لم يُفاجئني التصرّف - التلقائي - للمُصلي وهو يُخرج هاتفه من جيبه بين كل (تسليمه) وأخرى ليتفقد المكالمات المفقودة، وربما ألقى نظرة سريعة على الواتس، وتويتر، قبل أن يعود مرة أخرى ليلحق بما بقي من الركعة، وأحمد الله كثيراً أن الأمر لم يتطور ليصل (لسنابه عابرة) تثبت أنه بين يدي ربٍ غفور، والله يرحمنا برحمته! التعلّق بهواتفنا لم يعد أمراً اختيارياً، بل هو تصرف (مؤذٍ) لا نشعر به، يعكس صورة سلبية وخاطئة عنّا، مفادها عدم الاهتمام بمن حولنا، وفيه تقليل من قيمة وشأن المحيطين بنا في المجالس، والمكاتب، وغرف النوم، بل وحتى عند قيادة السيارة، على اعتبار أنه من أبسط حقوقنا الشخصية، ولا يحق الاعتراض على ذلك، مهما كان نوعية الحديث أو المكان الذي نجلس فيه؟! على ذمة صحيفة وول ستريت وجدت بلدية مدينة (تشونغتشينغ) الصينية (حلاً) لكثرة تصادم المارة ونشوب الشجار والعرك بينهم، بتخصيص (رصيف خاص) للمنشغلين (بتصفّح هواتفهم) أثناء المشي! عدوى العبث بالهاتف الذكي، والانشغال بتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي تجتاح كل المجتمعات تقريباً، ووصلت إلى استوديوهات نشرات الأخبار؟ ولعل الحادثة الأخيرة لغضب مشاهدي قناة (BBC البريطانية) تؤكّد ذلك؟ عندما ظهرت مذيعة الأخبار على الشاشة وهي تعبث بهاتفها قبل أن ترحب بالمشاهدين وتقرأ النشرة، (جوانا غوسلينغ) حاولت تدارك الأمر بسرعة - وكأن شيئاً لم يكن - بذات الطريقة التي نفعلها عندما يأتي دورنا للمشاركة في حديث داخل اجتماع أو (مجلس ما) ونحن منشغلون بهواتفنا، إلا أن تعليقات الاشمئزاز والغضب من المُشاهدين لاحقتها، بحسب ما أوردته (دايلي ميرور)! مؤخراً أعلن العلماء عن مرض جديد اسمه (عنق الرسائل)، وهو عبارة عن (ألم وانحراف) في الجزء العلوي من العمود الفقري نحو (الرقبة)، نتيجة الانحناء (للتمعن) في شاشة الهاتف! ما تخلّفه هذه (العادة السيئة) من أمراض اجتماعية ونفسية أكثر من ذلك بكثير, سنسمع عن المزيد من هذه الأمراض قريباً؟! وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :