مع تنفيذ أول تهجير للمعارضة من العاصمة السورية منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ستة أعوام، اقترحت موسكو على مجلس الأمن تبني اتفاق مناطق «وقف التصعيد»، الذي اشترطت حليفتها دمشق لاستمراره عدم وجود أي دور للأمم المتحدة أو أي قوات دولية في مراقبة تطبيقه. على وقع حدوث أكبر انتهاك منذ تطبيقه قبل ثلاثة أيام، قدمت روسيا إلى مجلس الأمن مقترحاً لتبني اتفاق «مناطق خفض التصعيد» في سورية، الموقع بالعاصمة الكازاخستانية «أستانة» يوم الخميس الماضي بينها وبين شريكتها طهران وأنقرة، الداعمة لفصائل المعارضة. ووفق مصدر في البعثة الروسية في منظمة الأمم المتحدة، فإن مشروع القرار يرحب بمذكرة «أستانة»، ويدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بنظام وقف إطلاق النار الموقع في أواخر 2016، كما يدعو الدول المعنية كافة إلى المساهمة في تنفيذ الخطة الروسية لإقامة أربع «مناطق خفض التصعيد» في سورية، بحسب وكالة «نوفوستي». وأكد المتحدث باسم البعثة الروسية فيودور سترجيجوفسكي تقديم مشروع القرار، ولم يقدم أي تفاصيل إضافية، وأفادت وكالة «إنترفاكس» نقلاً عن مصدر في الأمم المتحدة بأن «التصويت على مشروع القرار قد يتم هذا الأسبوع». وبحسب مذكرة الاتفاق، سيصار في مناطق تخفيف التصعيد إلى «وقف أعمال العنف بين الأطراف المتنازعة (الحكومة والمعارضة الموقعة على الهدنة) بما في ذلك استخدام أي نوع من السلاح، ويتضمن ذلك الدعم الجوي». وعلى طول حدود هذه المناطق، سيتم إنشاء «مناطق أمنية» تديرها قوات من الدول الضامنة وتُنشأ فيها الحواجز ومراكز المراقبة، على أن يتم «نشر أطراف أخرى في حال الضرورة»، وسيتم العمل على وصول المساعدات الإنسانية والطبية وتأهيل البنية التحتية ووضع الظروف المناسبة لعودة اللاجئين والنازحين الراغبين، وفق المذكرة. دور دولي وفي أول تعليق له على الاتفاق، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس رفض دمشق «أي دور للأمم المتحدة ولا لقوات دولية في مراقبة حسن تنفيذ المذكرة»، التي تشمل ثماني محافظات سورية من أصل 14 توجد فيها فصائل المعارضة، محذراً من أن النظام سيعتبر أي قوات أردنية تدخل سورية «معادية»، لكنه ذكر أن «المواجهة مع الأردن ليست واردة». وقال المعلم، في مؤتمر صحافي، إن الضامن الروسي أكد أنه سيتم نشر قوات من الشرطة العسكرية، وليس قوات دولية تحت إشراف الأمم المتحدة، لاسيما أن مدة الاتفاق هي ستة أشهر قابلة للتمديد في حال اتفق الأطراف على ذلك، مضيفاً: «نحن سنلتزم ولكن إذا جرى خرق من قبل أي مجموعة فسيكون الرد حاسماً». وأعرب المعلم عن أمله في أن يحقق الاتفاق الفصل بين المجموعات المنضمة لاتفاق وقف إطلاق النار في 30 ديسمبر الماضي وبين «جبهة النصرة» والمجموعات المتحالفة معها وكذلك «داعش»، معتبراً أن من المبكر الحديث عن نجاح تطبيق الاتفاق من عدمه وأن «هناك الكثير من الأشياء لمناقشتها في دمشق». الإجلاء وفي أول عملية إجلاء للفصائل من دمشق منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ستة أعوام، بدأ مقاتلون معارضون ومدنيون أمس، على متن 40 حافلة باتجاه الشمال السوري». وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن «أربع حافلات انطلقت إلى خارج حي برزة، فيما يواصل المقاتلون والمدنيون المقرر خروجهم في هذه الدفعة الصعود إلى الحافلات المتوقفة في القسم الغربي من الحي». ومن المقرر، وفق التلفزيون الرسمي أن «يستكمل خروج باقي المسلحين على مدى خمسة أيام» على أن «تبدأ تسوية أوضاع الراغبين في البقاء في الحي». وفي حين لم يحدد التلفزيون عدد الذين سيتم إجلاؤهم الإجمالي للراغبين بالخروج من برزة، أوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن أنه «من المقرر خروج ما بين 1400 الى 1500 شخص في إطار الدفعة الأولى»، مشيراً إلى أن «غالبيتهم من المقاتلين مع عائلاتهم» وسيتم نقلهم إلى محافظة إدلب. وتأتي عملية الإجلاء في إطار اتفاق تم التوصل إليه بين الحكومة وأعيان في حي برزة، يقضي بخروج الراغبين من مقاتلي الفصائل بسلاحهم الفردي وعائلتهم من الحي. مفاوضات جنيف وخلال مؤتمره الصحافي، اعتبر وزير الخارجية أن المصالحات هي البديل عن العملية السياسية في جنيف التي لم تفض عن أي تقدم خلال ست سنوات من النزاع، مؤكداً أنها «جرت في مناطق عدة واليوم بدأت مصالحة برزة ونأمل القابون تليها وهناك مخيم اليرموك الذي تجري حوارات بشأن تحقيق إخلائه من المسلحين». وتسيطر القوات الحكومية على كامل دمشق باستثناء ست مناطق، تسيطر فصائل معارضة وإسلامية مع جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) على خمسة منها، فيما تسيطر الأخيرة وكذلك تنظيم «داعش» على أجزاء من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق. وشهد حي برزة معارك عنيفة بين الفصائل المعارضة والجيش السوري عامي 2012 و2013 مع اتساع رقعة النزاع المسلح في سورية، إلى أن تم التوصل إلى هدنة عام 2014 حولته إلى منطقة مصالحة. كر وفر وفي وقت سابق، خرجت أول دفعة من مصابي «هيئة تحرير الشام» من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق في إطار اتفاق المدن الأربع (الزبداني ومضايا وكفريا والفوعة)، مقابل خروج 19 حالة صحية حرجة من بلدتي كفريا والفوعة بإدلب. وفي أكبر انتهاك لاتفاق أستانة، أكد المرصد سيطرة قوات النظام ليل الأحد- الاثنين على قرية الزلاقيات في ريف حماة الشمالي المشمول بتخفيف التصعيد، موضحاً أن ذلك جاء بعد معارك كر وفر متواصلة لليوم الثالث على التوالي.
مشاركة :