مبادرةٌ عمانيَّةٌ كويتيَّةٌ تستحقُّ الإشادة -من وجهة نظري الشخصيَّة-. المبادرة جمعت بين شركتين وطنيَّتين متخصِّصتين في أنشطة النفط، من إنتاج وتكرير وغيره. الأولى هي شركة عُمان للنفط OOC، وهي ذراعُ سلطنة عُمان للاستثمار في الطَّاقة والقطاعات المرتبطة بالطَّاقة. أمَّا الشركة الثانية فهي شركة النفط الكويتيَّة الدوليَّة (الذراع الدولي لشركة النفط المحليَّة). أمَّا هدف الشراكة فهو تطوير مصفاة دقم ومجمعها للبتروكيماويات.وهنا لا بدَّ من التوقُّف عند مسألتين مهمَّتين. الأولى: عن غياب الشريك الأجنبيِّ، بصفته صاحب الخبرة والمعرفة Know How، والذي عادةً ما يفوز بالخير الوفير عبر فرض شروطه، التي تصبُّ غالباً في مصلحته، مستغلاً حاجة الطرف المحليّ (الفعليَّة أو الوهميَّة). وهي -للأسف- ممارسة قديمة، عسى أن تختفي للأبد من مجتمعاتنا الخليجيَّة. ولذلك سيُمثِّل هذا المشروع العُماني تحدِّيًا كبيرًا، ومهمَّةً ليست سهلةً. ولكن من الواضح أنَّ الطرفين قد درسا الموضوعَ بدقَّةٍ وقرَّرا أنَّ الوقت قد حان للاعتماد على خبراتنا الخليجيَّة، التي تراكمت عبر عقودٍ من الزمن، ولا بدَّ أنَّها قد أينعت، ونضجت بما يكفي للاستغناء عن الأجنبيِّ، وإن كان من غير المستبعد الاستعانة به عبر توظيف خبرات عالميَّة، أو عن طريق عقودٍ جانبيَّةٍ مؤقتة لتنفيذ مهام محدَّدة.المسألة الثانية: عن الذراع الدوليَّة لشركة النفط الكويتيَّة، وغياب ذراع مشابهة لشركة النفط الوطنيَّة (أرامكو السعوديَّة)، بالرغم من فارق الحجم المهول في الأصول والخبرات، والتاريخ والموارد!! صحيح أنَّ لأرامكو حضورًا دوليًّا، لكنَّه في صور شراكات تجاريَّة أكثر من كونه شراكةً نوعيَّةً كالذي تمَّ بين الكويتيَّة والعُمانيَّة. لم أسمع يومًا عن مبادرة لأرامكو السعوديَّة لبناء مصفاة دون شريكٍ أجنبيٍّ، أو في أحسن الأحوال مقاول أجنبيّ يستأثر بالتقنية والمعرفة، ويفوز بعقود ملياريَّة مهولة تستمرُّ حتَّى بعد التَّشغيل سنواتٍ عديدةً.وفي ظل الخصخصة الجزئيَّة المزمعة، فهل نتوقَّع أن تغزو أرامكو السعوديَّة هذه الميادين المهمَّة اقتصاديًّا والمؤثِّرة معرفيًّا وتقنيًّا ومعنويًّا، ولننتقل من دور المنتج والبائع، إلى دور الخبير الرائد، كما هو حال شركات النفط العالميَّة من شاكلة أكسون موبيل، وشل، وتوتال، وحتَّى الأصغر منها مثل بتروناس الماليزيَّة؟سؤال يتكرر منذ أمد، ولم يجب عليه أحد!!
مشاركة :