بعد أربعة أشهر فقط من توليه منصبه، يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأولى صولاته في مضمار عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وسط عقبات في الداخل والخارج تضعف من فرص نجاحه.. خاصة مع إخفاق أسلافه الأكثر خبره في إيجاد حل للصراع. ومع إدخال تغييرات حتى اللحظات الأخيرة على جولة ترامب في الشرق الأوسط، ازدادت أجواء الزيارة تعقيدا بفعل مخاوف إسرائيلية من تبادله معلومات مخابرات حساسة مع روسيا قد تكون عرضت عميلا إسرائيليا للخطر، إضافة إلى قراره الإحجام حتى الآن عن تنفيذ تعهد قطعه أثناء الحملة الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة. ويضاف إلى ذلك الضجة التي خلفتها إقالة ترامب، لجيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي «إف.بي.آي»، والجدل المستمر حول اتصالات يبدو أن مساعديه أجروها مع روسيا، مما شتت جهود التجهيز لما قد تكون أكثر المحطات تعقيدا في أول جولة خارجية للرئيس الجديد. وتفاخر ترامب بأن مهاراته التفاوضية يمكنها أن تجمع الإسرائيليين والفلسطينيين معا لحل أحد أطول وأصعب الصراعات في العالم، وبأنه سيبرم «الاتفاق النهائي». لكن مسؤولين من الجانبين يرون أن الاحتمالات محدودة لتحقيق أي انفراجة كبرى في المفاوضات المجمدة منذ فترة طويلة خلال زيارته التي ستستغرق 24 ساعة يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين. وحتى وإن كان انخراط ترامب في الأزمة على أرض الواقع سابق لأوانه، فإن بعض الخبراء يتوقعون أنه سيضغط على القادة الإسرائيليين والفلسطينيين للإدلاء بتصريحات تصالحية، إن لم ترق لحد المبادرات، وإن الجانبين قد يواجهان صعوبات في التكيف مع ما يريد. وقال روبرت دانين، وهو مستشار سابق للرباعية الدولية لدعم السلام في الشرق الأوسط ومحلل بارز حاليا في مجلس العلاقات الخارجية، «المتغير الوحيد الذي اختلف هو الرئيس ترامب وحقيقة أن الرئيس ترامب يريد عقد اتفاق… وبالنظر لميول الرئيس لا يريد أحد أن يغضبه». وستكون الزيارة اختبارا مهما في السياسة الخارجية لترامب الذي لم يحكم بعد قبضته على التفاصيل الدقيقة للدبلوماسية في الشرق الأوسط. كما يفتقر كبار مستشاريه الذين أوكل إليهم المفاوضات العملية والأساسية بقيادة صهره جاريد كوشنر للخبرة أيضا. ولم يبد القائدان المطلوب تعاونهما لإحياء عملية السلام، وهما رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ميلا نحو تقديم تنازلات أساسية على الرغم من أن خبراء يقولون، إنهما لا يملكان خيارا سوى التعاون مع ترامب. ويصر مساعدون في البيت الأبيض على أن ترامب أصبح مطلعا ومستعدا للاضطلاع بقضايا السلام، ويقولون، إن الوقت قد يكون مناسبا لطريقته «الخارجة عن المألوف» لتخطي السياسات الفاشلة التي انتهجت في الماضي. لكن يبدو أن مسؤولين إسرائيليين غير مقتنعين بذلك. ولدى سؤال مسؤول بارز عما إذا كان مستوعبا لسياسة ترامب في الشرق الأوسط، رد قائلا، «لست متأكدا تماما أنهم يعرفون ماهيتها».لا خطة للسلام .. ليس من المرجح أن يوضح ترامب مقترحاته للسلام في الشرق الأوسط بمجرد وصوله جوا قادما من أول محطات جولته في السعودية، وهذا يرجع بالأساس كما يعترف مساعدوه، إلى أن إدارته لم تصل لاستراتيجية محددة بعد. وقال مسؤول أمريكي بارز، إنه ليست هناك خطط لدى ترامب، الذي سيلتقي مع نتنياهو في القدس، وعباس في بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، لجمع القائدين على طاولة تفاوض واحدة. وقال المساعد، «لا نعتقد أن الوقت مناسب بعد». وانهارت أخر جولة من محادثات السلام في 2014، وكانت إحدى العقبات الأساسية التي واجهتها بناء إسرائيل مستوطنات على أراض محتلة يريدها الفلسطينيون جزءا من دولتهم. وعلى الرغم من أن الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء لا يعرفون على وجه التحديد ما الذي قد يطلبه ترامب منهم، يعتقد خبراء، أنه سيسعى لإقناعهم بقطع التزام صريح بالعودة لطاولة التفاوض دون شروط مسبقة، وبدء العمل على جدول زمني للمحادثات، والتفكير في اتخاذ خطوات متبادلة «لبناء الثقة». وأثار ترامب توتر مسؤولين إسرائيليين على وجه الخصوص، إذ لم يتوقعوا أية ضغوط حقيقة بشأن القضية الفلسطينية بعد تصريحات أدلى بها خلال حملته الانتخابية، وعدت بنهج أكثر موالاة لإسرائيل من سلفه باراك أوباما، الذي ربطته علاقة متوترة بنتنياهو. وقال نتنياهو، الذي يعارض شركاء ائتلافه من اليمين المتطرف إقامة دولة فلسطينية، لوزرائه، إنه سينتظر ليسمع المزيد من ترامب قبل أن يقدم اقتراحاته الخاصة. وفاجأ ترامب، الذي استضاف نتنياهو وعباس بشكل منفصل في البيت الأبيض، نتنياهو في فبراير/ شباط، عندما حثه على «الإحجام عن بناء المستوطنات لبعض الوقت». وفي مفاجأة أخرى لنتنياهو وحلفائه، قال مسؤلون كبار في الإدارة الأمريكية يوم الأربعاء، إن ترامب استبعد أي نقل فوري للسفارة الأمريكية إلى القدس، وهو تعهد كان قد قطعه أثناء حملته الانتخابية أسعد الإسرائيليين، لكن إن نفذه سيطيح بسياسة أمريكية راسخة منذ عقود وسيجعل أقرب للمستحيل على الفلسطينيين العودة للمفاوضات. وقال أحد المسؤولين، إن ترامب ما زال ملتزما بنقل السفارة، ويمكنه أن يعيد التأكيد على ذلك دون تحديد موعد. وتزعم إسرائيل أن القدس بكاملها عاصمتها، وهو موقف لا يحظى باعتراف دولي. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، عاصمة لدولتهم المستقبلية التي تقام على الضفة الغربية وقطاع غزة.حذر فلسطيني .. وفي حين رحب مسؤولون فلسطينيون بجهود ترامب، وأبدوا استعدادا للتعاون معه، إلا أنهم يتوخون الحذر بسبب عدم دعمه علنا لحل الدولتين الذي مثل لفترة طويلة ركيزة السياسة الدولية والأمريكية بهذا الشأن. وقال ترامب في فبراير/ شباط، إنه غير ملتزم بالضرورة بالفكرة. وأضاف، أنه سيرضي بأي اتفاق «يرضي الطرفين». وقالت حنان عشراوي المسؤولة البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية، إن الفلسطينيين ينظرون لجهود ترامب بالكثير من التشكك المشروع. وقال دينيس روس، وهو مفاوض مخضرم سابق في ملف الشرق الأوسط استشاره مساعدو ترامب، إن على الرئيس تجنب رفع سقف التوقعات بالتوصل لحل سريع للصراع استعصى على الإدارات الأمريكية السابقة. وأضاف قائلا، «الرئيس قد يكون محقا هذا هو الاتفاق النهائي.. لكنه بالتأكيد ليس قريبا ولا سهل المنال».أخبار ذات صلةالأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في مقتل فلسطيني برصاص مستوطن إسرائيليإيران: العقوبات الأمريكية الجديدة تظهر «نية خبيثة»البرلمان الأوروبي يدعو إلى وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلةشارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :