الواحد يبغى يرتاح.. يا خالد

  • 5/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كان “العنصر البشري” هو ركيزة مقالي للأسبوع الماضي، اهتماما فيه تعليما وتدريبا.. وعلى هذه العناصر البشرية يُبنى الإقتصاد الفذّ. تنقصنا الخبرة نحن معشر الشباب وتلوُكنا الدُنيا عندما نُخطئ، نسعى في أزقّة العُمر نجمع ما يمكن جمعه من أرفف الحياة ونُراكم المعلومة فوق أختها علّها تعلو بنا في نهاية المطاف للمناصب التي حلُمنا بها وسعينا من أجلها. نلهث بحثًا عن عُنصر الخبرة التي ما يفتأ رجالات الموارد البشرية في كل منشأة من منشآت القطاع الخاص إلا ويطلبها منّا ويشترطها مهما صغُر سنّك، وكيف لنا بالخبرة ونحن في مُقتبل العُمر؟ وهل يُمكن أن تُورّث الخبرة وتتناقلها الأجيال كما نفعل بالمعرفة والتعليم؟ الخبرة مثل القطعة الأثرية تتزايد قيمتها مع تقادم الزمان عليها، لأنها الرمز الوحيد الذي يُعطي بُعد النظر، ومنذ اكتشاف النفط وحتى الآن تقلّبت السعودية ورجالاتها في مراحل سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية مختلفة. كانت فترة عصيبة مليئة بالأحداث وعاشها رجال أخلصوا للوطن وكلٌ كان على ثغر يدافع عن وطنه بإختلاف مناصبهم وآرائهم. يعّتصرني الألم وأنا أرى مكتبتنا السعودية فقيرة من السيّر الذاتية لرجالات الوطن، كانت حياتهم خِبرة مرصّعة بالذهب عانوا وواجهوا أشياء لم نراها، ولن نعيش طعم تلك التجارب دون نقل وحفظ ذكرياتهم وتوثيق خِبراتهم. تجربة الأستاذ القدير والرمز تُركي السديري رحمه الله تعالى تجربة غنية بطولها الذي إمتد لأكثر من أربعة عقود. يجب أن تُوثّق بسيرة ذاتية مُعمّقة تسبر غور هذه الشخصية وتسجّل تلك المنعطفات الهامة والتحولات التي عايشها. امتلأت ساحة الشبكات الإجتماعية عشيّة إعلان خبر وفاته بتلك القصص والحكايا التي أخذ كل واحد يسرد ما يتذكّره من مواقف مع الراحل تُركي السديري، ولعل ابنه مازن خير من يقود مشروع توثيق سيرته الذاتية ليحفظ لنا جيل الشباب حُقبة زمنية ضخمة مليئة بالأحداث. الدول الغربية نشطة في مجال تخليد ذكرى أبطالها وتفاصيل الأحداث بتوثيقها بالسيّر الذاتية وصناعة الأفلام الوثائقية والسينما لتجسيد مواقفهم بكل الوسائل وتعظيم إنجازاتهم وتقديمها كرموز يُقتدى بتضحياتها للوطن. هذه مُناشدة لتبنّي مشروع وطني يوثّق سيرة رجالات الوطن، هم جزء من تُراثنا وإنجازاتنا الوطنية التي نفتخر بها ونقل خبراتهم للأجيال القادمة واجب وطني. وكما قال الأستاذ تُركي في آخر مقابلة تلفزيوينة له مع الأستاذ خالد مدخلي “يعني تعرف الواحد كم اشتغل.. أكثر من أربعين سنة يعني الواحد يبغى يرتاح يبغى يعيش في منزله بشكل سليم”، رحمك الله يا أستاذنا فلك الآن أن ترتاح بعد أن أتعبت من بعدك بهذا الحمل العظيم، وأسكنك فسيح جناته وجبر الله مُصابك يا أخي وصديقي العزيز مازن ومُصاب إخوتك.

مشاركة :