القاهرة: «الخليج» يمثل الفنان رفيق اللحام أحد أوائل الرواد في الفن التشكيلي في الأردن، وهو أحد أبناء عمان، الذين عشقوها عشقاً صوفياً، إذ عاش طفولته مع بدء نشأة المدينة الحديثة، وهو يعد أيضاً شاهداً على الحركة التشكيلية الأردنية، فقد واكبها منذ بدايتها، وأسهم في دفعها، وفي تجميع الفنانين في أول ندوة لهم عام 1952 بعنوان «ندوة الفن الأردنية».وفي كتابه «محمد رفيق اللحام الشاهد والتجربة»، يقدم محمد العامري تجربة اللحام، التي يتطلب الإلمام بها جهدا كبيرا، فهي من أطول التجارب الفنية في الأردن، ويعتبر بحق شيخ الفنانين الأردنيين، ويتناول الكتاب هذه التجربة التي تمتد من عام 1945 إلى عام 2000، فمنذ البدايات والفنان يعمل جاهدا على تطوير أدواته الفنية، بشتى السبل، لإيمانه الشديد بأهمية البحث والتجريب.تميزت تجربته بالتشعب في شتى الاتجاهات فقد اشتغل في مجال المدرسة الكلاسيكية والتعبيرية الألمانية والتجريدية والتكعيبية، مستخدماً شتى التقنيات إلى جانب تنوع الموضوعات المتناولة، وهذا التشعب يقودنا إلى أكثر من مساحة لدراسة هذه التجربة الممتدة إلى نصف قرن من العمل الجاد والدؤوب في مجال الفن التشكيلي، وقد انعكست هذه الخبرات الهائلة على مستوى الأداء الفني لديه.تناول اللحام موضوعات متنوعة في رسوماته كالحياة الشعبية والبدوية، والحرف اليدوية السائدة في الأردن وفلسطين، وكذلك استطاع أن يوظف الموروث الإنساني الجمالي في لوحاته: سجاد، نسيج، زخارف بدائية، نقوش، رموز، تعاويذ..الخ، وقد حظي المكان في أعماله باهتمام كبير، حيث رسم البتراء والقدس في أكثر من منظور واتجاه فني، وأخذت جماليات البتراء منه جانباً كبيراً في التعبير عن ذلك، فرسمها ضمن تنويعات لونية وإيقاعية مستفيداً من تكويناتها الرائعة، على صعيد المساحة العرضية والأفقية.وحضرت مدينة القدس في معظم أعماله، فقد رسمها أكثر من 100 مرة من جوانب ومساقط مختلفة، مستفيدا من الجماليات المعمارية والزخرفية الموجودة فيها.ويوضح الكتاب أن هامش المدينة لديه (المحيط) يظهر كمكمل للمشهد البصري المرسوم، فمركز اللوحة هو المدينة نفسها، حيث تبدو مدينة القدس دائما كعنصر راسخ وثابت في تكويناته، والهوامش هي المتحولة والمتحركة، وكأنه يبث رسالة إيمانية إلى العالم، ليشير إلى خصوصية القدس جمالياً وروحياً ومدى تأثيرها في الإنسان العربي.وكما يرى اللحام فإن للقدس «مكانة مميزة في قلب كل فنان، ودائماً أكرر القول إنه لو أن فناناً عاش عشرين عاما يرسم هذه المدينة لوجد في كل يوم موضوعات أو زاوية جديدة ليرسمها»، ورغم رسوماته المتعددة فإن اللحام يقول: «إلى الآن لم أرسم القدس كما أريد».
مشاركة :