سارت في العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي (شرق) أمس، تظاهرات داعمة للواء خليفة حفتر، في حراك أطلق عليه منظموه تسمية «جمعة الكرامة»، فيما عبرت قيادات المجتمع المدني في العاصمة عن رفضها انتشار الميليشيات الإسلامية في المدينة، ووصفته بأنه محاولة لـ «ترويع المواطنين»، في وقت ابدت الولايات المتحدة وأوروبا خوفاً وقلقاً من وصول ليبيا الى «مفترق طرق» وحضت على حل سياسي للأزمة. وتفاوت عدد المتظاهرين بين مئات في ميدان الشهداء في طرابلس وآلاف في ساحة المحكمة في بنغازي. وقال مراقبون إن مشاركة المئات من سكان العاصمة في التظاهرة أمر معبّر ويشكل تحدياً كبيراً للميليشيات، ذلك أن كثيرين آخرين من المتعاطفين مع حفتر، فضلوا العزوف عن المشاركة بعد تهديدات مبطنة بتكرار أحداث غرغور (طرابلس) حين قتل 13 مدنياً وجرح 130 آخرون برصاص ميليشيات مصراتية خلال تظاهرات للمطالبة بخروج المسلحين من العاصمة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي. وحمل المتظاهرون في طرابلس، الذين قدِّر عددهم بحوالى ألفي متظاهر، يافطات تأييد للجيش والشرطة في مواجهة الميليشيات ورددوا شعارات مؤيدة لحفتر. وأتى ذلك بعد إطلاق نار عشوائي وكثيف في العاصمة ليل الخميس– الجمعة، أسفر عن أضرار مادية في بعض المنازل، وذلك في إطار المناوشات الليلية بين الميليشيات وقوات «الجيش الوطني» التابعة لحفتر والتي تستخدم فيها صواريخ غراد. وقدم رئيس المجلس المحلي لطرابلس الكبرى سادات البدري استقالته من منصبه، احتجاجاً على انتشار الميليشيات في المدينة، بعد استدعائها من جانب رئيس المؤتمر الوطني (البرلمان) المنتهية ولايته نوري بوسهمين، للتصدي لأنصار حفتر وحماية مقر المؤتمر الذي واصل تحدي مناهضيه، رافضاً نقل صلاحياته إلى الهيئة التأسيسية المنتخبة. وأعلن صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس المؤتمر تمديد ولاية المجلس إلى ما بعد الانتخابات المقررة في 25 حزيران (يونيو) المقبل، ما اعتبر محاولة للهروب إلى الأمام، في وقت يشكك كثيرون في إمكان إجراء انتخابات في ظل التوتر القائم. وفي خطوة مهمة، أعلن اللواء عمر الحريري مسؤول الشؤون العسكرية في المجلس الانتقالي سابقاً، انضمامه إلى «حملة الكرامة» بقيادة حفتر. ومعلوم أن الحريري كان من أبرز ضباط الجيش المعارضين للعقيد معمر القذافي وشارك في محاولة الانقلاب عليه بقيادة الرائد عمر المحيشي عام 1973، ما أدى إلى سجنه. ويشير تأييد الحريري لحفتر إلى أن الأخير نجح في شد عصب المؤسسة العسكرية التي تعرَّض ضباطها وأفرادها للقمع في عهد القذافي وطاولتهم اعتداءات وتصفيات من جانب الميليشيات بعد ثورة 17 فبراير (2011). من جهة أخرى، تعرض معسكر قوات الصاعقة التابعة للجيش الليبي في بنغازي، إلى قصف بصواريخ غراد، مصدره مواقع ميليشيات إسلامية في المدينة. وقالت مصادر عسكرية إن 3 صواريخ غراد على الأقل ، سقطت في ساحة المعسكر. ولم يؤد القصف إلى وقوع ضحايا في المعسكر، لكن صاروخاً رابعاً أخطأ هدفه واستقر في مجمع سكني مجاور في حي بوهديمة وسط المدينة، ما أسفر عن سقوط 20 جريحاً بين السكان. وفي وقت يحشد طرفا الصراع لمواجهة دموية حاسمة في طرابلس، أصدر رؤساء البعثات الديبلوماسية الأميركية والأوروبية في العاصمة الليبية، بياناً حضوا فيه على حل سياسي للأزمة، معربين عن قلقهم لتصاعد التوتر بين الجيش والميليشيات. وحذر البيان من أن ليبيا تقف «في مفترق طرق: إما التحول السياسي وإما الفوضى والتفتت والعنف والإرهاب». ودعت البعثات الغربية في بيانها الأطراف المعنية إلى الامتناع عن اللجوء إلى القوة، وإجراء انتخابات نيابية في أسرع وقت، حلاً للخلاف حول انتهاء ولاية البرلمان. وقالت السفيرة الأميركية لدى ليبيا ديبورا جونز، إن «اللواء المتقاعد حفتر يقوم بقتال مجموعات محظورة بالنسبة إلينا». وأضافت خلال مداخلة لها أمام مركز أبحاث أميركي، إن حفتر «لم يعلن أنه يريد حكم البلاد والليبيون يرحبون بما يقوم به، إلا أنهم لا يريدون ديكتاتوراً جديداً». ودعت «جونز» الليبيين إلى الاتفاق على خريطة طريق لاستكمال المرحلة الانتقالية، مبدية استعدادها للمساعدة في ذلك. وأشارت إلى جهود يبذلها موفدون دوليون من أجل اطلاق مصالحه داخلية في ليبيا. ليبياأوروباأميركاحفتر
مشاركة :