رغم رحيله قبل عامين إلى باريس سان جيرمان في صفقة ما زالت قياسية كأغلى مدافع على مستوى العالم، لم يكن ديفيد لويز هو المدافع الأمثل لتشيلسي في نظر الكثيرين، وبالأخص في نظر جوزيه مورينيو الذي قرر رحيله. مع بداية الموسم الحالي، لم تكن عودته للزرق مفضلة لكثيرين كتدعيم لخط دفاعي بدا متهالكا في الموسم الماضي واستمر في أخطائه مع بداية الموسم الجديد. لكن مع الوصول لنهاية الموسم وحسم تشيلسي للقب رسميا، يمكن للويز أخيرا أن يبتسم. نال نجولو كانتي جائزة أفضل لاعب في الدوري لهذا الموسم، والجماهير تشير إلى سحر وروعة إدين أزار، لكن الدور الذي قدمه لمدافع البرازيلي مع تشيلسي لا يمكن إغفاله في التحول الذي طرأ على أداء دفاع الفريق منذ مشاركته. لويز أصبح رهانا ناجحا، وها هو يحقق لقبه الأول في مسيرته من الدوري الإنجليزي الممتاز، ذلك الذي لم يحققه في فترته الأولى مع الفريق رغم حصده لدوري أبطال أوروبا. يتحدث لويز عن موسمه مع تشيلسي، وعن نشأته وبدايته في البرازيل والصدفة التي حولته من صانع ألعاب إلى قلب دفاع، وأشياء أخرى، وكل ذلك في حوار مطول مع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية. المحادثة التي غيرته يدرك ديفيد لويز مدى أهمية أن يكون شخصا جيدا قبل أن يكون جيدا فيما يقدمه في عمله. يقول: "أتذكر المرة الأولى التي تفوهت بها بكلمة بذيئة أمام أختي، حينها تحدث معي أبي وبعدها أصبح طبعي مختلفا". ويذكر الدولي البرازيلي تفاصيل المحادثة مع والده "سألني أبي حينها ماذا تريد أن تكون؟ أخبرته أنني أريد أن أصبح لاعب كرة قدم جيد، فقاطعني وقال لا، أنت تريد أن تكون إنسانا جيدا. أنا أيضا أريدك أن تصبح لاعب كرة قدم جيد، ولكن يجب أن تكون إنسانا جيدا أولا وأن تمتلك الأمانة والشخصية والكرامة". يقول المدافع البرازيلي أنها كانت محادثة صعبة ولكنها غيرت حياته تماما. صعوبات البداية كان حلم والد لويز أن يصبح لاعب كرة محترف كذلك، ولكن الأمر لم ينجح تماما، فبحث عن عمل آخر. أخبر الوالد ابنه "الأمر كله لك ولم يكن أبدا لي، سأعيش ذلك الحلم معك". ذلل الوالد لابنه كل الصعوبات قدر الإمكان في البداية لكي يتأقلم مع الأندية التي يلعب لها. يقول لويز: "كنت أتدرب في ساو باولو التي تبعد كثيرا عن المكان الذي نعيش فيه، وكنت أعود في وقت متأخر يوميا بعد الرابعة مساء. عندما ظن أبي أنه بإمكاني أن أنجح كلاعب كرة قدم، طلب التماسا لكي يتم ضمي لمدرسة داخلية في ساو باولو". ويضيف "كانت صدمة كبيرة لي، فتلك المدرسة كانت لكبار السن، وكل من كان هناك كان عمره ما بين الـ25-35 عاما. رأيت سيدة كذلك تبلغ من العمر 65 عاما". كرة القدم كانت منقذا في أكثر من موقف للاعب البرازيلي في تلك المرحلة. ويصف لويز "كل شئ تواجد في محيط ذلك المكان: المخدرات والأسلحة وعندما كان يتم الاقتراب مني لدخول ذلك العالم، كان هناك من ينقذني ليقول لا، إنه لا ينتمي لهذا العالم، إنه لاعب كرة قدم ". الصدفة التي جعلته مدافعا لم ينجح لويز في الاستمرار مع ساو باولو، فجرب حظه مرة أخرى مع أتليتكو مينيرو. يقول لويز عن تجربة أتليتكو مينيرو التي لم تدم طويلا: "لقد كانت أكثر الأيام التي شعرت فيها بالجوع في حياتي. لقد ظللت أتناول الفول النيئ لمدة 10 أيام. أرادوا بعدها التوقيع معي لكنني لم أعد". جاءت فرصة جديدة بعد ذلك لخوض التجارب رفقة فريق فيتوريا في مدينة سلفادور. كانت تبعد آلاف الأميال عن مدينته، وكان في عمر الـ14. "طلبت من والدتي تحمل نفقة تذاكر الطيران. لقد كانت المدينة بعيدة للغاية إذا سافرت بالحافلة. قمنا بدفع ثمن التذكرة بالتقسيط، فالأغنياء فقط كانوا يسافرون جوا". ويضيف "كنت ألعب في مركز صانع الألعاب. وكان خط الدفاع لدينا يتكون من 3 لاعبين، تماما مثل تشيلسي هذا الموسم". صدفة مفاجئة لكنها كانت هامة في مسيرة ديفيد لويز، حدثت له في تجاربه مع فيتوريا. يقول لويز: "ذهبنا للمشاركة في البطولة الوطنية في مدينة ريو جراند دي سول، كانت تبعد 75 ساعة بالحافلة عن مدينة سلفادور. أثناء سفرنا، أصيب اثنين من مدافعينا الأساسين في الطريق". "كان هناك مدافع احتياطي واحد ولا بديل للآخر. المدرب لا يريد تغيير الخطة، حيث يريد استغلال لاعبي الأطراف –الأفضل في الفريق- هجوميا". "من يريد أن يلعب كمدافع؟" كان ذلك سؤال المدرب للاعبيه، وأجاب لويز: "أنا". "تدربت فقط لمدة يومين على مركزي الجديد، وبعد نهاية البطولة تم اختياري كأفضل مدافع". عاد لويز إلى سلفادور كلاعب قلب دفاع، واستمر في مسيرته بأكملها في هذا المركز وصولا لسن الـ30. ينهي لويز حديثه بخصوص هذه الجزئية "لا يجب أن تنتظر الفرصة لتأتيك، يمكنك أن تراها قادمة لتستغلها. مشكلة البعض أنهم لا يرون الفرصة". الهدف الأروع يحب لويز أن يستمتع بلعبه وبأوقاته منذ صغره. "الكثير يستمتعون بلعب كرة القدم ولكنهم لا يستطيعون إظهار ذلك طوال الوقت. أنا أحب أن أظهر ذلك لأنني أتذكر تخيلات كل ذلك عندما كانت أحلام في صغري". ويضيف "كثيرا ما كنت ألعب مع أختي الصغيرة وأمثل دور لاعب كرة قدم شهير، وتقوم هي بدور المعجبة التي تطلب توقيعي. الآن الأمر يحدث في الحقيقة". ويتابع "أحب أن أستمتع بكل تلك اللحظات قدر الإمكان". يظن لويز أن الاستمتاع قد يخفف كثيرا من الضغوطات عليه كلاعب، ومع المزيد من النضج، يمكن أن يصل إلى مستوى يقترب من المثالية. ذلك الشعور بالاستمتاع أنتج واحدة من أفضل أهداف الموسم للاعب البرازيلي، وربما خلال مسيرته، في شباك ليفربول. يورجن كلوب، المدير الفني لليفربول، قال متعجبا عن الهدف بعد نهاية تلك المباراة: "هدف استثنائي. قبلها بثانيتين كان بجانبي على الخط الجانبي للملعب ليشرب المياه ويستمع لتعليمات أنطونيو كونتي". هكذا الأمر يتم بالنسبة للاعب البرازيلي، قرار لحظي قد ينتج عنه الكثير من الروعة. خطأ من مسافة بعيدة تم احتسابه لآدم لالانا، ينفذه لويز ليسكنه في شباك سيمون مينيوليه. العودة إلى كوبهام "أكن الكثير من الاحترام لباريس سان جيرمان. عشت موسمين جيدين برفقتهم وكنت سعيدا للغاية في فرنسا". هكذا يتحدث لويز في حوار آخر مع مجلة "فور فور تو" عن فترته في عاصمة النور، ليعود ويوضح "العودة إلى تشيلسي كانت مميزة وهامة". ويوضح "كان لدي اتفاق مع إدارة باريس على أن يتم الجلوس والتفاوض معي ما إذا كان هناك عرض قوي من نادي آخر، ومن ثم نقرر". ويتابع "العرض كان جذابا بالنسبة لي وكذلك لإدارة النادي الباريسي. شعرت بسعادة كبيرة لأن كونتي طلب خدماتي شخصيا، وكذلك العودة لتشيلسي من جديد لطالما كان أمرا هاما بالنسبة لي". لم يكن الأمر جيدا في بداية الأمر. في مقر تدريبات تشيلسي في كوبهام بالعاصمة لندن، الكثير من الانتقادات أثيرت حول صفقة ظن الكثيرون أنها لن تفيد، إلى أن ثبت العكس. الانتقادات طالما طالت لويز طوال مسيرته الأوروبية، ولا يجد لويز عيبا في ذلك باستثناء وحيد. "لا توجد ضغينة في انتقادي فنيا. وذلك أيضا لا يعني أنه عندما أؤدي مباراة ضعيفة أنني لاعب سيء". ويواصل عن أزمته مع الانتقادات "الأمر أحيانا يتجاوز الخطوط الحمراء ويحدث بشكل غير احترافي. البعض يتجاوزون الفنيات ويتحدثون عن حياتي الشخصية، وهو أمر غير مقبول". تجاوز لويز الانتقادات وقدم موسما رائعا بشهادة الجميع، وبوظائف جديدة من كونتي. مراسل "فور فور تو" سأل لويز ما إذا كان لكونتي إسهام حقيقي المستوى الذي ظهر عليه خلال الموسم الحالي والتكليف بالتمريرات الطولية وبداية الهجمة من الخط الخلفي عن طريقه، وأجاب لويز بالإيجاب. ويتحدث لويز عن مديره الفني "شخص رائع ويهتم بكل التفاصيل. إنه عبقري وأحيانا يتخيل مواقف قد تحدث خلال المباراة ويطبقها في التدريبات، وذلك الأمر يحدث فارقا كبيرا لدينا في بعض المباريات". ويضيف عن الأمر الأفضل على الإطلاق الذي يفعله كونتي "يعامل الجميع كسواسية. لا يوجد لاعب يلقى معاملة مميزة عن الآخر. ذلك ينقل شعور إيجابي للجميع أنهم كتلة واحدة، وذلك ما يميزنا".
مشاركة :