ترجل من صهوة جواده أحد فرسان الكرة السعودية وأحد أقمارها المضيئة خالد البلطان، الذي صنع في سنوات قليلة هالة كبيرة للشباب الكيان .. (إنجازات وجماهيرية وحضوراً إعلامياً مميزاً)، فالشباب ظل محافظا على أمجاده وإنجازاته الكروية .. آخرها كأس خادم الحرمين الشريفين، والشباب بدأ بصناعة قاعدة جماهيرية تكبر كل موسم والشباب حاضر إعلاميا بقوة .. كل هذا صنعه البلطان في سنوات قليلة بفكره وشخصيته ودعمه وروحه الوثابة .. ليصبح رمزا من الرموز الرياضية الجماهيرية ذات الكاريزما الخاصة – عبدالرحمن بن سعود – عبدالله بن سعد – منصور البلوي إلى آخر القائمة الذهبية .. البلطان ترجل من القمة ليصبح في ذاكرة ووجدان كل الرياضيين وليس الشبابيين فقط .. السؤال هنا: لماذا اتخذ قرار الرحيل عن المشهد الرياضي؟ لماذا قرر طي صفحة خالدة في تاريخه مع الشباب؟ الإجابات كثيرة ومتعددة .. منها الرغبة في الخلود للراحة ومنها التعرض لضغوط مختلفة مع خلفية تصريحاته النارية وخلافاته مع أحمد عيد رئيس الاتحاد ومشاحناته مع بعض اللجان، لكن الصحيح وغير المعلن هو وقف النزيف المادي المستمر.. الهلال أنفق في موسم واحد 155 مليوناً، والأهلي 164 مليوناً، والشباب لايقل عنهما.. مبالغ طائلة جدا دفعها البلطان من جيبه الخاص. في الأهلي الأمير خالد بن عبدالله دفع فقط 144 مليوناً، والأمير عبدالرحمن 25 مليوناً من إجمالي المبلغ المعلن 155، فالسبب الجوهري الرئيسي لاستقالة البلطان تحمله نسبة كبيرة ميزانية الصرف والتي لاتقل عن 100 مليون ريال في ظل غياب الراعي الرئيسي الذي يغطي جزءا من الميزانية وغياب دعم أعضاء الشرف، لذا رحل البلطان وسيرحل آخرون، ورؤساء الأندية إذا لم يطرأ تغيير جوهري على هيكلة التمويل والصرف في الأندية الكبيرة .. دون راع رئيسي وعدة رعاة آخرين .. وبدون دعم شرفي مقنن لن تستطيع الأندية مواصلة المشوار وسنسمع قريبا عن ترجل بلطان آخر .. وهكذا، فالأندية مهددة بالإفلأس في ظل التزاماتها المادية الهائلة .. وحتى لايتحقق السيناريو الأسوأ لاغنى للأندية عن رعاة يتحملون 50% على الأقل من ميزانية الصرف .. وبحث آلية جديدة لتفعيل دور أعضاء الشرف بحيث يشارك أربعة أعضاء في شراء عقد لاعب، ويشارك خمسة آخرون في دفع قيمة عقد لاعب آخر.. وهكذا تتوزع المسؤولية على عدد كبير من أعضاء الشرف، وإذا لم يكن هناك دور فاعل ومؤثر لأعضاء الشرف في الأندية فالأفضل إغلاق هذا الباب نهائيا، فالأندية في ظل ظروفها المادية الصعبة ليست بحاجة لعشاق الفلاشات والتصريحات وهواة التنظير، هي تحتاج فقط لأعضاء شرف داعمين حقيقيين إلى جانب الرعاة، وهنا نسأل للمرة الألف: لماذا تحجم البنوك والمصانع والشركات الوطنية الكبرى عن رعاية الأندية من باب المسؤولية الاجتماعية إن لم يكن بهدف الإعلان والترويج؟ باختصار هناك تقصير واضح من الجميع، شركات وبنوك تربح الملايين ولاتدفع ضرائب ومع ذلك لاتقدم ريالا واحدا للأندية، أعضاء شرف يملكون المال والثروات ويبخلون على أنديتهم بالدعم، والإنفاق المالي للأندية يتضاعف موسما بعد آخر خاصة الجماهيرية المطالبة بالبطولات .. ولاحلول واضحة في الأفق، المشكلة مستمرة والسيناريوهات الأسوأ قادمة .. البلطان لن يكون الأخير. الصفقات الجديدة تحديد الأولويات من أبجديات العمل الناجح والتخطيط السليم، فمن يسعى لعقد الصفقات وتعزيز صفوف فريقه بنجوم جدد وصرف الأموال هذه الأيام وبإيقاع سريع بعيدا عن رؤية وفكر المدرب المسؤول الأول عن تحديد احتياجات الفريق .. يهدر الوقت والجهد والمال، القضية ليست في عقد الصفقات الجديدة والتوقيع مع هذا اللاعب أو ذاك .. والمدرب آخر من يعلم، خطوة كهذه يجب أن تكون مدروسة بعناية وبالتفاهم والتنسيق مع المدرب الأقدر على تحديد المراكز التي تحتاج إلى تعزيز. تقليد مرفوض من الظواهر الغريبة التي طرأت على المشهد الرياضي في السنوات الأخيرة، حرص الجماهير البالغ على استقبال المدربين والمحترفين الجدد في المطارات بطريقة مسرحية يغلب عليها طابع التهريج، المنطق يبرر هذا الاستقبال المحموم والاندفاع عندما يكون القادم سواء كان مدربا أو نجما حقق مع ناديه إنجازات وبطولات فيكون الاستقبال في المطار من مظاهر الاحتفاء به .. أما أن يكون الاستقبال لكل من هب ودب خاصة لمن لا إنجازات له فهذا غير مقبول .. كما حدث مؤخرا عندما زحفت جماهير النصر للمطار لاستقبال المدرب الجديد كانيدا .. احتفاء بوصوله والتعاقد معه لقيادة سفينة العالمي الموسم المقبل.
مشاركة :