«بوكو حرام» ومخطط تمدد «الجهاد النيجيري» في أفريقيا

  • 8/4/2013
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حقيقة واحدة نتجت من حملتين عسكريتين كبيرتين نفذتهما السلطات النيجيرية، مستعينة بآلاف من الجنود ورجال الشرطة، ضد جماعة «بوكو حرام» الإسلامية المتشددة في شمال البلاد، أولهما في بورنو عام 2009 والثانية في ولايات يوبي وأداماوا وبورنو في أيار (مايو) الماضي، هي الفشل في منع الدعم المتنامي للجماعة ومشروعها الخاص بمواجهة ما تزعم أنه «نظام فاسد»، والذي بات يشمل غالبية ولايات شمال وشمال شرقي نيجيريا، ومناطق محاذية للحدود مع دول مجاورة. وفيما تواصل الانتفاضة الدموية لـ «بوكو حرام» حصد عشرات الضحايا، وبينهم 42 طالباً في هجوم استهدف في 6 تموز (يوليو) الماضي مدرسة حكومية في مامودو بولاية يوبي (شمال)، بحجة تطبيقها «نهج تعليم غربي»، يبدو جلياً تمسّك الجماعة، على رغم إعلان السلطات دحر مقاتليها، بهدف إخضاع مسلمي البلاد المتمركزين في الشمال لأحكام الشريعة. ويمهّد ذلك لتحقيق «بوكو حرام» هدفها في التحوّل إلى القوة الأكبر في القارة الأفريقية، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار إعلان خبراء ديموغرافيين في الأمم المتحدة أخيراً أن عدد سكان نيجيريا سيرتفع من 180 إلى 435 مليوناً بحلول عام 2050، بينهم 210 ملايين مسلم على الأقل. وقد لا تنتظر «بوكو حرام» حتى 2050 لتحقيق هذا الهدف، باعتبار أن الدعم الخارجي لها زاد بعد معركة بورنو في تموز 2009، والتي خاضها زعيمها الراحل رجل الدين محمد يوسف مع عشرات من أنصاره، قبل أن يُعتقل ويُعدم مع كبار قادته العسكريين، باستثناء الزعيم الحالي يوسف شيكو الذي نجح في الفرار. وسمح ذلك بإعادة الجماعة تجميع قواها، وتنفيذ عمليات أكثر دموية استهدف أهمها مراكز لقيادة الشرطة ومقر بعثة الأمم المتحدة في العاصمة أبوجا عام 2011، حين سقط 26 قتيلاً وأكثر من مئة جريح. وتؤكد ترسانة الأسلحة المتطورة التي تستخدمها فصائل «بوكو حرام» حصول الجماعة على أسلحة نقلت من ليبيا بعد سقوط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011، وذلك بالتعاون مع جماعات إسلامية أخرى في القارة الأفريقية، بينها تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وحركة «أنصار الإسلام» وحركة «الشباب الصومالية» وممولون من بلدان مختلفة. وإلى الدعم الخارجي، تستفيد الجماعة، كما الحال منذ أن أبصرت النور في مطلع القرن الـ21، من عيش أكثر من 70 في المئة من سكان شمال نيجيريا تحت خط الفقر، غالبيتهم من الشبان تحت الـ35 من العمر الذين ينظرون إلى زعيم «بوكو حرام» شيكو باعتباره قائد ثورة لا يقل أهمية عن قادة الثورات في العالم، من أمثال تشي غيفارا وفلاديمير لينين ومالكولم إكس وهوغو تشافيز وسواهم. وتقود أفكار الثورة على النظام عناصر «بوكو حرام»، على رغم أن ممارساتها العنيفة والقمع الدامي للسلطات أدت إلى سقوط 3600 قتيل على الأقل منذ 2009. ونجحت الجماعة العام الماضي في تجنيد مزيد من الشبان بين 17 و30 سنة، وأرسلت بعضهم إلى مالي خلال فترة سيطرة الجماعات الإسلامية على مناطقها الشمالية، حيث خضعوا لتدريبات لفترة تراوحت بين 4 و6 شهور. ويرى محللون أن مواجهة السلطات هذه الثورة تتطلب أكثر من إطلاق حملات عسكرية، وتشكيل ميليشيات للدفاع الذاتي تحمل السلاح لمحاربة الجماعة الإسلامية في الشمال، كما حصل في مايدوغوري أخيراً، إذ يجب تنفيذ برامج لتعزيز ثروات الشمال وتحسين الأوضاع المعيشية لسكانه. لكن عوامل عدة تجعل نيجيريا، أكبر دولة أفريقية على صعيد عدد السكان وأكبر منتج للنفط، بلداً لا يمكن حكمه، أهمها الانقسام الطائفي بين المسلمين والمسيحيين والصراعات القبلية، فيما يحـظى الرئيـس جـوناثـان بـتأيـيـد شعبي متفاوت، بحسب الظروف. وهو اعتبر أحـد الرؤساء الأكثر تعرّضاً للإهانات في العالم، بعدما تعرّض لسيل من الشتائم على موقع «فايسبوك» إثر أزمة رفع سعر الوقود العام الماضي، قبل أن يُسـتقبل قراره الأخـير بإطلاق حملة عسـكرية ضد «بوكو حرام» بحفاوة كبيرة. واستناداً إلى النتائج المخيّبة للحملة الأخيرة، يجب أن يعيد الرئيس تقويم خياراته لوقف مدّ «بوكو حرام» وجماعات إسلامية أخرى تكسب نفوذاً أكبر من خلال «ثورة العنف» على الفقر والإهمال الحكومي.

مشاركة :