قال ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، في تصريحات أمس إنه «من المبكر إطلاق استنتاجات نهائية» بشأن تحسّن العلاقات مع الولايات المتحدة بعد محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في واشنطن.ورأى المتحدث باسم الكرملين أن «حقيقة بدء الحديث بحد ذاتها عنصر إيجابي دون شك»، وأعرب بيسكوف عن قناعته بأن «استقبال ترمب للوزير لافروف أمر إيجابي». وفي إجابته على سؤال «هل يمكن الحديث عن عودة الدفء في العلاقات الثنائية بعد زيارة لافروف إلى واشنطن؟»، قال المتحدث باسم الكرملين إنه رغم وجود تفاؤل، لا «يمكن الحديث هنا عن تفاؤل حذر، لأن هناك حجما كبيرا من العمل» لتحسين العلاقات. وأكد أن وزير الخارجية الروسي سلم الرئيس ترمب رسالة من بوتين، موضحا أن محادثات لافروف مع المسؤولين الأميركيين «جاءت استكمالاً للمحادثات بين الرئيسين الأميركي والروسي، خلال اتصالهما الهاتفي الأخير». ولم يحمل وزير الخارجية الروسي رسالة رد من ترمب لبوتين، وفق ما أكد يوري أوشاكوف، معاون الرئيس الروسي.ويصف كثيرون في موسكو المحادثات التي أجراها الوزير لافروف في الولايات المتحدة بأنها خطوة أولى، لكن غاية في الأهمية على درب تجاوز الخلافات بين البلدين، وإطلاق تعاون بينهما في شتى المجالات. وعكست تصريحات لافروف عقب محادثاته في واشنطن، حجم الرغبة الروسية بالتطبيع مع الإدارة الأميركية الحالية، إذ تجاهل وزير الخارجية الروسي في تلك التصريحات حقيقة وجود خلافات مع الإدارة الحالية في ملفات هامة وحساسة تؤثر بصورة مباشرة على آفاق العلاقات الثنائية، وذهب إلى تحميل إدارة أوباما كامل المسؤولية عن تدهور العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. وقال لافروف إن «المستوى الحالي للعلاقات بين البلدين لا يدعو إلى السرور»، معربا عن قناعته بأن «سبب الأزمة يعرفه الجميع جيداً، وهو ممارسات الإدارة الأميركية السابقة».في المقابل، ثمّن لافروف محادثاته مع ترمب ووزير الخارجية الأميركي، وأثنى عليهما، مضيفا أن «ترمب أكد بوضوح اهتمامه ببناء علاقات منفعة متبادلة عملية وبراغماتية (مع روسيا) وحل المشكلات» بين البلدين.وفي التعليقات من الجانب الأميركي على نتائج محادثات لافروف في واشنطن، قال ألكسندر فيرشبو سفير الولايات المتحدة السابق في موسكو، إن الحوار على المستويات الرفيعة بين البلدين أمر ضروري لنزع التوتر، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن «التباينات في المواقف بين موسكو وواشنطن كبيرة جداً، ولن يكون من السهل حلها». وتوقف فيرشبو في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» عند الخلافات حول الأزمة الأوكرانية، وربط بين إلغاء العقوبات ضد روسيا بسبب الأزمة هناك بجهود روسيا والقوى الخاضعة لها في شرق أوكرانيا لتنفيذ اتفاقيات مينسك.وفي الشأن السوري، لم تؤد محادثات لافروف إلى تغيير في الموقف الأميركي، لا سيما فيما يخص مصير الأسد، إذ أعلن البيت الأبيض أن الرئيس ترمب أكد على أهمية التعاون مع موسكو، وتحديداً كي تكبح نظام الأسد وإيران والميليشيات التابعة لها. وفي غضون ذلك، تحاول واشنطن النأي بنفسها عن مفاوضات آستانة، وتتمسك بمنصة جنيف لتسوية الأزمة السورية. وهذا ما أكده جورج كرول، السفير الأميركي في كازاخستان، حين قال إن الولايات المتحدة ستشارك في مفاوضات آستانة لكن بصفة مراقب، مشيراً إلى أن واشنطن تدعم «عملية جنيف برعاية الأمم المتحدة لتسوية النزاع في سوريا».ومن الملفات الخلافية أيضاً، قضية العقارات الروسية في الولايات المتحدة التي تمتلكها الدولة الروسية وحجزت عليها السلطات الأميركية بموجب قرار العقوبات الذي تبنته إدارة أوباما في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2016. وفق ما أشارت إليه صحيفة «كوميرسانت». وشمل القرار حينها طرد عشرات الدبلوماسيين الروس من الولايات المتحدة. ونقلت صحيفة «كوميرسانت» عن الوزير لافروف قوله في هذا الشأن إن قضية العقارات حاضرة في المحادثات مع الأميركيين، وشدد على أن الحديث يدور عن عقارات تؤكد الوثائق الأميركية أنها ممتلكات روسية، وأعاد إلى الأذهان أن «بوتين قال حين صدرت تلك العقوبات إن روسيا تملك الحق في الرد»، موضحاً أن «روسيا لم ترد لأنها لا تريد أن تتصرف وفق ما يريد منها أولئك الذين يحاولون زج العلاقات الأميركية –الروسية في دوامة يصعب الخروج منها». كما أعرب عن أمله بالتوصل إلى حل لهذه القضية، دون تصعيد في العلاقات مع واشنطن.
مشاركة :