بينالي الشارقة.. مسارات بصرية ترصد تحولات الواقع

  • 5/7/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن تنسجم الأعمال المشاركة في بينالي الشارقة 13 الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون مع ثيمة هذه الدورة «تماوج»، حيث يفيد التماوج تغيراً في الشكل والطاقة والمادة، هذا التغير يناظر ما تطمح إليه فكرة البينالي الجديد من تقديم أعمال ترصد ظاهرة التغير العالمي في مستوياته الاجتماعية والبيئية والسياسية والاقتصادية، ولكون هذه الأعمال تنتمي في مجملها إلى تياري الحداثة والمعاصرة، فقد انفتحت على أشكال وتجارب فنية قدمت مشهداً بصرياً مبتكراً، يتكئ على جملة من الأساليب والتوجهات الفنية، التي تتخذ الشكل وسيلة للعبور أو لتمرير أطروحات ومفاهيم، خرجت من إطار التقليد، حيث يجد المشاهد نفسه أمام مجاميع متنوعة من التراكيب والوسائط والمواد المختلفة من صور فوتوغرافية، وأعمال فيديو، ونحت، وعمارة، وخطوط وغيرها. يلفت النظر في بعض الأعمال المشاركة في البينالي، اعتمادها على مزيج من التراكيب والصور والرسوم التي ترصد مفارقات الحياة اليومية، وبعض هذه الأعمال شكل فيها الضوء عنصراً مهماً، فيما شكل الماء في أعمال أخرى ركيزة لطرح مجموعة من الأفكار، وشكلت الصور الفوتوغرافية في أعمال أخرى وسيلة لاستنطاق مفاهيم وأفكار ذات محمولات فلسفية على تخوم الحياة المعاصرة التي نعيشها اليوم.عرضت ماندي الصايغ التي تعمل وتعيش في لندن عملاً تركيبياً متعدد الوسائد جاء بعنوان «تخوم العمل» وفكرته الرئيسية تظل تطرح أسئلة حول المعنى، هذا المعنى الذي يتدفق في التركيبات المختلفة من الأوراق والألواح والخيوط والنصوص المكتوبة بالعربية والإنجليزية وغيرها، والفنانة ماندي في هذا العمل تقدم تركيباً جريئاً لجهة تدريب عين المشاهد على الملاحظة، وكذلك تدريب يده من خلال لمس أجزاء العمل على تكوين صورة ذهنية جديدة، على «تخوم العمل» أو تخوم المعنى بوصفه محايداً وقابلاً لدلالات عدة.«كسور الضوء من خلال أنابيب النيون»، هو مقترح تركيبي قدمته الفنانة التركية دينيز غل، التي تعيش في إسطنبول من خلال تجربتها «أعمال مختلفة»، العمل في مجمله بني على أساس مفاهيمي، وهو يتكون من ثلاثة أجزاء نحتية، تعرض في مبنى «الطبق الطائر» بالشارقة، وقد جمعت فيه الفنانة مجموعة من تجاربها السابقة والحديثة، لتطرح من خلالها «وظائف الشكل وأوهامه» - كما تقول- وهنا يجد المشاهد نفسه مشدوداً لسلسلة لا نهاية لها، من الافتراضات، ما بين السطوح المشكلة لهذا العمل، على شكل كسور رياضية وحقول وأشكال تصور انعكاس الضوء على أمكنة ليلية من واقع المدينة «إسطنبول».. الفكرة في هذا العمل التركيبي تتمثل في رفض الانصياع لأي معنى مفروض من الخارج.التصوير الفوتوغرافي مع الرسم، هو أسلوب لتأمل العلاقة بين التجربة البصرية والذاكرة والحركة في عمل الفنانة الأمريكية دانيال جنادري التي تعيش في بيروت. غير أن المهم أكثر في عمل جنادري الذي جاء بعنوان «أعمال مختلفة» هو اتخاذها من عنصر الماء وسيطاً أو عنصراً مهماً، بغية اكتشاف التأثير الذي يتركه الشكل في مدركاتنا الحسية، الشكل هو كتلة من الصور والرسوم والمشاهد، التي تخوض في علاقة خاصة محورها الزمن، ولنقل يشكل الزمن بعداً مهماً في تشكيل إحداثيات تعاطينا مع المشهد، الضوء في هذا العمل يتجسد مادياً أو كوسيط، يربط ما بين سطحه، أي سطح العمل وما يمكن اقتراحه من قضايا وموضوعات تتشكل من خلال اشتراك العقل ومدركات الحواس المختلفة.اشتراك الرسم مع الفيديو ومواد أخرى، يظهر في عمل تركيبي يضيء على مفارقات الحياة اليومية، كما هو في عمل الفنان والكاتب والمؤرخ الجزائري الأصل ماسينيسي سلماني المقيم في مدينة تور الفرنسية، جاء عمله بعنوان «مسافات غير متوقعة» وهو يتكون من رسوم وصور ارتكزت على وسائط الميديا الحديثة، حيث الأوراق الشفافة والتراكيب التي تخوض في التأمل، تأمل المكان والزمان والحركة والطاقة وغيرها. وسلماني فنان يجمع بين الكتابة والموسيقى، وهو معروف بحواراته مع فنانين وفلاسفة وممثلين عالميين. ويقدم أيضا في البينالي عملاً بعنوان «مناديل القلق» يتضمن رؤية معاصرة من حيث طروحاتها الفكرية، وهي رؤية كما كتب عنها «تقع خارج الإنتاج أو الفهم الجماهيري». الطريف في عمله اعتماده على مادة الورق، وبشكل خاص مناديل الورق التي تستخدم في المطاعم، حيث قام بتلطيخها بالألوان، والخربشة عليها، وهو بالضرورة عمل مفاهيمي يتوخى عقد مقارنة بين مستويين من مستويات التذوق الفني، المناديل الورقية المأخوذة من المطاعم في صورتها الأولى، هي دليل ترف ومستوى اجتماعي مرموق، فيما هي في حالتها الثانية دليل عجز، ويمكن استعادتها في المعمل، وفي الشعور الذي يتكون من لحظة المشاهدة والتأمل. الهجرة ومتابعة مساراتها التاريخية، هي شكل من أشكال التحول، التي تنسجم مع فكرة البينالي، هنا يقدم اللبناني روي سماحة وهو مخرج وفنان عملاً يسبر أغوار العلاقة ما بين الصورة والذاكرة والتاريخ، يركز فيه على موجات الهجرة المتعاقبة في منطقة جغرافية تمتد ما بين بيروت وأزمير وساحل إيجة التركي، مروراً بقرية الميناء، وهي قرية تقع شمال غرب تركيا، متوجهاً إلى مدينة متيليتي اليونانية، يلاحظ مشاهد هذا العمل المنتج بواسطة الفيديو شريطاً من الصور المتحركة التي تنعكس في مخيلة المشاهد برؤى وأفكار تسلط الضوء على حقبة زمنية عتيقة في التاريخ.

مشاركة :