لم تستبعد النائبة عن محافظة نينوى ساجدة الأفندي، أن تقف وراء الخبر الذي نشرته وكالة «إيرنا» الإيرانية أول من أمس، المتعلق بتلقي الحكومة العراقية رسالة من الولايات المتحدة عبر سفارتها في بغداد بشأن تحرير قضاء تلعفر، دوافع سياسية هدفها «الضغط على حكومة العبادي كي تسمح بمشاركة (الحشد الشعبي) في تحرير المدينة والدخول إليها».وتقول النائبة، وهي من أهالي تلعفر، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف مدى صدق ادعاءات الوكالة الإيرانية، لكن يبدو أن الإيرانيين وصلتهم رسالة من أصدقائهم في (الحشد)، مفادها عدم سماح الحكومة العراقية لجماعات (الحشد) بدخول مدينة تلعفر، والالتزام بالبقاء خارجها كما اتفق عليه منذ انطلاق العمليات العسكرية في عموم نينوى». وتؤكد الأفندي أن «أغلب الاتفاقات التي حدثت قبل وبعد انطلاق المعارك في نينوى عموما تصب في اتجاه عدم دخول فصائل (الحشد) إلى داخل المدن والبقاء على أطرافها».وكانت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا»، كشفت أول من أمس عن تلقي الحكومة العراقية رسالة من الولايات المتحدة عبر سفارتها في بغداد بشأن تحرير قضاء تلعفر الواقع بين الموصل والحدود السورية، وأن واشنطن طلبت من بغداد إيقاف عمليات تحرير القضاء بـ«ذريعة» تعرض القوات العراقية إلى قصف تركي في حال دخولها إليه.ويرى مراقبون أن نذر الصراعات المحلية والإقليمية في قضاء تلعفر الذي تحاصره من ثلاثة اتجاهات قوات من «الحشد الشعبي» تلوح في أفق المدينة مع قرب انطلاق عملية تحريرها النهائي من «داعش».وتؤكد النائبة ساجدة الأفندي، أنها «تتفق بنسبة مائة في المائة» مع وجهة النظر التي تشير إلى الرغبة الإيرانية في الحصول على ممر لها عبر محافظة ديالى شرق العراق مرورا بمحافظة نينوى وقضاء تلعفر إلى الأراضي السورية، لكنها لا تتمنى أن تكون تلعفر «مدينة صراع نفوذ إيراني - تركي تذهب الناس ضحيتها». وبرأيها، فإن معركة تلعفر ستكون في كل الأحوال صعبة جدا لجهة أنها «منطقة (داعش) الأخيرة وسيستميت في الدفاع عنها»، لكنها ترى أن دخول قوات الحشد الشعبي «سيعقد الأمور، وستسوى المدينة بالأرض، بخاصة مع تهديدات سابقة أطلقها (الحشد) لأهالي تلعفر» وغالبيتهم من التركمان المنقسمين طائفيا إلى سنة وشيعة.ولم تلتزم الحكومة العراقية الصمت حيال الخبر الذي نشرته الوكالة الإيرانية، لكن اللافت أن البيان التوضيحي بشأن الخبر صدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وليس عن مجلس الوزراء، ونفى البيان صحة الخبر، مؤكدا أنه «لا وجود لأي رسالة أميركية بخصوص تلعفر إلى الحكومة العراقية».إلى ذلك، كشف النائب عن محافظة نينوى، عبد الرحمن اللويزي، عن أسباب سياسية أدت إلى تأجيل معركة تلعفر، وكان يفترض أن تنطلق قبل 12 يوما، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 12 يوما كان يفترض أن تنطلق عملية تحرير تلعفر، لكنها تأخرت نتيجة الأوضاع الجوية، ثم تأجلت، نتيجة تدخل مفاجئ، وصار القرار باتجاه تحرير منطقة الحضر البعيدة عن كونها منطقة نفوذ وصراع إقليمي». ويؤكد اللويزي، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي ربما أجل معركة تلعفر لأنه «لا يريد الانجرار وراء معركة هامشية في تلعفر، ولا يريد تعقيد الأمور ويذهب للحرب في مناطق نفوذ وخلافات سياسية في هذا الوقت من المعارك».وبرأي اللويزي، فإن «هناك تبادلا للأدوار بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية بشأن معركة تلعفر، خلفيتها منع النفوذ الإيراني». ويتحدث اللويزي بمرارة حول «الخيارات المحددة لدى سكان المناطق المتنازع عليها»، ويقول: «نحن أضعف الأطراف، لكن دخول (الحشد) خلق نوعا من توازن القوة بين العرب والقوى المدعومة من أربيل وتركيا».من جانبه، دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، أمس، شيوخ ووجهاء عشائر قضاء تلعفر إلى توقيع «وثيقة عهد» قابلة للتنفيذ تتضمن إجراءات لحماية العلاقة فيما بينهم من أي «عبث»، وتقدم بحلين أساسين لمعالجة الأوضاع بعد طرد تنظيم داعش. واستنادا إلى البيان الصادر من مكتبه، فإن الحل الأول، يأتي عن طريق «الحلول العشائرية والاجتماعية، من خلال التفاهمات التي تقومون بها كزعماء للعشائر»، ويرتكز الحل الثاني، وهو ما استعصى من هذه المشكلات، على «القضاء للبت فيه».وقال الجبوري: «ندرك حراجة وحساسية ما جرى في تلعفر، ونرى أن المبادرة منذ هذه اللحظة للم الشمل والتفاهم بين العشائر في تلعفر أصبحت ضرورة لازمة، ومن المهم أن نمضي إلى صيغة تحفظ عيش المكونات في هذه المدينة التي تنعم بالتعدد».
مشاركة :