الأخطاء تجعلك أقرب إلى حقيقتك - نجوى هاشم

  • 8/4/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

في حفل تكريمها منذ شهرين في جامعة «هارفارد»، لم تجد المذيعة الشهيرة «أوبرا وينفري» أفضل من المشكلات المحيطة بشبكتها التلفزيونية «أوبرا » لتستخدمها في إلهام خريجي جامعة هارفارد الذين تواجدوا بالآلاف في حفل تكريمها للاستماع إلى قصة نجاحها، وصعودها إلى القمة، خاصة أنها من ضمن عشر نساء يتغير ترتيبها كل عام الأغنى في الولايات المتحدة الأمريكية. «أوبرا» المذيعة اللامعة والشهيرة قالت للطلاب (ماذا يمكنني أن أقول لكم في وقت توقفت فيه عن النجاح» هي تتحدث عن التوقف وهي لا تزال في القمة، وتكرّم، وتُطلب، وتساهم في كل المجالات، تعترف بأنها متوقفة عن النجاح، الذي صعدت إليه، وجاهدت للوصول، ولم تكابر وتقول إنها انتهت عند الوصول، أو اكتفت بما تحقق لها، هي لا تزال تبحث عن النجاح، الذي عاشته سنوات من خلال برنامجها الشهير «اوبرا» والذي كان يعرض في كل قارات العالم الست، وفي مئات المحطات، واستضافت فيه آلاف الشخصيات من رؤساء دول، وفنانين ومبدعين، وبسطاء سلطت عليهم الأضواء، ومهن، وقضايا عالجتها، وطرحتها، وأثارتها أحيانماً بأسلوب خاص بها، لم يتمكن أحد من تقليدها، أو الوصول إلى طريقتها البسيطة في تحريك أدوات البرنامج الشهير، والذي تركته في قمة مجدها. كل ذلك النجاح اختارت أن تغادره لتتفرغ للأعمال الخيرية التي اشتهرت بها وإلى إنشاء محطة خاصة بها «اوبرا» عانت عدم النجاح ولا تزال تعاني، ولم تحقق شيئاً مقابل اسم اوبرا، حيث لا تسجل نسب مشاهدة مرتفعة. ولم تقدم اوبرا على إغلاق القناة ولكن خاطبت الطلاب بصراحتها المعهودة وقالت لهم وهي تتحدث عن فشلها بجرأة (أنا هنا غيرت هذه الشبكة وتعلمت من كل خطأ، لأن كل خبرة ومواجهة خاصة الأخطاء، تحدث لكي تعلمك وتجبرك على أن تكون أقرب إلى حقيقتك، وعندها تكتشف ما هي الخطوة الصحيحة المقبلة...) وخاطبت أيضاً الخريجين (قائلة) «إنهم سيواجهون العثرات مهما علا شأنها، لكن لا يوجد شيء اسمه الفشل، الفشل هو مجرد أن تحاول الحياة أن تحركنا في اتجاه آخر). وأخيراً وهو ما أريد التركيز عليه لماذا تكرم جامعة في قامة هارفارد قامة كالمذيعة الشهيرة أوبرا «في حفل تخريج طلابها، وتمنحهم فرصة أخرى للتعلم من المشاهير الناجحين؟ ولكن هذه المرة وهي تعاني الفشل، إن اعتبرنا ما تعبر به فشلا وهي تعترف به أن توقفت عن النجاح. الصورة هنا تعكس حقيقة من يستحق النجاح، ومن يُساق إليه أو من نجح بفعل فاعل، هي امرأة ناجحة، ولكن تعيش فصول التعثر والبؤس والتوقف، لكن مع ذلك لم تحذف هذه الفترة من ممر النجاح الذي لا يزال ممتداً، ولم تعف نفسها من الخطأ، الذي اعتبرت أن جملة الأخطاء التي ترتكبها هي في النهاية خبرات تضاف إلى حياتنا، وهي ضامن مستقبلي للنجاح إن أردنا، وإن حاولنا الاجتياز. هي ترى وهذا هو قمة النجاح لمن يريد أن يتعلم، ترى أن من يخسر المنافسة لا ينبغي أن يُرمى خارجاً، بل إن الخسارة تتحول في الغالب إلى جزء مهم وحميمي من حقيقتنا، ومن دواخلنا رغم مرارتها، ورغم إشعالها الألم في كل تفاصيل الأيام المريرة، إلا أنها هي ملامح الجغرافيا التي ستحدد منابع الاتجاه الصحيح القادم. في حياتنا الخاصة والممتدة، أيام مليئة بالنجاح والفرح، وأخرى سيرة هادئة تعبر بلا طعم، وأخرى مريرة مغلفة بالفشل الساحق في كل تفاصيلها، وأعتقد انها هي فقط الأقرب إلى حقيقتنا، وإلى دواخلنا، لكن هل علينا حسب ثقافاتنا المترعة بالتوقف، أن ننتصر للفشل وحضوره، بعد أن استنفد إمكانه بالبقاء؟ أم نبحث عن التصحيح والخطوة القادمة؟

مشاركة :