي يمكن أن تتخذها الشركات لتحسين تدفقها النقدي ومنع الفواتير من الهرب بعيداً عن صندوق الدفع، من بينها تطبيق مبادئ توجيهية صارمة تحد من المخاطر وترفع من معدل الأعمال، ورصد كل خطوة من خطوات إدارة الائتمان مع إعادة الرصد في كل مرحلة، والتأكد من معرفة العملاء الذين تتعامل معهم، وأن تبرم مع عملائكَ بنداً واضحاً يضمن إلغاء الصفقة على أن تقوم بذلك في أول مراحل التعثر، ودمج أقسام المبيعات، والتسويق، والمحاسبة في مؤسستك مع إنشاء عملية فعالة للفوترة لتجنب إفلات الديون. والمطالبة برصد المعلومات الاقتصادية المتعلقة بالزبائن، ورصد الأهلية المالية للعملاء الرئيسيين، وفحص عناوينهم بانتظام، وتأسيس نظام سريع وفعال للتذكير بالدفع، واتخاذ خطوات فورية لتأمين استرداد الحقوق المالية، في أول إشارة عند تعثر السداد.
مشاركة :