لحظات مبهرة عشتها وأنا أشاهد وأستمع إلى العرض الذي قدم لقطار الرياض خلال حفل تدشين مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام- القطار والحافلات - في مدينة الرياض. عادت بي الذكريات واسترجعت الماضي الذي شاهدت فيه العديد من مشاريع القطارات الضخمة في العالم داخل وخارج المدن، وقلت ما أجملها من لحظات وانا أُمتع ناظريّ بمسارات قطار الرياض وأتخيل نفسي متنقلاً من محطة إلى أخرى، ومن لون عربة إلى لون آخر، ومن حي من أحياء العاصمة إلى آخر في كل الاتجاهات الأربعة. صحيح أن فترة التنفيذ تقارب الخمس سنوات، وصحيح أن التكلفة بلغت عشرات المليارات، ولكن دعونا نفكر في النتائج المرجوة إن شاء الله .. فك الاختناقات، وتيسير الحركة، ومساعدة المواطن والمقيم على قضاء حاجاته والوصول إلى المكان الذي يريده في يسر وسهولة. ولكن يبقى السؤال.. ماذا علينا أن نفعل ونحن نرقب الانتهاء من هذا المشروع والبدء في جني ثماره؟ هناك أمور يجب أخذها بعين الاعتبار ولعل من أهمها التحلي بالصبر وعدم التضجر والملل من متطلبات هذا المشروع من حيث تغيير مسارات وبُنى بعض الطرق والمرافق في شوارع العاصمة ومن بينها الطرق الأكثر ازدحاما وحيوية. لا بد من أعمال للحفر والإنشاء، ولا بد أن تزداد الاختناقات في كثير من الطرق والتقاطعات، ولكن متى ما أدركنا ضرورة ذلك فعلينا أن نكون عونا، ولا نسلط أقلامنا وألسنتنا على كل ما من شأنه الانتقاص والانتقاد للجهود التي تبذل للتنفيذ، والتي لا أشك أنها ستكون تحت المراقبة والمتابعة اللصيقة من سمو أمير منطقة الرياض الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز المشرف العام على المشروع. من المهم أيضا تبني ما يمكن أن يطلق عليه (ثقافة القطار) وأعني بها تغيير نظرتنا ومفهومنا لاستخدام القطارات وحافلات النقل العام كما يفعل الآخرون خارج المملكة.. ما المانع أن أوقف سيارتي قرب محطة القطار وأستقله لمحطة أخرى بالقرب من مكان عملي أو دراستي ثم أمشي خطوات قد تطول قليلا؟ مثل هذا التصرف نقوم به عادة عندما نسافر للخارج حتى ولو كانت أسرنا ترافقنا بكافة أعدادها وأعمارها. إننا بحاجة ماسة إلى تعليم أطفالنا ثقافة استخدام القطار ونزرعها في تفكيرهم حتى إذا مرت هذه السنوات الخمس ودارت عجلات قطار الرياض وجدناهم متشوقين لاستخدامه منطلقين من قناعات وثوابت تم إيصالها لهم بطرق شتى خلال مراحل المشروع. لا نريد أن ينتهي مشروع بهذه الضخامة والتكلفة والعمل المتقن إلى عربات فارغة تجوب الأحياء وهي فارغة إلا من بعض العمالة ونحن نمر من جنبها بسياراتنا الخاصة وسط أمواج من الزحام المتوقع. نريد من كافة الفئات وأطياف المجتمع في المملكة أن تثبت للآخرين أنهم لا يقلون عنهم، وأنهم يواكبون كل ما تقدمه لهم التقنية الحديثة من مخرجات ذات جدوى ومن بينها شبكة متكاملة من القطارات والحافلات بأعلى المواصفات تجوب شوارع وأحياء العاصمة..
مشاركة :