مع اقتراب نهاية ولاية البرلمان اللبناني الحالي ستدخل البلاد في أزمة سياسية ستكون الأخطر منذ الحرب الأهلية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق.العرب [نُشر في 2017/05/11]السياسيون اللبنانيون لا يزالون ملتزمين باحتواء التوترات الطائفية بيروت- يقف لبنان على حافة أزمة سياسية جديدة حيث يختلف سياسيوه على قانون انتخابي في قلب النظام الطائفي بالبلاد مما يهدد بحدوث فراغ تشريعي لأول مرة. وتنتهي مدة ولاية البرلمان الحالي في 20 يونيو. وما لم يتم التوصل إلى اتفاق فستدخل البلاد في أزمة سياسية وصفها وزير بأنها ستكون الأخطر منذ انتهاء الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990. ويعتقد بعض المحللين أن مخاطر الفراغ التشريعي، بما في ذلك خطر التسبب في إسقاط الحكومة، ستجبر الفرقاء على التوصل إلى اتفاق تسوية، وإن كانت لم تظهر بعد أي علامة تدل على ذلك. ويبدو الآن أن التمديد لمجلس النواب إلى ما بعد 20 يونيو بات أمرا لا يمكن تجنبه لإتاحة المزيد من الوقت للتوصل لاتفاق، وإن كان ما يطلق عليه اسم (التمديد التقني) لبضعة شهور سيتطلب أيضا اتفاقا سياسيا. واستبعد الزعماء التمديد لفترة أطول وسط قلق من حدوث أثر معاكس بين الجماهير يمكن أن يسبب اضطرابات. وقال وزير المالية علي حسن خليل "هذه أخطر أزمة يمر بها البلد بعد اتفاق الطائف" في إشارة إلى الاتفاق الذي أقر عام 1989 والذي أنهى الحرب الأهلية. وتابع "ولأول مرة، حتى قبل الطائف، نقترب من الفراغ، نصل إلى مرحلة حتى حدود الفراغ". إلا أن احتمالات العودة للحرب الأهلية تبدو بعيدة. فالسياسيون اللبنانيون لا يزالون ملتزمين باحتواء التوترات الطائفية التي تفاقمت بسبب الحرب الدائرة في سوريا منذ ست سنوات. ويتمثل الخطر الأكبر في حدوث شلل لمؤسسات الدولة في وقت تحاول الحكومة فيه إنعاش اقتصاد يكبله دين عام ضخم ويسعى للتأقلم مع عبء 1.5 مليون لاجئ قدموا من سوريا. هواجس الموارنة تتوزع مقاعد البرلمان المؤلف من 128 نائبا بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين بموجب اتفاق الطائف الذي قلص سلطة المسيحيين من خلال تخفيض عدد مقاعدهم في البرلمان وحد من صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني. كما وسع الاتفاق من صلاحيات رئيس الوزراء وهو موقع يتولاه مسلم سني في إطار نظام تقاسم المناصب الطائفي، ويتولى رئاسة مجلس النواب مسلم شيعي. ويوجد المسيحيون الموارنة، الذين كانوا يوما القوة المهيمنة، في صميم النزاع. ويقول زعماؤهم إن القانون الذي جرت الانتخابات الأخيرة على أساسه يجعل كلمة المسلمين أساسية في اختيار النواب المسيحيين. ويطالب التيار الوطني الحر، الذي أنشأه الرئيس ميشال عون وهو أكبر حزب مسيحي في لبنان، بوضع قانون يعيد رسم الدوائر الانتخابية بحيث يتسنى للناخبين المسيحيين اختيار عدد أكبر من المقاعد المسيحية. وعندما تولى عون سدة الرئاسة في أكتوبر ل الماضي في إطار صفقة سياسية أنهت فراغا رئاسيا استمر عامين ونصف العام وقادت الزعيم السني سعد الحريري إلى رئاسة الوزراء، قال إن وضع قانون انتخابي جديد هو إحدى أولوياته. وجرت آخر انتخابات برلمانية في لبنان في عام 2009. ومنذ ذلك الحين تأجلت الانتخابات مرتين حيث اختار النواب التمديد لأنفسهم بدلا من معالجة الخلافات الأساسية المنبثقة عن كيفية إجراء الانتخابات. ويقول البعض إن منطق التيار الوطني الحر طائفي جدا، فالنظام الحالي ساعد على إقامة تحالفات سياسية على أسس طائفية. وقال عون في بيان مكتوب صادر عن الرئاسة "إن موقفنا من قانون الانتخاب ليس طائفيا، بل نحاول أن نرد أكبر عدد من الحقوق إلى أصحابها". وقوبلت معظم الاقتراحات التي قدمها جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية، وهو أيضا صهر عون، بالرفض من معظم الأحزاب الأخرى بما في ذلك حلفاؤه في حزب الله الشيعي القوي. جنبلاط يريد "صفقة كاملة" وقال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة ألقاها هذا الشهر إن المسيحيين والدروز لديهم هواجس من القانون أكثر مما لدى السنة والشيعة مضيفا أن البعض يعتبر المسألة "حياة أو موت" ولا بد من التوصل إلى اتفاق. وقال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إنه إذا لم يكن هناك اتفاق فإن الانتخابات يجب أن تجري وفقا للقانون الحالي لتجنب الفراغ. وأضاف أن المشرعين غير قادرين حتى الآن على إيجاد مخرج من "الحلقة المفرغة". وفي إطار المساعي الرامية للتوصل لاتفاق وسع السياسيون المحادثات لتشمل إمكانية إنشاء مجلس شيوخ الأمر الذي نص عليه اتفاق الطائف على أن يكون رئيسه درزيا. غير أن هذه النقطة أصبحت هي أيضا موضع خلاف. وقال جنبلاط "نحن نفضل أن نلتزم بهذا الاتفاق ونريد من شركائنا الآخرين أن يتفهمونا. من الأفضل الاتفاق على رئاسة مجلس الشيوخ حتى يكون لدينا صفقة كاملة".
مشاركة :