أشارت دراسة حديثة نشرت في شهر مايو (أيار) من العام الجاري إلى أن تناول «أوميغا 3» في وقت مبكر جدا من عمر الرضيع من خلال لبن الأم يمكن أن يكون بمثابة وقاية من الإصابة بمرض السكري من النوع الأول type 1 diabetes وهو النوع الذي يصيب الأطفال في الأغلب.والسبب الرئيسي في حدوث هذا النوع الأول من السكري هو العامل المناعي حيث تهاجم خلايا الجسم خلايا بيتا في البنكرياس المسؤولة عن إفراز الإنسولين الذي يتحكم في مستوى الغلوكوز في الدم وذلك نتيجة لخلل مناعي يجعل خلايا الجسم تتعرف على بعض الخلايا الأخرى على أنها غريبة. وعدد المصابين حول العالم يصل إلى نحو 20 مليون نسمة وجميع هؤلاء المرضى يعتمدون على تناول حقن الإنسولين بشكل أساسي ويومي للعلاج نتيجة لفشل الجسم في إفرازه، وبجانب العلاج الدوائي يجب اتباع حمية غذائية معينة وممارسة الرياضة.* دهون مفيدةالدراسة الحديثة التي قام بها علماء من المعهد الوطني للصحة والرعاية الاجتماعية بهلسنكي عاصمة فنلندا ونشرت في مجلة أمراض السكري the journal Diabetologia (هي مجلة الاتحاد الأوروبي لمرض السكري) حاولت معرفة تأثير تناول الأوميغا 3 أو زيت السمك على مرض السكري من النوع الأول وذلك من خلال غذاء الأم سواء أثناء فترة الحمل أو الرضاعة. ومن المعروف أن الـ«أوميغا 3» تحتوي على دهون غير مشبعة، وهي بالتالي دهون مفيدة للجسم وكلما زاد تركيز هذه الدهون الجيدة قل تركيز الدهون الضارة في الجسم. وتوجد الـ«أوميغا 3» بشكل مكثف في بعض أنواع الأسماك مثل سمك التونة وبعض أنواع الزيوت مثل زيت بذر الكتان وزيت الزيتون وبعض أنواع المكسرات مثل اللوز.وقام الباحثون بتجميع وفحص بيانات من دراسات سابقة ناقشت مستوى الـ«أوميغا 3» في الدم في وقت الطفولة المبكرة infancy وعلاقتها بحدوث التفاعل المناعي autoimmunity الذي يؤدى إلى ظهور مرض السكري في الطفولة المتأخرة وضمت هذه الدراسة بيانات عن 7782 طفلاً في الفترة من عام 1997 وحتى عام 2004 وتم أخذ عينات من الدم منتظمة في الفترة العمرية من 3 شهور وحتى عامين من هؤلاء الذين كانوا عرضة للإصابة بمرض السكري تبعاً للعامل الجيني ثم تم أخذ عينات من الدم بشكل منتظم سنوياً حتى بلوغ هؤلاء الأطفال عمر 15 سنة لمعرفة وجود أجسام مضادة لجزر لانجرهانز islet cell of langerhans في البنكرياس والتي تحتوي على خلايا بيتا التي تفرز الإنسولين من عدمه.وقام الباحثون كذلك بعمل استبيان على شكل أسئلة حول طبيعة الغذاء الذي يتناوله الطفل وإذا كان لبن الأم أو الألبان الصناعية، حيث إن هذين المصدرين يشكلان المصدر الرئيسي للدهون والغذاء بشكل عام في هذه المرحلة العمرية. وقام الباحثون أيضاً بالبحث عن الأجسام المضادة للإنسولين الذي يعتبر من علامات الإصابة بمرض السكري من النوع الأول وأشارت النتائج إلى أن المستويات المرتفعة من الـ«أوميغا 3» ترتبط بشكل واضح بانخفاض مستويات المناعة ضد الإنسولين، وبالتالي يتمكن من أداء عمله في ضبط مستوى الغلوكوز بالدم، وبذلك تنخفض احتمالية الإصابة بالمرض، ولكن في المقابل تبين أنه كلما كانت هناك نسبة كبيرة من «أوميغا 6» مقارنة ب الـ«أوميغا 3» فإن نسبة التفاعلات المناعية تزيد.* رضاعة طبيعيةوقد وجد الباحثون أيضاً وجود علاقة بين الأحماض الدهنية وبين نوع اللبن المستخدم حيث كانت نسبة الأحماض الدهنية أكبر بكثير في الأطفال الذين يتمتعون بالرضاعة الطبيعية عن أقرانهم الآخرين الذين يستخدمون الألبان الصناعية وفرصهم أقل في الإصابة بالأمراض المناعية. وفى المقابل كان الأطفال الذين يتناولون تلك الألبان الصناعية أكثر عرضة لحدوث التفاعلات المناعية وحدوث الإصابة. وأيضاً وجدوا أنه كلما زادت الكمية المستهلكة من لبن الأم قلت فرص الإصابة بالتفاعلات المناعية وحدوث المرض، ومن خلال الدراسة يمكن استخدام الـ«أوميغا 3» في تأمين وقاية من المرض خاصة إذا حرصت الأم على تناوله بانتظام في فترة الحمل والرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة. وقد بدأ بعض أطباء النساء والولادة بالفعل في وصف «أوميغا 3» كعلاج مكمل أثناء فترة الحمل.وتعتبر هذه الدراسة بالغة الأهمية من حيث النتائج خصوصاً وأنها راعت العوامل الأخرى التي من الممكن أن تتحكم في الإصابة بالمرض مثل العامل الوراثي والتاريخ العائلي وأيضاً درجة تعليم الأم التي تحدد العادات الغذائية التي تتبعها أثناء الحمل وأيضاً احتمالية وجود حساسية من بعض الألبان الصناعية تمتع الطفل من تناول لبن غني بالأحماض الدهنية والـ«أوميغا 3» وأيضاً تأتي هذه النتائج متوافقة مع الدراسات السابقة التي تشير إلى أن لبن الأم يمكن أن يقي من التفاعلات المناعية والذي يعتبر العامل الأساسي في حدوث المرض.وبالطبع يحتاج الأمر لمزيد من الدراسات حتى تكون هناك توصيات واضحة يمكن أن تسهم في الحد من انتشار مرض السكري من النوع الأول الذي يهدد ملايين الأطفال ويجب على الأم أن تراعي أن يتضمن غذاؤها المصادر الطبيعية التي تحتوي على الـ«أوميغا 3» بشكل طبيعي. وفى حالة عدم توفرها يمكن أن تلجأ إلى الطبيب حتى يقوم بوصف نوع معين لتناوله بجرعات معينة خاصة.* استشاري طب الأطفال
مشاركة :