أشادت فعاليات الجالية الإسلامية في المملكة المتحدة، بالخطاب الحضاري لرابطة العالم الإسلامي، المستند على الوعي الشرعي والقانوني فيما يتعلق بأسلوب المطالبة بالخصوصية الدينية للأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية. جاء ذلك خلال المؤتمر المنعقد اليوم الاثنين في جامعة لندن تحت عنوان "التسامح في الإسلام"، بحضور قيادات علمية ودعوية وفكرية للجاليات الإسلامية. وأكدت محاور وتوصيات المؤتمر على ما ذكره الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بضرورة احترام الجاليات للقوانين مع مطالبتها بحقها في ممارسة شعائرها الدينية مثل الحجاب، وأن أي تحد للقانون -بعدما يكون نافذاً كما لدى بعض الدول- يعكس صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين، مبينا أن ذلك لا يعني عدم مواصلة المطالبة بالحقوق بالوسائل والطرق القانونية المتاحة والمشروعة. ولفت المشاركون في المؤتمر إلى ضرر مقاومة ومشاغبة السلطة في قانونها، مبينين أن من لم يكن محتاجاً للجلوس لديه الخيار أن يغادر البلاد التي دخلها بالتزام واحترام قوانينها، وإذا كانت الحريات الدستورية في البلاد الغربية تسمح بممارسة ما يتعلق بالحريات الخاصة، فالحجاب مثلها، فمنع الحجاب يعتبر مخالفة للدستور، وهو ما تواصل معه الجاليات في بعض الدول الاعتراض عليه أمام القضاء مع احترامها في جميع الأحوال للقانون النهائي. واستذكر بعض المشاركين في المؤتمر فتاوى كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وغيرها التي تؤكد على أن من الأفضل عدم الإقامة في البلدان التي لا يستطيع فيها المسلم إظهار شعائر دينه، وأنه إذا كان فيها فيجب عليه أن يغادرها إلى أجواء أفضل منها متى ما وصل إلى باب مسدود حتى لا يسيء إلى نفسه ولا إلى دينه، وأن الحقوق لا تؤخذ بالعنف، ولا بارتجالية العاطفة. وشكرت الجالية المسلمة الحكومة البريطانية، التي تُعَد الأفضل في أوروبا من ناحية احترام الخصوصيات الدينية لعموم الأقليات، وهو الأمر الذي خلق أجواء تعايش مثالية، محذرين من الانجرار خلف مهيجي العاطفة الدينية بالتمرد على القرارات النافذة بتصويت الأغلبية، وأن تلك الدعوات لن تعود على التعايش المثالي الذي ترفل به الجالية المسلمة في بريطانيا، إلا بالآثار السلبية والمضرة لواقعهم المميز مقارنة ببعض الدول الأوربية. وشكرت الجاليات المسلمة المشاركة في المؤتمر مبادرة الرابطة بالتكفل بالدفاع عن حقوقها في تحقيق خصوصيتها الدينية وفق الطرق والإجراءات القانونية، مؤكدين أن المسلم يحترم قوانين البلدان التي يعيش فيها وليس عنيفاً ولا فوضوياً ولا ناكثاً للعهد ولا يلتفت لأي دعوة تؤثر على اعتداله ووعيه الذي سيؤثر بالمقابل على سمعة دينه علاوة على إلحاق الضرر به شخصياً. وانتقد المشاركون الفكر المتطرف الذي يُغفل عمداً فقه الأولويات والموازنات، وفقه مقاصد الشريعة وتغير الفتوى والأحكام عند الاقتضاء والإمكان بتغيير الأزمنة والأمكنة والأحوال والعادات والنيات والأشخاص، مشيرين في مداخلاتهم خلال المؤتمر إلى أن المتطرفين ليسوا إلا مكابرين على الأدلة والحقائق ومنتهكين لكبيرة إحداث الفرقة والفتنة في الصف الإسلامي فضلاً عن كبيرة التكفير واستباحة الدماء. وأعرب عدد من المشاركين عن تأييدهم لجهود الرابطة في تعزيز الوعي الشرعي الذي يهذب السلوك ويولد الحكمة وينتج علماء عالميين في سياق عالمية الرسالة الإسلامية، وترسيخ القيم الإنسانية المشتركة والتضامن في حماية المصالح الوطنية العامة، وتذليل الصعوبات التي تعوق التعايش السعيد الآمن. يذكر أن المؤتمر الذي استضافته جامعة لندن ونظمته رابطة العالم الإسلامي، شهد حضوراً كبيراً من السياسيين والمفكرين من داخل المملكة المتحدة وخارجها.
مشاركة :