الثورة المعلوماتية الحديثة وانتشار الاتصال شبه الدائم بالشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي، أدخلت العالم في دائرة معقدة من الأخطار والتهديدات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بفعل تنامي موجات الاستغلال السيئ لوسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة. فالجريمة الإلكترونية أو المعلوماتية باتت تشكل محور اهتمام دول العالم والشغل الشاغل للعديد من المؤسسات والشركات حول العالم في ظل ازدياد وتنوع الطرق والأساليب، التي يستخدمها المخترقون (أو ما يسمى بالهاكرز)، للولوج إلى قواعد المعلومات والبيانات الشخصية أو المحظورة. وها نحن اليوم نصارع فيروس الفدية الخبيثة WannaCry، الذي أصاب أكثر من 60 ألف جهاز كمبيوتر في أكثر من 99 دولة، بينها الكويت. ولم يكن هذا الاعتداء الإلكتروني الأول، ولن يكون الأخير، ولنتذكر ما مر بالقطاع المصرفي من هجمات واختراقات إلكترونية في الآونة الأخيرة. فهذه الهجمات تستلزم وقفة جادة لإعادة النظر في فاعلية الأنظمة والشبكات الإلكترونية وجهوزيتها من النواحي الأمنية، وضرورة إشاعة ثقافة أمن المعلومات بين أفراد المجتمع كافة. فاليوم هذه الهجمات لا تقتصر على البنوك فحسب، ولكن العديد من الشركات والمؤسسات الحكومية والأهلية عرضة لمثل هذه الهجمات متى ما غابت الرؤية الواضحة والتخطيط السليم. فمن غير اتخاذ التدابير الوقائية، وخلق الإحساس بمسؤولية الفرد لأمن المعلومات، والاستثمار في تكنولوجيا حماية البنية الإلكترونية التحتية، قد تخترق الأنظمة الصحية في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وتصبح بيانات المرضى رهينة المخترقين، كما حدث مؤخرا في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة. وقد تقع أنظمة التحكم في محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء ضحية للقرصنة الإلكترونية التي من شأنها شل هذه الأنظمة والإخلال بالخدمات الأساسية الضرورية للسكان. وقد يكون بعض المخترقين والقراصنة من الهواة، الذين اتخذوا من هذه الاختراقات منزلة التحدي لهم، إلا أن البعض اتخذها لإرهاب البشر وإلحاق الضرر بالدول وأجهزتها. (يتبع ..) د. ضاري عادل الحويلdhuwail@
مشاركة :