التجربة كانت مُغرية بالنسبة لي لمُحاولة الإجابة عن السؤال المُحيّر حول محتوى بعض المجالس والكنب الذي يتم تفصيله عند بعض «محلات» الأثاث المُنتشرة في شوارعنا، والتي تُديرها العمالة الآسيوية غالباً، بعد أن كثر الحديث عن استخدام بعض هذه «المحلات» لرجيع الإسفنج المُستخدم، والخشب القديم الذي يتم بيعه في الحراج و»محلات» الأثاث المُستعمل، وإعادة خياطته وتبطينه، وبيعه على أنه أثاث جديد. البداية كانت من أحد «المحلات» التي تقدم خدمة تفصيل كل أنواع ( الكنب - الجلسات - الستائر )، عرفت منه أنه يتم تجهيز الطلبية بالقرب من حراج بن قاسم وسط الرياض، فالعمالة الموجودة في هذه «المحلات» أشبه ( بمندوبي التفاوض ) مع الزبون، ومعرفة المقاسات والتصميم والألوان ورقم الأقمشة المطلوبة، أمَّا التصنيع فتلك قصة أخرى أبطالها عمال آخرون، يقدمون الخدمة لأكثر من معرض أو محل، وأماكن تواجدهم معروفة في أحواش ومستودعات مُخصصة لذلك خلف أسواق ( حراج بن قاسم ) القديم .. لم يكلفني الأمر سوى جولة بسيطة بالسيارة في الجزء الغربي من الحراج، حيث يوجد العديد من الأحواش المُغلقة من الخارج والتي لا يُمكنك معرفة أنَّ بداخلها مصانع بدائية وورش لتصنيع وتفصيل الأثاث، إلا إذا رأيت سيارات تحميل الكنب الجاهز أمامها، أو لاحظت وجود أكوام من الكنب والمجالس القديمة والإسفنج المُستعمل مرمٍ بالأكوام استعداداً لإعادة استخدامه من جديد، والتفصيل بالشكل المطلوب الذي يرغبه الزبون، والذي لا يعلم أنَّ الأثاث الجديد الذي تم تفصيله له، ينطبق عليه مثل ( من برا الله الله، ومن جوا يعلم الله ) فأغلبه مليئ بالإسفنج والخشب القديم الذي قد ينقل الأمراض والجراثيم، وربما أخرج روائح كريهة، فالبطانة والأقمشة الجديدة التي اختارها الزبون - لا تكفي ولا تتناسب - مع السعر الذي يتم بيع الأثاث به، وهذا غش واضح وتدليس يجب الانتباه له والقضاء عليه في كل موقع، بإلزام كل معرض لتفصيل الأثاث أن يُفصح عن المصنع الذي يتعامل معه، والمكان الذي يتم فيه التصنيع، بما يضمن استخدام ( خشب وإسفنج ) جديد ومضمون .. ثمة أسئلة هنا تبحث عن إجابة ؟ هل البلدية على علم بهذه المواقع ؟ وهل هي مُرخصة أصلاً لتفصيل الأثاث وتصنيعه؟ وهل العمالة التي تتخذ من هذه الأحواش سكن ومصنع في ذات الوقت نظامية أم مُخالفة ؟ الأمر لن يكلف البلدية سوى جولة مُماثلة لتكتشف الأمر وتُعالجه .. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :