«الماء السحري» تفشى مفعوله في جزيرة الورود... وأبطل سم الخفافيش!خياران لا ثالث لهما، فإما أن تعيش حياة كريمة في تلك الحديقة الغناء وتستمتع بأريج زهرها الأخاذ، وإما أن تقبع في أقبية الشر داخل كهوف الخفافيش المعتمة!هذه فحوى الرسالة التي حملتها مسرحية الأطفال الغنائية الاستعراضية «الماء السحري»، لمجموعة السلام، والتي عُرضت مساء أول من أمس، على خشبة مسرح الدسمة، في ثالث عروض المهرجان العربي لمسرح الطفل في دورته الخامسة، الذي انطلقت فعالياته في 13 من شهر مايو الجاري ويستمر حتى 20 من الشهر ذاته، تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.شهد العرض، حضور حشد جماهيري غفير، حيث عجت القاعة بالمئات، من جميع الفئات والأعمار - لاسيما صغار السن - الذين حرصوا على الحضور في وقت مبكر جداً، وتسمروا على مقاعدهم طوال فترة العرض، الذي امتد لساعة تقريباً، في حين أن من وصل متأخراً منهم افترش جنبات المسرح، حتى لا يُفّوت الفرجة البصرية والمتعة السمعية اللتين تخللهما العرض.المسرحية من تأليف حمد الداود، وإخراج عبدالله عبدالعزيز المسلم، وهي من بطولة كوكبة من الفنانين الشباب منهم عبدالله عبدالرضا، محمد خليفة، جاسم التميمي، محمد المنصوري، مها الملا، ريم الملا، نواف الشيحتاوي، شملان العميري، فيصل السعد ومحمد المسلم.تبدأ الأحداث من جزيرة الورود، التي يحكمها ملك طيّب يدعى «أوركيد»، ففي عهده كانت هذه الجزيرة حديقة غناء، ينعم أهلها بالأمن والحب والسلام، قبل أن تغزوها مجموعة من الخفافيش، لتعيث فيها فساداً، ولتنثر السموم في حقولها، حتى تسمم ملكها وتحولت أشجارها وأزهارها إلى أكوام رماد وأشواك.وتمضي الأحداث في إطار فكاهي مشوق وبأسلوب غنائي واستعراضي مبهر للغاية، خصوصاً بعدما تعاهد أبناء الملك وهم «بنفسج» و«نرجس» و«ياسمين» على التعاون مع ملكة النحل «أميمة» على أن يأتوا بالترياق من كهوف الخفافيش لعلاج والدهم ومليكهم وتخليصه من آلامه!... وهنا تظهر ملكة الخفافيش بوجهها القبيح وهي تأمر جنودها بأن يحصلوا لها على رحيق الورد، أو «الماء السحري» لكي تكون جميلةً كالنساء... ولا تعلم ملكة الخفافيش أن هذا الماء سيكون سر هلاكها وسيُبطل مفعول السموم التي نشرتها في تلك الجزيرة، إلى أن حدثت المفاجأة في نهاية الأمر، وانقلب السحر على الساحر.العرض بمجمله كان مشوقاً وهادفاً في آن معاً، فقد نجح فريق العمل في تجسيد صور أخرى من أشكال الصراع الأزلي بين الخير ممثلاً بمملكة الورد، وبين الشر الذي تمثله مملكة الخفافيش، بعيداً عن النمطية لمثل هذه الصراعات التي اعتاد عليها الجمهور في الكثير من العروض الخاصة بمسرح الطفل. كما وجه رسائل تنبيه عدة للصغار وللكبار مفادها أن الشر لا يدوم أبداً، حتى إذا أحكم سيطرته في بعض الأحيان فإنه زائل لا محالة... هكذا هي فلسفة الحياة.ولعل الموسيقى التصويرية للملحن عادل الفرحان كانت بطل العمل بلا منازع، إلى جانب الأداء المذهل للممثلين، خصوصاً أن المسرحية تنتمي إلى الأعمال الغنائية الاستعراضية.أما الأزياء التي صممتها حصة العباد، فهي حكاية في حد ذاتها، حيث بدت معبّرة وملائمة للشخصيات الفنية. كذلك الحال بالنسبة إلى الإضاءة، إذ تماشت هي الأخرى مع الإيقاع والموسيقى وتسلسل الأحداث. بينما يعاب على الديكور الإلكتروني الذي صممه محمد بهبهاني، لاعتماده على لوحات مكررة وثابته في بعض المشاهد، بالرغم من استعانته بشاشة المسرح العملاقة، الأمر الذي يتيح له المجال الواسع باستخدام لوحات فنية متعددة وبالغة الدقة.
مشاركة :