صحيفة وصف:اختار رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس يوم تنصيب إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا، ليشن هجوما حادا على الرئيسين السابق والجديد في آن واحد. وجاء هذا الهجوم في مقابلة لفالس مع مجلة “Journal du Dimanche” في عددها الصادر يوم تنصيب ماكرون – 14 مايو الجاري، عندما كان فرانسوا هولاند يسلم صلاحياته لخلفه. وقدم فالس وصفا متكاملا للرئيسين الاثنين قائلا: “هولاند حقود، لكن لديه حدودا، أما ماكرون فهو حقود أيضا لكن ليست لديه أي قواعد للتصرف أو أية حدود”. وفي هذا السياق، ذكّر المحلل السياسي في وكالة “نوفوستي” مكسيم سوكولوف، بأن فالس كان مرشح هولاند لمنصب رئيس الوزراء في عام 2014. وقد عبر الرئيس آنذاك عن أمله في أن ينجح فالس في “قيادة الحكومة في المعركة”، وتوجه إلى الأمة قائلا: “أنتم عبرتم لي عن عدم رضاكم وخيبة أملكم. وسمعت رسالتكم. وحان الوقت لنبدأ مرحلة جديدة. كلفت مانويل فالس بقيادة الحكومة الفرنسية– وهو يملك الكفاءات الضرورية لرئاسة الوزراء”. وعبر هولاند عن ثقته بأن فالس سينجح في تحقيق الأهداف الثلاثة الرئيسية لفرنسا، وهي إصلاح الاقتصاد وزيادة الإنتاجية والتوصل إلى العدالة الاجتماعية. ويرى مكسيم سوكولوف أن الشعب الفرنسي تلقى رسالة هولاند آنذاك، وبات يعتبر فالس حاكما فعليا لفرنسا، ما انعكس فورا على شعبية السياسييْن، إذ بدأ فالس يتقدم في هذا السياق على مؤشر شعبية هولاند بأكثر من الضعفين، فيما صورته المجلات والصحف الفرنسية على صفحاتها الأولى كـ”ولي العهد”. ويرى المحلل الروسي أن هذا الأمر لم يرق لهولاند على الإطلاق. وفيما يخص ماكرون، يعيد سوكولوف إلى الأذهان أنه عمل في حكومة فالس لمدة عامين في منصب وزير الاقتصاد، وترك مجلس الوزراء في أغسطس عام 2016 بنفسه، وركز اهتمامه بالكامل على حركته السياسية “إلى الأمام”، تمهيدا لخوض الانتخابات الرئاسية. وانتقد فالس هذه الخطوة بشدة، معتبرا إياها خروجا عن التضامن. وفي نهاية المطاف، وصل ماكرون إلى الرئاسة، بينما فقد فالس مواقعه السياسية نهائيا، عندما رفضت حركة “الجمهورية إلى الأمام” (“إلى الأمام” سابقا) منحه الثقة ولم تدرجه على قائمة المشرحين للانتخابات البرلمانية، التي ستجري في يوليو المقبل. وفي نهاية المطاف، دفع الوضع بـ فالس إلى “التوبيخ”، ووصف الرئيسين “المسن” و”الشاب” بأنهما “حقودان”. ويرى سوكولوف أن هذا الوضع يشبه أحداثا تاريخية شهدتها فرنسا عام 1815، وتحديدا بعد أن تخلى نابوليون عن السلطة نهائيا بعد الهزيمة في معركة واترلو. وحاول النواب ملء فراغ السلطة عن طريق تشكيل حكومة انتقالية. كان من المتوقع أن يترأس الحكومة أكثر السياسيين شعبية – لازار كارنو الذي حصل على أكبر عدد من أصوات النواب. لكن وزير الشرطة السابق جوزيف فورشي تمكن من شغل الكرسي عن طريق التلاعب بالإجراءات بفضل مؤامرة دبرها بالتعاون مع عدد من الوزراء. وعندما دخلت قوات الحلفاء باريس، أعلن فوشي في البداية عن حل الحكومة احتجاجا، ومن ثم عرض العرش على لويس الثامن عشر، الذي عينه في نهاية المطاف في منصب وزير الشرطة مجددا. وفي نهاية المطاف، تبادل كارنو المخدوع وفوشي – المدير الفعال كلمات تعيد إلى الأذهان الوضع الحالي في السياسية الفرنسية: – إلى أين علي أن أذهب الآن، يا حقود؟ – أينما تريد الذهاب، يا أحمق. ويكتب سوكولوف: “الفرق الوحيد هو أن كارنو رحل منذ 200 عام، أما الآن فغيّر فالس نبرته مجددا وتمنى النجاح لماكرون في منصب الرئيس، باعتبار أن فرنسا تحت رئاسته هو بالذات قد تنال فرصة النهضة”. (0)
مشاركة :