سويسرا على فوهة بركان أصولي خامد بقلم: حميد زناز

  • 5/17/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

المئات من الجمعيات الأصولية من مختلف الاتجاهات والبلدان لا هدف لها سوى عزل المسلمين ومنعهم من الاندماج في المجتمع السويسري. في موقعه على الإنترنت نقرأ، على سبيل المثال، لإمام مسجد لوزان التركي وهو يقول إنه لا تجوز شرعا تهنئة المسلمين للمسيحيين بمناسبة أعيادهم الدينية أو التشبه بهم في كل مناحي الحياة، وهي فكرة تتردد في كل المحافل الإسلاموية. لقد وضع الإخوان إستراتيجية عن طريق الأئمة والناطقين باسم تلك الجمعيات أحكموا بها قبضتهم على الجاليات المسلمة من خلال السيطرة على المساجد والمراكز الإسلامية، واستطاعوا أن يقدموا أنفسهم لوسائل الإعلام والسياسيين السويسريين على أنهم مسلمون معتدلون ومندمجون في المجتمع بل يحاربون حتى التطرف والإرهاب الإسلاميين. وفي الحقيقة لا يكاد يسلَمُ مسجد واحد على الأراضي السويسرية من داء التطرف، فعلاوة على طبيعة القراءة المتكلسة للنصوص الدينية الخالية من أي تجديد كما تظهر في برامج تعليم الإسلام للأطفال وفي خطب الجمعة، يبدو خطر التطرف جليا من نوعية الأئمة والمناضلين الإسلاميين، ومن يسمون أنفسهم بالدعاة والذين تتم دعوتهم من طرف الجمعيات الإسلامية المسيرة لتلك المساجد لإلقاء الدروس الدينية والمحاضرات وغيرها من التدخلات المتكررة، والتي تدعو المسلمين المقيمين في البلد إلى وجوب تحجيب نسائهم والفصل بينهن وبين الرجال وغيرها من المطالب المتناقضة مع روح المجتمع الديمقراطي، والتي تصب كلها ليس في تشجيع المسلمين على الانعزالية فقط، بل في فرض رؤيتهم على المجتمع السويسري برمته تماشيا مع تلك الفكرة الساذجة والانتحارية التي روجتها جماعة الإخوان منذ نشأتها والحالمة بأسلمة العالم كله وإقامة دولة الخلافة العالمية. وكثيرا ما يظهر الوجه الحقيقي لمن يقدمون أنفسهم على أنهم إسلاميون معتدلون حينما يلتقون في وئام وانسجام مع المتطرفين دعاة العنف في ملتقيات تنظمها وتمولها الجمعيات التي تشرف على المساجد في سويسرا. ويبقى الإخوان وأتباع السلفية ورجب طيب أردوغان الأكثر تأثيرا لما يجدون من دعم مالي يأتي من الخليج وتركيا وغيرهما. وكما كان الحال في أغلب البلدان الغربية قبل حدوث الاعتداءات الإرهابية الإسلامية على أراضيها، لا ترغب السلطات في سويسرا برؤية الحقيقة على الأرض إلى اليوم لسببين: أولهما الحفاظ على مصالحها المالية والاقتصادية إذ حفظت الدرس بعد أزمة المآذن في العام 2010، وثانيهما طريقة الأسلمة الناعمة التي يؤطرها الإخوان المسلمون بل عائلة حسن البنا ذاته ابتداء بزوج ابنته سعيد رمضان (1926 - 1995) وهو من أول قيادات جماعة الإخوان المسلمين والسكرتير الشخصي لـ”الإمام”، ومن قادة الإخوان الأوائل وأحد الذين أسسوا للعمل الأصولي في أوروبا ابتداء من وصوله إلى جنيف سنة 1958، حيث يكمل المسيرة أولاده الخمسة وأشهرهم طارق وهاني رمضان. وفي الحقيقة لم يخيب الأحفاد أمل جدهم حسن البنا وخاصة طارق وهاني، وإن مارس طارق التقية والكلام المعسول لسنوات طويلة قبل أن يكشف أمره في فرنسا ويناط اللثام عن وجهه الإخواني الحقيقي، فكثيرا ما خلط هاني رمضان مدير المركز الإسلامي بجنيف الأوراق بتصريحات غيرت ولو بشكل نسبي من نظرة الرأي العام السويسري للإسلاميين، كقوله إن “المرأة غير المحجبة كقطعة الأورو النقدية، مكشوفة للجميع وتنتقل من يد إلى يد” وغيرها من البذاءات التي جعلت المواطن السويسري يتساءل عما يخفيه هؤلاء المتعصبون، وعن أهداف المراكز الإسلامية المنتشرة في جنيف وبال ولوزان وزوريخ ونيوشاتل وفريبورغ، والملتقيات التي تقام وتلك الجمعيات المشرفة على تسيير المساجد، ومدى براءة المطالب المتعلقة بحرية ممارسة الشعائر الدينية ومطابقتها لمبادئ حقوق الإنسان. ولئن كانت حقوق الإنسان مقدسة، فهل من اللائق اتخاذها مطية لفرض عادات وسلوكيات منغلقة متعصبة تتنافى مع ثقافة البلد المضيف المنفتحة على كل الثقافات الإنسانية المتسامحة؟

مشاركة :