كيف قام صهر الرئيس بوضع لمساته الشخصية على صفقة السلاح الكبرى بين أميركا والسعودية؟

  • 5/19/2017
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

استقبل جاريد كوشنر، زوج ابنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في الأول من مايو/أيار، وفداً سعودياً رفيع المستوى في قاعة فاخرة بجوار البيت الأبيض، وكان حواره مع الوفد مُفعَماً بالقوة والحيوية، حيث قال في نهاية اللقاء معبراً عن حماسته: "فلننه هذا اليوم". وكان كوشنر يشير إلى صفقة أسلحة قيمتها 110 مليارات دولار، تأمل الإدارة الأميركية إبرامها مع السعودية في وقتٍ مناسب للإعلان عنها خلال زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية نهاية الأسبوع الجاري، وفق ما ذكر تقرير سابق . وناقش الجانبان قائمة مشتريات تشمل: طائراتٍ، وسفناً، وصواريخ دقيقة التوجيه. واقترح بعدها مسؤولٌ أميركي أن تشتري المملكة نظام رادار مُعقَّداً مُصمَّماً لتعقُّبِ وإسقاطِ الصواريخ البالستية، وفقاً لما جاء في تقرير لصحيفة "" الأميركية. وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن كوشنر اتصل بمارلين هيوسون، المديرة التنفيذية لشركة ، المُصنِّعة لنظام الرادار، عندما شعر بأن التكلفة قد تشكّل عائقاً في سبيل إتمام الصفقة وسألها عن إمكانية خفض السعر. وبينما كان ضيوفه يشاهدون ما يحدث وهم في دهشة ، قالت هيوسون له إنها ستفكر في الأمر.طرق جديدة لإتمام الصفقات ويُعد تدخُّل كوشنر بشكلٍ شخصي في صفقة بيع الأسلحة دليلاً آخر على مدى استعداد البيت الأبيض تحت حكم ترامب للتخلي عن السياسات التقليدية الرسمية لصالح طرق أخرى غير رسمية تجري بوضع اليد لإتمام الصفقات. ويمكن اعتبار ملابسات الصفقة نافذةً لرؤية الكيفية التي تأمل الإدارة الأميركية أن تغيِّر بها مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط عن طريق تأكيد قدرتها على استخدام القوة الخشنة والمناورة حول الدبلوماسية التقليدية. ومن المُتوقَّع أن تعلن إدارة ترامب عن الصفقة، البالغ قيمتها 110 مليار دولار على مدار 10 سنوات، على أنها رمزٌ لتجديد تعهدات الولايات المتحدة تجاه أمن الخليج العربي. لكن مسؤولين سابقين أوضحوا أن باراك أوباما، الذي أبرم صفقات سلاح مع السعودية بإجمالي 115 مليار دولار، قد صدَّق بالفعل على بيع العديد من الأسلحة، التي تتضمنها الصفقة الجديدة، وفق ما ذكر موقع "" الألماني. ويقول ديريك تشوليت، الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي تحت إدارة أوباما: "لدى الطرفين دافعٌ للإعلان عن الصفقة وكأنها بدايةٌ لعهدٍ جديدٍ من التعاون مع الخليج. لكنها استمرارٌ للسياسات السابقة إلى حد كبير". وبينما كان اتصال كوشنر بشركة مقاولات دفاعية في وسط اجتماعه بالمسؤولين السعوديين أمراً غير تقليدي، فإن مسؤولين سابقين وحاليين يقولون إن هذا التصرف لن يتسبب في إثارة مشكلات قانونية على ما يبدو. وتعد شركة المُصنِّع الوحيد لنظام الدفاع ضد الصواريخ البالستية المسمى "ثاد". وتُذكِّرنا الصفقة الحالية بقرار شركة لوكهيد في فبراير/شباط الماضي بخفض سعر الطائرات المقاتلة "إف 35" التي كانت تبيعها للبنتاغون، عندما اشتكى ترامب لهيوسون من سعر الطائرات المرتفع للغاية. وشرع كوشنر في بناء علاقات مع أفراد العائلة المالكة السعودية خلال الفترة الانتقالية، وفقاً لمسؤولين بالبيت الأبيض. وكان جالساً على الطاولة عندما استضاف حماه، ترامب، الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، على الغداء في غرفة طعام البيت الأبيض في مارس/آذار الماضي. وقد طرح زوج ابنته رؤية استراتيجية للعلاقات الأميركية السعودية خلال الاجتماع، الذي عُقِدَ في الشهر الجاري، وفقاً لتفاصيل جدول أعمالٍ حصلت صحيفة عليه. لكن مسؤولين أكَّدوا أن عمل كوشنر في الصفقة كان جزءاً من جهود حكومية شملت كلاً من وزارة الخارجية، والدفاع، ومجلس الأمن القومي.جدول مزدحم وقال المسؤولون إن صفقة بيع الأسلحة ستكون مهمة واحدة ضمن جدول أعمال مزدحم للرئيس ترامب خلال زيارة تستغرق يومين إلى السعودية، إذ ستشمل الزيارة أيضاً لقاءً مع الملك سلمان، ومؤتمراً مع حلفائه في الخليج العربي، وقمةً مُوسَّعة مع قادة الدول الإسلامية، وزيارة إلى مركز جديد متخصص في مكافحة الإرهاب والتطرف. وسيكون الحدث الأهم خلال الزيارة هو الخطاب الذي سيلقيه ترامب من أجل توحيد العالم الإسلامي ضد كارثة التطرف. ويقول مسؤولون إنه سيكون بمثابة ردٍّ على الخطاب البارز، الذي وجَّهَه أوباما للعالم الإسلامي في القاهرة عام 2009. وراجع مسؤولو البيت الأبيض خطاب أوباما وتوقَّعوا نبرةَ صوتٍ مختلفةً لترامب، إذ يقولون إن هدف الرئيس الأميركي الحالي سيكون توحيد حلفاء الولايات المتحدة حول أهداف مشتركة، والتي تشمل اتخاذ موقفٍ أكثر حزماً ضد إيران والتعهد بالمشاركة في تحمل العبء الأمني في المنطقة. لكن لن يحتوي الخطاب على أي اعتذارٍ على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة. وبعد أن كانت علاقتهم مع أوباما تتسم بالتوتر، بات المسؤولون السعوديون يعبرون عن سعادتهم بخطاب ترامب الحازم مع إيران. ويُنظر إلى البيت الأبيض تحت إدارة ترامب على أنه أكثر تعاطفاً مع الحملة العسكرية التي تنفذها السعودية والإمارات ضد الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يشنون تمرداً في اليمن. وكانت إدارة أوباما قد عطَّلَت إتمامَ صفقةِ بيع صواريخ دقيقة التوجيه إلى السعودية بعد أن وافقت عليها في وقتٍ سابق. لكن إدارة ترامب رفعت الحظر عن بيع هذه الأسلحة، التي تتضمنها الصفقة البالغ قيمتها 110 مليارات دولار. وتشمل الصفقة أيضاً "أصولاً بحرية"، أي سفناً، كي يتمكَّن السعوديون من إدارة الخليج العربي والبحر الأحمر في مواجهة العدوان الإيراني. ولا تشمل الصفقة أسلحة عالية التقنية مثل الطائرات المقاتلة "إف 35"، ذلك لأن بيعها للسعودية سيشكِّل مصدرَ إزعاجٍ لإسرائيل. وعلى ضوءِ ذلك، واستناداً إلى صفقةِ الأسلحة الكبيرة، يعتقد معظم المحللين والمسؤولين السابقين أن زيارة ترامب للسعودية ستكون ناجحة. وهذا ما قد تنتهي إليه جولته التي تستغرق 9 أيام وتشمل 4 دول، خاصةً أنه سيتوجَّه لاحقاً إلى قمة حلف الناتو في مدينة بروكسل، حيث يترقَّب الحضور رؤية أدلة على استمرار رغبته في تجميد عمل التحالف. حتى في إسرائيل، التي من المُتوقَّع أن يُستقبَل فيها ترامب بحفاوةٍ، يسود التوتر بسبب مشاركته معلومات استخباراتية إسرائيلية سرية خلال اجتماع مع وزير الخارجية الروسي وسفير روسيا في الولايات المتحدة بحسب ما ذكرت سابقة، بالإضافة إلى خلافٍ صغير حول السيادة السياسية لحائط البراق. لكن زيارة ترامب إلى السعودية لا تخلو من مخاطر. وكان أوباما قد جعل الرياض محطته الأولى خلال زيارته للشرق الأوسط في يونيو/حزيران 2009، على أمل إشراك السعوديين في جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحتى الآن، لم يتخلَّ البيت الأبيض عن الاتفاق النووي مع إيران، الذي ينتقده السعوديون بشدة. ورغم أن بعض الخبراء يقولون إن السعودية تتفهَّم إحجام إدارة ترامب عن التصرف بتهورٍ في هذا الشأن.

مشاركة :