قال مختصون في مجال حوكمة الشركات العائلية، إن تأخر وزارة التجارة والصناعة والجهات المسؤولة في إقرار نظام الشركات العائلية بنسخته الأخيرة المعدلة لأكثر من 16 سنة، يشكل تهديدا خطيرا لاستمرار استثمارات "عائلية" تتجاوز 400 مليار ريال سعودي في السعودية. وأوضح عدد من المتحدثين والمشاركين في جلسات اليوم الأول لملتقى حوكمة الشركات العائلية 2014 الذي يقام برعاية الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة وزير التجارة والصناعة، أن قصور النظام الحالي يهدد الشركات العائلية بالاندثار، مشيرين إلى أن عددا كبيرا من المحامين يسهمون بتأجيج الصراع بين الشركاء في الشركات العائلية لمصالحهم الشخصية، وطالب المشاركون في ملتقى أمس بالإسراع في البت في قانون الشركات العائلية. وقال الدكتور ناصر الدوسري المستشار القانوني، إن الإحصاءات تشير إلى أن حجم الأموال المستثمرة في الشركات العائلية في السعودية تقدر بنحو 93 مليار دولار؛ أي ما يزيد على 400 مليار ريال تمثل 12 في المائة من الناتج المحلي للمملكة، فيما تقدر إحصائيات عام 2012 حجم الأموال المجمدة في الشركات العائلية نتيجة التنازع عليها بنحو 15 مليار ريال، وقد زادت بنسبة 33 في المائة في عام 2013م. من جانبه، انتقد صالح كامل رئيس مجلس إدارة غرفة جدة المحامين الذين يستغلون النزاع داخل البيوت التجارية ليقوموا بتأجيج ذلك الصراع لحسابهم الخاص؛ إذ إنه كلما زادت مدة التقاضي زادت نسبته من تلك الأموال المتنازع عليها، وشدد على ضرورة ألا يتقاضى المحامون أي نسب لحل تلك الخلافات في الشركات العائلية حتى لا يتحول من بيده حل الخلاف "لمُشعل للفتن" على حد تعبيره. مشيراً إلى أن مركز التوفيق في غرفة جدة يقوم على الإصلاح بين أفراد العائلات المتنازعة دون أن يتقاضى المركز أي مبالغ، ويعمل فيه محامون متطوعون، كاشفاً أن الغرفة بصدد إطلاق مجلس للتخارج بين الشركات في حال حصول الخلافات دون التوجه لتحطيم الشركة الذي يؤدي إلى تحطيم الكيان وتشريد العاملين، كما أن الغرفة تقوم حالياً على إطلاق "البطاقة الموزنة" التي تقوم على العدل وتكافؤ الفرص، وستطلق خلال الأشهر الأربعة القادمة لتحقيق المساواة في الانتخابات، ولحماية العلاقات داخل الأسر التجارية في حال التصويت والترشح. وبين كامل أن أحد أهم أسباب المنازعات العائلية هو سعي أحد الملاك إلى تنصيب ابنه في أعلى المناصب في الشركة، وهو ما يتطلب إيجاد حلول عاجلة، وقال "أتمنى من الحكومة النظر إليها، ويكمن ذلك الحل في إيجاد شركات مساهمة عائلية تجعل للملاك حرية التصرف في توزيع المناصب وإدارة الشركة خلال حياتهم فقط، وتحويلها لعامة بعد وفاته"، مشيراً إلى وجود شكاوى حجر من أبنائهم ضد آبائهم من مؤسسي الشركات العائلية بسبب رفض الابن توزيع والده للمناصب. فيما قال يوسف عبد الستار ميمني، رئيس مجلس إدارة شركة الميمني، إن نظام الشركات العائلية مضى عليه أكثر من 16 سنة دون أن يرى النور، وآن الأوان كي يصدر بصيغته الجديدة، موضحاً أن مجلس الشورى أخرج النظام الجديد منذ أربع سنوات، بعد أن أمضى تسع سنوات داخل المجلس لمناقشته ومراجعته، والتعديل عليه ودراسته بعدها سُحب النظام وأرسل بعد ست سنوات لهيئة الخبراء، وشدد الميمني على أن النظام الجديد يعتبر من أقوى وأهم الأنظمة الموجودة في المملكة، على حد وصفه، "إلا أن وزارة التجارة لديها تحفظات عليه"، ونصح الميمني وزارة التجارة بإقراره بسرعة ومن ثم التعديل عليه فيما بعد. ولفت الميمني إلى أن هيئة سوق المال لديها طلبات عديدة من شركات عائلية لإدراجها في سوق المال كشركات مساهمة عامة، إلا أن تلك الطلبات واجهت تعثرا كبيرا، وغالبيتها مجمدة في هيئة سوق المال، وموقوفة عن التداول بسبب مبالغة مالكيها في تقدير حجم "علاوة الإصدار"، مشيراً إلى أن توجه الشركات العائلية للمساهمة العامة أمر جيد، لكن مبالغتهم في "علاوة الإصدار" وتخليهم عن الشركة لا ينعكس إيجابياً، وشدد على ضرورة تعديل القانون الذي يمنع الملاك من البيع والشراء خلال السنوات الخمس الأولى؛ إذ إنها ليست مدة كافية. إلى ذلك، أشار الدكتور قيصر حامد مطاوع المحامي والمستشار القانوني، إلى وجود قصور في نظام الشركات العائلية، أهمها في المادة 165 المسؤولة عن وضع آليات التخارج التي لم تغط بالشكل القانوني الكامل، ما يجعل نسب التقاضي والتنازع عالية جداً، إذ نصت المادة على آلية الاسترداد، ووضعت لها حدا زمنيا 30 يوما، إلا أن المادة أغفلت آلية التقييم للحصص، كما لم تحدد المادة آلية التسديد، والزمن المخصص لها، كما لم تحدد مدة زمنية للانتهاء من الإجراءات الخاصة بالتقاضي في حال خروج أحد الشركاء، ما جعل عددا من الشركاء يماطلون في فترات التصفية، ويبالغون في تقدير حجم حصصهم لعدم وضوح آلية التقييم، التي غالباً ما يتم التلاعب فيها من خلال جلب مقيمين بعد الاتفاق المسبق معهم لرفع سعر الحصة. وأوصى بضرورة إيجاد نظام للجوء إليه عند المُخارجة خلال تأسيس الشركة، بأن تقوم وزارة التجارة في المرحلة المقبلة بوضع القانون الاسترشادي أو كتابة العقود الخاصة بالشركات العائلية، ألا تغفل الوزارة وضع قانون خاص بالتخارج بشكل واضح يمنع وجودا في تغطية نقاط القصور، مشيراً إلى أن القانون يوجد به عدد كبير من القصور الموجود في أنظمة مجلس الإدارة والمجلس التنفيذي وغيرهما من الأمور التي يجب حل الثغرات فيها قبل صدور النظام الجديد.
مشاركة :