بينالي الشارقة.. نصوص بصرية عابرة للثقافات

  • 5/12/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن ضمن سعي بينالي الشارقة 13 لعالمية الفنون وفي إطار عنوانه العريض «تماوج» شكلت أعمال عدد من الفنانين العالميين المشاركين في دورته الجديدة الجديدة اشتغالات مهمة تدور حول فكرة العنوان، ويرصد هذا التقرير أعمال عدد من الفنانين الذين انطلقت أعمالهم من البيئة كمرتكز يطرح جملة التغيرات التي أصابت عدة أمكنة في العالم، بين زمنين أو تاريخين مختلفينالعنصر المشترك الثاني في هذه الأعمال فهو مزاوجتها بين أعمال الفيديو والتصوير الفوتوغرافي من جهة، ومن جهة أخرى حرص الفنانين على تقديم بانوراما متنوعة من الإبهار البصري، الذي يحيل على قراءات مختلفة ضمن حراك ومفهوم الفن بوصفه نصاً بصرياً يطرح رؤى عديدة قابلة للحوار والمناقشة.نتوقف عند عمل «أنار كيولوجي» للفنان الألماني كريستوف كيلر الذي يعمل ويعيش في برلين، وهو عبارة عن فيديو عالي الجودة بالأبيض والأسود.الأمازون الشاسعة هي بيئة هذا العمل، بوصف كريستوف كيلر مهتماً أيضاً بعلم الآثار، فيدرس عدداً من البقايا والآثار القديمة، محاولاً أن يربط علاقة ما بينها - أي الآثار - التي كانت في الماضي تصور واقعاً ثقافياً وحضارياً يشكل علامة على توسع الامبراطوريات القديمة، هذه الامبراطوريات التي تركت ما يود كريستوف كيلر أن يسميه نصوصاً مكتوبة، حيث يجيء عمله ليرسم حدود العلاقة ما بين الماضي والحاضر ضمن مستويات عدة تمزج بين الرواية الشخصية والأسطورية عن المكان.يركز كريستوف كيلر على أسطورة «يانومامي» التي تتحدث عن أصل الكائنات فيرسم صورة بالأبيض والأسود هي عبارة عن مسار رحلة في أعماق الأمازون، الذي ينتهي بلقطة فيديو عبارة عن جسر أسمنتي معاصر هو الدال الوحيد على تلك الآثار الغابرة.وإلى حد مشابه يجيء عمل الفنانة السويسرية أورسولا بيمان «غابة الفضاء» وهو عمل فيديو تركيبي شاركها في صنعه المعماري وخبير التخطيط باولو تافاريس، ويشتمل على خرائط ومستندات ووثائق تؤرخ للحظة تاريخية في بيئة على حدود غابات الأكوادور المطيرة، حيث نقطة التقاء نهر الأمازون مع جبال الأنديز، يقرأ العمل البيئات المختلفة لهذه المنطقة بوصفها أولاً بيئة طبيعية ذات تضاريس حيوية تمزج بين الصحراء والجليد والمياه، وثانياً بوصفها أصبحت حقلاً لاستخراج النفط والمعادن.هذه المقارنة مسنودة بعدد من الوثائق والخرائط التي يسلط الفيديو الضوء عليها في محاولة لإبرازها كمنطقة تحتل مساحة شاسعة تتوزع على جغرافيا ممتدة على طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، وقريبة من سبع دول هي: الأرجنتين والإكوادور وبوليفيا وبيرو وتشيلي وكولومبيا وفنزويلا.وقريباً من هذه الفكرة أيضاً يمكن رصد ما قدمته الفنانة الكرواتية «هانا ميليتش» التي تعمل وتعيش في بروكسيل في عملها «أعمال مختلفة»، الذي هو عبارة عن (نسيج صوف منسوج يدويا)، ميليتش في هذا العمل تهتم بحرفة نسيج الصوف، وهي مهنة نسوية تراثية في مقارنة مع أحداث الواقع المعاش.العمل في الأصل هو عبارة عن سلسلة من الصور الفوتوغرافية، التي تعرض لقطات متوالية من الصوف في هيئات مختلفة، تنتهي بالنسيج الذي هو في واقع الأمر وسيط جديد في مرآة الواقع المعاش.هذا التحول بين صورتين أو مستويين بين الصوف والنسيج، إنما هو في الواقع يلخص صورة ذهنية عن مآل تلك العادات والتقاليد التي استمرت في التحول، وأصبحت قابلة للنقاش في ضوء دراسة نفسية وسوسيولوجية بين واقعين أو زمنين مختلفين.باولا يعقوب، فنانة لبنانية تقدم أعمالها في كل من بيروت وبرلين.. وقد رأت في عملها المقدم للبينالي وهو بعنوان «أتمتة سبيل كتّاب» أن ترصد تحولات العمارة وقيمتها الوظيفية كمصدر للحفاظ على الثقافة وإنتاج الثقافة.يستعرض عملها الأبنية التي تعود إلى القرنين الرابع والخامس عشر الميلاديين، حيث القاهرة القديمة من خلال ما كان يعرف ب «السبيل والكتاب»، ويتألف العمل من نافورة وهي السبيل الذي يقدم الماء للمارة بالمجان، بالإضافة إلى مدرسة لتعليم القرآن وهو الكتاب.يعقد العمل مقارنة صريحة بين القاهرة الحديثة حيث التوسع العمراني والسياحي، وبين ما كان في السابق ويتسم بصبغة أخلاقية، غير أن هذه المقارنة تلفت من ناحية أخرى إلى الصورة المغلوطة التي رسمها المستشرقون عن البلاد العربية والإسلامية، في محاولة منها لتقدير ذلك الماضي وإبرازه على نحو يليق به من دون إضافات مبالغ بها.أما ديبورا بوينتون وهي فنانة جنوب أفريقية تعيش في كيب تاون فتميل في عملها «أركاديا» إلى تقديم قراءات مختلفة لأشخاص في وضعيات مختلفة، الإضاءة المسلطة على الشخوص ترصد علاقتهم بالبيئة من حيث هي بيئة رعوية حيث المناظر الطبيعية الفسيحة، إلى جانب هذه الصورة الثابتة البارزة في لوحة كلاسيكية ثمة بعد آخر تحاول بوينتون أن تبرزه ويتعلق بقيم روحانية تؤول إلى حالة من التناغم بين الإنسان والطبيعة.

مشاركة :