دعا أكاديميون وباحثون في الشأن الإيراني الدول العربية والخليجية إلى التعامل مع إيران وفق خطط استراتيجية واضحة المعالم وليس بردود الأفعال، محذرين من سياسة التوسع التي ينتهجها النظام الإيراني من خلال التدخل السافر وتصدير الثورة. وخلال ورشة عمل بعنوان: «المؤسسة العسكرية في إيران بين الدولة والثورة» أقيمت في العاصمة السعودية الرياض قالت رئيسة مركز الإمارات للسياسات الدكتورة ابتسام كتبي: «إن إيران جار بحكم الجغرافيا، وفهم النخبة الإيرانية مطلوب من العرب والخليجيين، وذلك ضمن دراسات معمقة وليست أحكاماً غوغائية». وأضافت: «منذ أن استأنفت الدولة الصفوية عام ١٩٧٩ أخفق النظام الإيراني في بناء الدولة الأم التي تستوعب مكونات المجتمع المتعدد الأعراق والديانات والطوائف». وتابعت: «تبنت الدولة الإيرانية مشروع المركزية الإيرانية الذي أخرج نظريات كبرى أثرت في سياسات إيران الخارجية، أولها هي (المهدية)، التي تحدث عنها ولي ولي العهد خلال لقائه بالتلفزيون السعودي أخيراً، وتقوم النظرية على تثوير الأوضاع في المنطقة والعمل الحثيث على التمهيد لخروج المهدي المنتظر». وزاد: «ثاني النظريات التي يقوم عليها النظام الإيراني هي (أم القرى) التي يحاول من خلالها جعل نفسه مركزاً للعالم الإسلامي وهي رؤية حالمة يحاول النظام من أجلها دعم الشيعة بالخارج ليخلق له تبعية لا تتأثر بما يحدث داخل إيران من اضطرابات ومشكلات ولينصب النظام الإيراني نفسه مدافعاً عن الشيعة، وأن ما يتعرض له هو بسبب أنه (شيعي) فقط». واستطردت الأكاديمية الإماراتية حديثها بصراحة قائلة: «مع الأسف وأنا عضوة في المجلس الاستشاري في مجلس التعاون الخليجي، أرى أننا نتعامل مع إيران بردود الفعل وليس بخطط استراتيجية واضحة المعالم». مفندة ذلك بقولها: «إذا ذهبت إيران إلى أفريقيا ذهبنا، وإذا ذهبت إلى آسيا ذهبنا، ماذا لو خرجت منهما؟ نخرج»؟ واختتمت حديثها خلال الجلسة الأولى من الورشة المتخصصة في الشأن الإيراني قائلة: «إيران ليست بعبعاً، وهي قوية بسبب ضعفنا وعدم وجود سياسة خليجية موحده تجاهها، وفي الوقت نفسه فهي تنشر التشيع السياسي من خلال التعامل مع حركات غير شيعية»، موضحة أن الفرصة مازالت قائمة لاحتواء التصعيد وإزالة التوتر قبل أن تتجه المنطقة إلى «الجحيم»، بحسب وصفها. فيما قال الباحث اللبناني الدكتور رضوان السيد خلال الورشة: «إنه من سوء الحظ أن يكون اهتمامنا بإيران قائم على مخاوف وليس على دراسات استراتيجية». وأضاف: «أصل مصيبتنا ليس في إيران ولكن بسبب فشل تجربة المشروع العربي في عدد من الدول كالعراق وسورية ومصر». في حين، قال القائم بالأعمال في السفارة السعودية في النمسا الدكتور يحيى شرحيلي: «إيران تنتهج التوسع من خلال التدخل السافر وتصدير الثورة». وأضاف متناولاً الحرس الثوري: «مؤسسة الحرس الثوري تسعى إلى تصدير الثورة وحماية النظام وقمع المواطنين من خلال الباسيج». وتابع: «يستحوذ الحرس الثوري على قطاع كبير من الاقتصاد الإيراني من خلال عدد الشركات التي تتجاوز الـ100 شركة وتمتد سلطته إلى تعيين سفراء تابعين له بالخارج كالسفير الإيراني الذي عين أخيراً في العراق، كذلك تم تمكين الحرس الثوري الإيراني وتجاهل الجيش النظامي الإيراني الذي همش بمقابل النفوذ الواسع للحرس الثوري». وأردف: «تدخلت إيران في ١٢ دولة عربية وعملت على تأسيس خلايا إرهابية فيها واحتلت أربعة بلدان من خلال الطابور الخامس وهي الحرب بالوكالة التي تنتهجها طهران». واختتم حديثة عن الإجراءات الدفاعية التي من المفترض أن يتخذها المجتمع الدولي ودول الخليج على وجه التحديد، مؤكداً أنها تتمثل بإصدار عقوبات على بيع السلاح لإيران وتطبيق القرار رقم ٢٢٠١ وحظر جميع شركات الحرس الثوري والملاحقة القانونية لقادة الميليشيات الإيرانية. ووفقاً لرئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية الدكتور محمد السلمي وهي الجهة المنظمة للورشة، فإن الورشة تأتي في ظل تسارع الأحداث وتشابكها وفي إطار ضرورة فهم الآخر وقدراته وإمكاناته وتقويم نقاط قوته وضعفه وأدواته المباشرة وغير المباشرة. وأضاف: «شارك بالورشة نخبة من الخبراء والباحثين والقيادات العسكرية في المنطقة الخليجية والعربية للوصول إلى صورة واضحة وقراءة علمية رصينة لواقع المؤسسة العسكرية في إيران في إطاري الدولة والثورة. وكان دار نقاش صريح بين الحضور على مدى ثلاث جلسات عن أسباب تمكين إيران في مناطق الاضطرابات وطرق التخلص من النفوذ الإيراني في المنطقة وكيفية استخدام إيران للمذهب الشيعي، ودرس عميق لمكونات المؤسسات العسكرية في إيران وأهمها الحرس الثوري.
مشاركة :