أكد المتحدثون في الندوة التي نظمتها لجنة الشأن العام بالغرفة تحت عنوان «انعكاسات الميزانية العامة على الاقتصاد المحلي» على أهمية خصخصة عدد من الخدمات الحكومية ومنح القطاع الخاص مساحة اكبر في عملية التنمية الاقتصادية، بالاضافة إلى ادراج جميع ايرادات الدولة في الميزانية العامة؛ من أجل تحقيق نقطة التعادل في الميزان التجاري البحريني التي يصعب حاليا تحقيقها من خلال الاعتماد على الايرادات النفطية بسبب تراجع اسعار النفط، خصوصا مع التوقعات التي تشير الى استمرار التراجع في اسعار النفط لفترة غير معلومة، بالإضافة إلى فتح المجال أمام القطاع الخاص ليأخذ القيادة في الإقتصاد الوطني لرفع جزء كبير من الإنفاق عن كاهل الحكومة. وقال النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو ان الدين العام الذي تعاني منه البحرين ليس وليد اليوم، أو وليد أزمة انخفاض اسعار النفط الحالية، بل إنه بدأ منذ عام 2009، حيث كانت نسبته تتراوح بين 7 إلى 9% من إجمالي الناتج القومي، إلا أن ما يميز العجز في السنوات الأخيرة هو تفاقم حجم الدين العام ليصل إلى 18% من إجمالي الناتج القومي، مشيرا إلى أن الرقم مخيف جدا. وأضاف فخرو أن الإنفاق الحكومي لم يعد يتساوى مع الإيرادات في البحرين، لذلك تضاعف حجم الدين 3 مرات عن السنوات السابقة، لافتا إلى أن الحلول المطروحة حاليا سيكون لها تأثير بسيط لكنها ليست كافية لكبح الدين العام، خصوصا وأن إيرادات النفط لم تعد توفي باحتياجات البلد، والأمر ذاته ينطبق على الضرائب والرسوم التي فرضت وستفرض لاحقا. وعن تأثير الدين العام على الأجيال القادمة قال فخرو ان حكومة البحرين تؤمن بالتنمية المستدامة التي تعني أنه لا يجوز للجيل الحالي التعدي على حقوق الأجيال القادمة، واعتماد مبدأ التنمية المستمرة جيلا بعد آخر، مضيفا بأن ما يقوم به الجيل الحالي هو تحميل الجيل القادم 5 مليارات دينار عجوزات في الميزانية العامة، بالإضافة إلى تمويل مشاريع أخرى خارج الموازنة إذ يصل العجز عند ذلك إلى ما يقارب 10 مليارات دينار، والمشكلة ليست في قيمة العجز وحده بل أيضا في طريقة سداده، إذ أنه منذ أول اقتراض للحكومة في 1977 وحتى الآن يتم سداد القروض بقروض جديدة، وهذا يؤكد عدم وجود خطة واضحة لمعالجة العجز في الميزانية، الأمر الذي سيؤثر على الأجيال القادمة بكل تأكيد. ومن جانبه، قال عضو مجلس النواب أحمد قراطة إن الدين العام في البحرين يسير بوتيرة مرتفعة جدا، متوقعا أن تشهد ميزانية 2017 عجزا يتراوح بين 3.5 إلى 4 مليارات دينار إذا ما تم وضع سعر النفط على 50 إلى 55 دولارا للبرميل الواحد، أي أن سعر التعادل في هذه الحالة سيكون 133 دولارا للبرميل. وأشار قراطة إلى أن مجلس النواب قدم عدة حلول ومقترحات، منها تقديم 38 توصية لتنمية الإيرادات الحكومية لحلحلة الوضع الحالي والتي تساهم في كبح الدين العام، كما أشار إلى أن المجلس طالب بإدخال جميع إيرادات الدولة ضمن الميزانية العامة لتحقيق التوازن بين الإنفاق والإيرادات، لافتا إلى أن هناك 89 مصروفا مقابل 30 إيرادا، أي أن هناك فارقا كبيرا بين المصروفات والإيرادات، مبينا أن هناك 47 شركة منضوية تحت مظلة ممتلكات، بالإضافة إلى 17 مؤسسة وهيئة حكومية لا تدخل إيراداتها ضمن الميزانية العامة للدولة، مضيفا أنه في حال تم إدراج هذه الشركات والمؤسسات الحكومية ستتغير المعادلة سيكون هناك 89 مصروفا مقابل 90 إيرادا حيث سيتحقق التوازن في هذا الوضع. وأشار قراطة إلى أن تفرد الحكومة بقرار توجيه الدعم عن بعض السلع والخدمات لم يكن قرارا موفقا من ناحية تأمين إيرادات تساعدها على سد جزء من العجز في الميزانية، موضحا بأن مجلس النواب كانت له رؤية في هذا الشأن بحيث يتم البدء في توجيه الدعم من الحجم الأكبر إلى الأصغر، حيث كان الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر يصل إلى 1.5 مليار دينار في الميزانية العامة 2013-2014، وكان دعم الغاز يشكل 446 مليون دينار، والنفط ومشتقاته 311 مليون دينار والكهرباء 315 مليون دينار، وكنا نأمل أن تبدأ الحكومة في توجيه الدعم لهذه الخدمات والسلع إلا أنها اختارت بشكل منفرد البدء في اللحوم. أما النائب الأول لرئيس الغرفة رجل الأعمال خالد الزياني فقد أشار إلى أن الحكومة مطالبة بمنح مساحة أكبر للقطاع الخاص من خلال تخفيف القيود عليه للمشاركة بقوة في التنمية الاقتصادية. وأضاف الزياني بأن القرارات التي تتخذ من دون مشاورة أصحاب الشأن تساهم في الكثير من الأحيان في تفاقم الأزمات الاقتصادية، مشيرا إلى أن فرض رسوم 5% على المواد الاساسية للصناعة والمستوردة من الخارج، بالاضافة إلى فرض 5% على التصدير، وهذا يعد قتلا للصناعة وتصدير الاستثمارات للدول المجاورة. وأكد الزياني بأن القطاع الخاص قادر على قيادة العجلة الاقتصادية متى ما منح الفرصة وتركت الحكومة التعقيدات البيروقراطية. وعن القيمة المضافة وتأثيرها قال الزياني بأن نسبة الضريبة قليلة جدا وبالكاد تغطي كلفة الجهاز المكلف بتحصيل الضريبة، لذلك كان من المفترض أن تكون النسبة أعلى من ذلك. وتحدث رجل الأعمال أسامة البحارنة عن دور القطاع الخاص أيضا في إعادة رسم الهيكلة الإقتصادية للبلد، مؤكدا أن الحكومة مطالبة بالابتعاد عن البيروقراطية وأن تتخلى عن منافسة القطاع الخاص في الاستثمار، وأن توازن بين تقليص الانفاق ودعم الاقتصاد. وأشار إلى أنه يجب على الحكومة خصخصة بعض هيئاتها وخدماتها مثل الصحة والتعليم وأن لا تكون منافسا للقطاع الخاص بل تجعله يعمل وتتحول من الجانب الاستثماري والاعتماد على مصادر ضريبية وترك الاستثمار للقطاع الخاص.
مشاركة :