تحقيق:عايدة عبدالحميد تتزايد شكاوى المراجعين للمستشفيات الحكومية والخاصة باستمرار، من طول الانتظار في المنشآت الصحية، وتأخر المواعيد الطبية للمرضى في المستشفيات الحكومية لمدد تزيد على 3 أسابيع وتصل إلى 60 يوماً، إضافة إلى أسباب رفض تقديم المواعيد أو تأجيلها للمرضى، وعدم إعطاء مرضى القلب والكلى وأصحاب الأمراض المزمنة أي أولوية في المواعيد.وشكا مراجعون ل «الخليج» من الانتظار في أقسام الحوادث والطوارئ، الذي يصل أحياناً ساعات قبل الدخول إلى الطبيب المعالج، وفي ظل الجهود الحثيثة التي توليها وزارة الصحة ووقاية المجتمع لتقليص فترات الانتظار في العيادات، وتسريع دورة العمل في حجز مواعيد المرضى في العيادات الخارجية للمستشفيات التابعة لها، يعاني المرضى أوجاعهم وأمراضهم الجسدية، ويضاعف الانتظار معاناتهم والتي لها تأثير سلبي معنوي عليهم.وبرغم سعي العديد من الجهات الإدارية في المنشآت الصحية للحد من هذه المشكلة، بتقديم خطط مدروسة والاستعانة بالأنظمة الإلكترونية مثل «وريد» للوصول إلى الحل الأمثل لتنظيم مواعيد المرضى والمراجعين والتخفيف من الضغط الناجم عن الازدحام، ظلت هذه المشكلة قائمة من دون الوصول إلى حلول ناجعة لها.وأكد عدد من مسؤولي المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة، أن الإجراءات الكثيرة التي تتخذها الهيئات الصحية، في استقدام الكوادر الطبية إلى الدولة والتي قد تطول مدتها إلى ما يقارب 6 أشهر للترخيص للأطباء. الانتظار الطويل وصف أحمد خالد معاناته، وقال إن الانتظار على أبواب العيادات الطبية يصبح أحياناً أشبه بالدوام الوظيفي، وقد اضطر في أحد المستشفيات ذات مرة للانتظار من 11 صباحاً حتى الخامسة مساء، منوهاً إلى أن المستشفيات الحكومية معاناتها أكبر من الخاصة في هذا الأمر.وأضاف أن خدمات المستشفيات دائماً جيدة، إلا أن مشكلة المواعيد هذه معاناة حقيقية خاصة للمرأة الحامل وللطفل الذي لا يستطيع تحمل الآلام، وقال إن أفضل حل لهذه المشكلة هو الربط الإلكتروني للمستشفيات بعيادات خارجية تسهم في التخفيف من ضغط الازدحام والمواعيد. في اليوم التالي واستذكرت هند ناصر، ألم معاناتها في أحد المستشفيات حين تعرّضت ذات مرّة لأعراض مفاجئة وآلام مبرحة، واصفة وضعها بأنه كان أشبه بالاحتضار، وعقب وصولها لأحد المستشفيات الحكومية وانتظارها لما يزيد على ساعة طلبوا منها أن تعود في اليوم التالي، وحين عادت احتاجت إلى أكثر من ساعتين لإنهاء التحاليل كافة، قبل الدخول إلى الطبيب لتكتشف أخيراً أنها أعراض الحمل.ولم تكن عذيجة النقبي بأوفر حظاً منها، وقالت بانزعاج واضح إنها اضطرت في أحد المستشفيات الخاصة ذات مرة إلى أن تنتظر ست ساعات متواصلة من التاسعة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر لمقابلة الطبيبة النسائية، وظل زوجها معها طوال هذه الفترة، مؤكدة أنه بعد انتظارها الطويل ودخولها على الطبيبة لم تلق الاهتمام اللازم في الفحص ، ما زاد من سوء وضعها النفسي، واضطرها للذهاب لمستشفى آخر، ونوهت إلى أن السيدة الحامل تحتاج إلى مراجعات دورية، في حين أرجعت سبب هذا الازدحام إلى تفضيل النساء الحوامل للطبيبات على الأطباء الرجال، لخصوصية وضعهن. اختلاف اللغة ظلت أم عمر الحاي تنتظر في إحدى العيادات بمستشفى حكومي حاملة على ذراعها ابنتها ذات الثلاثة أعوام في مراجعة لها لدى الطبيب، وقالت إن انتظارها طال لأكثر من ساعة، وعقب ذلك رأت أنّ الحل الأمثل لتجنب هذه المشكلة،هي أن تذهب لمستشفى خاص معيّن لا يعاني الازدحام على عياداته، ولا يعاني مطلقاً مشكلة الانتظار.ولعل اختلاف اللغة بين المريض والطبيب هو سبب التأخير والازدحام، بهذه الكلمات قالت ندى الحاج إن هناك مراجعين ومرضى لا يتفهّمون وجود بعض الحالات التي تحتاج لفحص أطول أكثر من حالات أخرى لدى الطبيب، إضافة إلى الازدحام على طبيب معين عن آخر بسبب سمعته الجيدة، كما أن اختلاف اللغة أحياناً بين المريض والطبيب بسبب تعدد الجنسيات في الدولة، في محاولة لإيجاد التواصل، يؤدي إلى زيادة مدة المعاينة.وأضافت أنه وفي أحيان كثيرة يضطر الطبيب لإلغاء مواعيد لديه أو تأجيلها ينتظر أصحابها في قاعة الانتظار، بسبب استدعائه لحالة طارئة توجب وجوده فوراً. ارتفاع مفاجئ وتساءل عمر البناي الذي يعاني ارتفاع نسبة السكر في الدم عن مصير مريض السكري الذي تكون نسبة السكر في الدم عنده غير مستقرة، وكثيراً ما يتعرض لارتفاع مفاجئ أو انخفاض مفاجئ في نسبة السكر بالدم، وعلى المريض الانتظار لحين أن يأتي موعده الذي غالباً ما ينتظر بضع ساعات لمقابلة الطبيب المعالج، وهل سيتم كسر النظام المعمول به في العيادات الخارجية من ضرورة أخذ موعد سابق في الحالات المستحقة أم لا؟ورأى أحمد المنصوري أن التأمين الصحي سبب في تفاقم هذه المشكلة التي صار من خلالها العديد من الناس يتوجهون إلى الأطباء بسبب وبغير سبب، وأرجع مشكلة الازدحام وفوضى المواعيد أيضاً إلى ازدياد الكثافة السكانية في الدولة، ذاكراً أنه قبل سنوات قليلة لم تكن المنشآت الصحية تعاني هذا الضغط عليها بخلاف الآن. ضياع للوقت اعتبرت فوزية المازم أن فترات الجلوس الطويلة في انتظار مراجعة الطبيب أصبحت ضياعاً للوقت، كما أن طول الانتظار ينعكس سلبياً على صحة المريض، وقالت إنها تحضر إلى المستشفى حسب موعدها تماماً، ولكن لا تدخل عند الطبيب إلا بعد ساعات على الأقل!وتضيف أن بعض النساء يكون معهن أطفال صغار فيضيقون ذرعاً ويصرخون ما يسبب إزعاجاً في صالة الانتظار.وأشار طارق الشريف إلى أنّ اللوم يقع على عاتق الموظفين أنفسهم في المستشفى، الذين لا يبدون تعاوناً وتواصلاً مع المراجعين والمرضى، ما يزيد من ثقل الجو العام في قاعة الانتظار، في حين لو توجّه الموظف إلى المريض بين الحين والآخر وقدم اعتذاراً عن التأخير، وأوضح له أنه موضع اهتمام، لشعر المريض بالأهمية وارتاح قليلاً من ثقل الوقت عليه. مصلحة المريض تعليقاً على شكاوى المرضى والمراجعين للعيادات الخارجية والأقسام، لاسيما قسم الطوارئ بالمستشفى من طول الانتظار والازدحام، حيث إن بعضهم أكد أنه في بعض الأوقات لا يحصل على فرصة لرؤية الطبيب، أكد د. عارف النورياني المدير التنفيذي في مستشفى القاسمي بالشارقة، أهمية دور خدمة العملاء في التواصل مع المرضى والمراجعين، وقال: إننا في مستشفى القاسمي نؤمن بأن مصلحة المريض فوق كل الاعتبارات، وينبغي أن يكون صوته مسموعاً، لذا فإننا ندعو المرضى للتواصل معنا لنتعرّف إلى ما لديهم من ملاحظات أو مقترحات أو شكاوى، وبالتالي العمل على مساعدة هؤلاء المرضى وتلبية احتياجاتهم، وصولاً إلى هدفنا الأسمى وهو تمكين المريض من الحصول على المعلومات التي يريدها والرعاية الصحية التي يحتاج إليها في الزمان والمكان المناسبين.وأوضح أن أهم الأسباب التي تتسبب في مشكلة انتظار المرضى، يرجع إلى التصور والتوقع لدى المريض، فحين يقدم أحد المرضى على حجز موعد أوّلي له عليه أن يعيد تثبيته على حسب النظام القائم في المستشفى قبل الدخول إلى الطبيب، بينما يعتقد العديد من المرضى أنّ بمقدورهم الدخول مباشرة إلى الطبيب بمجرد اتصالهم لمرّة واحدة لحجز الموعد، دون أن يعيدوا تأكيده بعد مرور فترة زمنية معينة، فيفاجؤون أثناء مراجعتهم أنّ الموعد تمّ إلغاؤه لأنهم لم يعاودوا تثبيته.وقال إن إدارة المستشفى قامت باتخاذ إجراءات من شأنها تعزيز قدرات المستشفى وتجاوز إحدى أهم المشاكل المتعلقة بإمكانية الحصول على موعد جديد في العيادات التخصصية ،ضمن المعايير والمؤشرات المعتمدة في الوزارة، وطرأ بالفعل تحسن في معدل وقت الحصول على المواعيد معظم العيادات الخارجية في المستشفى بنسبة تفوق 90%، ويتم إرسال رسائل نصية بالمواعيد للمرضى، وأنه تم حالياً إعطاء المريض الجديد للعيادات الخارجية مواعيد جديدة، في مدة لا تتجاوز الأسبوعين والعمل جارٍ لتخفيفها إلى وقت زمني أفضل.وأوضح أن بعض الحالات المتمارضة التي لا تشكو شيئاً، تأتي إلى الطوارئ تضييعاً للوقت، وبعضهم يعتبره نوعاً من التواصل الاجتماعي للدردشة في القسم، والمستشفى يتعامل مع هذه الشرائح كافة، إضافة إلى الأطفال والنساء والولادة التخصصية، والمستشفى يستقبل الحالات الحرجة بسرعة لا تقل عن أي مستشفى داخل الدولة، ففي أقل من نصف ساعة يتم إدراك حالات الذبحات القلبية، وهو رقم عالمي لفتح الشرايين، وهو يتطلب تحاليل، ويعد إنجازاً للتعامل مع جلطات الدم الحادة، أيضاً في ما يتعلق مع حوادث السير في أقل من 5 دقائق، وإذا كانت الحادثة في حجم كارثة، فهناك تفعيل لفريق الطوارئ الذي يكون مستعداً لذلك طوال 24 ساعة. عدم التزام المرضى أرجعت آمنة علي كرم مديرة مستشفى الكويت في الشارقة، السبب الرئيسي في مشكلة المواعيد الطبية إلى النمو السكاني المطرد والمكانة المتميزة التي تمتلكها مستشفيات وزارة الصحة ووقاية المجتمع، حيث شكلت ضغطاً على المستشفيات الحكومية خاصة في ما يتعلق بالمواعيد، أضف إلى ذلك إلى عدم التزام المرضى بمواعيدهم المقررة مسبقاً، حيث يمر المريض على الطوارئ، ويأخذ موعداً لدى الاستشاري، ولكنه لا يعود نسبة لارتفاع تكلفة العلاج، وهناك مرضى يسافرون إلى مسقط رأسهم لمواصلة علاجهم لعدم قدرتهم على سداد فواتيرهم.وقالت: إن هناك عدم وضوح لمفهوم أقسام الطوارئ لدى المرضى مراجعي هذه الأقسام، فالبعض يتصور أن قسم الطوارئ في المستشفيات يعني الخدمة السريعة والمستعجلة وعدم الانتظار، والملاحظ أن أغلب المرضى يصلون إلى المستشفيات ويطلبون مراجعة طبيب عيادة الطوارئ، وهم يعانون أعراضاً بسيطة مثل الصداع الخفيف أو ألم بسيط في الظهر أو البطن أو الشعور بنزلة برد خفيفة أو السعال وغيرها من الأمراض، وهذه الحالات هي التي تشكل النسبة الكبرى من مراجعي عيادات الطوارئ في المستشفى. إجراءات ناجحة من جهته أوضح د. عيسى إبراهيم المعلمي مساعد مدير المستشفى للشؤون الفنية بمستشفى الكويت، أن مشكلة المواعيد باتت تؤرق مراجعي المستشفيات وطالبي خدماتها وتعانيها معظم المستشفيات الحكومية في مختلف دول العالم.وقال إن هناك سلسلة ناجحة من الإجراءات اتخذتها الوزارة في مستشفى الكويت بالشارقة، لتطوير العمل بالمستشفى والارتقاء به مما يساهم في حل مشكلة المواعيد الطبية، حيث تم تغيير نحو 80% من الأجهزة الموجودة في المستشفى بأخرى حديثة ومتطوّرة، كما تم تجديد ثلاث غرف عمليات بعد تركيب الأجهزة الحديثة، وصيانة وتحديث الأرضيات والأسقف، وتركيب شبكة كهرباء جديدة، لافتاً إلى أنه تم توفير أسرّة جديدة لغرف العمليات، يستوعب الواحد منها شخصاً يصل وزنه إلى 500 كغ.وأضاف د. المعلمي: كما تم تطوير وتحديث أقسام العناية المركزة بإدخال مناظير حديثة، وتوفير سبعة أسرّة للمرضى أصحاب الحالات الحرجة في القسم، كما تم تحديث قسم العلاج الطبيعي وإدخال أجهزة حديثة فيه، وهو ما يمثل نقلة نوعية لهذا القسم. نظام التراخيص بدوره قال د. كريم خان الرئيس التنفيذي لأحد المستشفيات الخاصة، إن نظام التراخيص لدى الهيئات الصحية، وما يتطلبه من إجراءات قد تصل إلى عدة شهور في حال عدم اكتمال الأوراق المطلوبة لاستقدام الكوادر الطبية من خارج الدولة، هو أحد أهمّ الأسباب في الحيلولة دون الوصول لحل نهائي لمشكلة الانتظار والازدحام في المنشآت الصحية.وعزا د. لؤي العاني مدير أحد المستشفيات الخاصة في الدولة، السبب الرئيسي للمشكلة إلى النقص في الكوادر الطبية، وإلى المدة الطويلة التي تتخذها الهيئات الصحية لاستقدامهم، وقال إنه من الطبيعي حين يقل عدد الأطباء أن ينتظر المرضى وقتاً أطول على العيادات، معتبراً أن هذه المشكلة هي مشكلة عامة في كل الدولة، وأن الإدارة لديهم تسعى جاهدة للتخفيف منها عن طريق برنامج لتنظيم المواعيد يقوم على الفصل بين الذين حجزوا موعداً والذين يحضرون من دون موعد مسبق للتنظيم بينهم. حالات باردة يستقبل مستشفى القاسمي في الشارقة بحسب د. عارف النورياني، نحو 100 ألف مريض سنوياً من مواطنين ومقيمين في مختلف الأقسام، وأن 4 % فقط من الحالات التي تصل إلى قسم الطوارئ بالمستشفى تستوجب معالجة فورية، أما الحالات الأخرى فهي حالات باردة، روتينية ومستقرة ولا تحتاج إلى تدخل سريع، وقال إن القسم يتعامل مع 350- 400 حالة طوارئ يومياً، يتم تنويم 10 مرضى منهم كحد أقصى، ما يؤكد أن الكثيرين يأتون لقسم الطوارئ من دون حاجة طبية لذلك. بوابة المريض الذكية تعتبر «بوابة المريض الذكية» بوابة إلكترونية من الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة ووقاية المجتمع، والتي ترتكز على حجز مواعيد الزيارات والاستشارات الطبية مباشرة، إلى جانب الحصول على مواعيد دقيقة ومراجعة الوضع الصحي منذ البداية، وتخصيص ملف كامل للمريض إلكترونياً يحتوي على كل بياناته الصحية وزياراته الطبية والأدوية التي يتناولها وغيرها من المعلومات المهمة التي تفيد الطبيب في معرفة جميع ما يخص المريض وبالتالي تنخفض نسبة الأخطاء الطبية، حيث يتضمن هذا الملف أيضاً جميع التحاليل المخبرية والتقارير الطبية السابقة للمريض، وبالتالي يسهل الوصول إلى ملف المريض في أي وقت بسهولة، أما عن حجز المواعيد، فعندما يختار المريض الموعد المناسب له إلكترونياً تصله رسالة نصية على هاتفه المسجل به تؤكد حجز الموعد. نتائج نهائية حققت النتائج النهائية لمستشفيات وزارة الصحة ووقاية المجتمع الكثير من الجوانب الإيجابية، من بينها تقليل وقت الانتظار في العيادات الخارجية للدخول على الطبيب إلى 38 دقيقة، بعد أن كانت في عام 2013 أكثر من 55 دقيقة، والتي وصلت إلى 30 دقيقة فقط بنهاية 2016، وقطاع المستشفيات يضع مؤشرات أداء لسهولة الوصول للخدمات، مثل فترات الانتظار من وقت تسجيل المريض حتى تلقيه الخدمة كاملة بناء على حالته الصحية، وسهولة الحصول على مواعيد لعمليات مجدولة تماشياً مع المؤشرات العالمية في هذا المجال.
مشاركة :