جدة: الشرق الأوسط» ألقى قارب «رحلة الأمل» الكويتي صباح أمس مراسيه في ميناء جدة الإسلامي، بالغا بذلك محطته السادسة، في إطار جولة عالمية تستمر لسبعة أشهر تشمل 19 بلدا، يقطع خلالها نحو 17 ألف ميل بحري، حاملا على متنه رسالة إنسانية عالمية تتضمن تطلعات فئة ذوي الإعاقات الذهنية، إلى الدعم والمساندة، والمزيد من الاندماج المجتمعي. وأوضح يوسف عبد الحميد الجاسم المدير التنفيذي وأمين سر مجلس أمناء «رحلة الأمل»، لـ«الشرق الأوسط»: «إن فكرة الرحلة انطلقت من مجموعة من أولياء الأمور في دولة الكويت ممن لديهم تجارب ناجحة مع أبنائهم من ذوي الإعاقات الذهنية من فئات متلازمة داون والتوحد والحالات الذهنية الأخرى». وقال: «عملت هذه المجموعة بحماس منذ عام 2003 في إطار الفريق الخاص بمجموعة الأنشطة الرياضية والاجتماعية والإعلامية والثقافية الموجهة لمصلحة ذوي الإعاقات الذهنية في دولة الكويت وخارجها». وبين الجاسم أن هذه المجموعة ارتأت أن يجري اختتام أنشطة هذا الفريق بعمل يلفت انتباه العالم إلى احتياجات ذوي الإعاقات الذهنية محليا في دولة الكويت وخارجيا على المستوى العالمي، من خلال التأكيد على ضرورة دمج هذه الفئة والاستفادة من مواهبهم وقدراتهم، ويعكس صورة دولة الكويت الحضارية وتجربتها في رعاية المعاقين ذهنيا في جميع أنحاء العالم. وأوضح المدير التنفيذي للرحلة أن القارب انطلق من دولة الكويت في الأول من مايو (أيار) الجاري في رحلة تستمر لـ210 أيام، منها 90 يوم إبحار، وسيقطع خلال هذه المدة 17 ألف ميل بحري، كما سيزور نحو 20 دولة ويرسو في 39 ميناءً في تلك الدول. ولفت الجاسم إلى أنه مضى منذ انطلاق قارب رحلة الأمل من دولة الكويت وحتى وصوله يوم أمس إلى ميناء جدة الإسلامي 25 يوما، تعادل نحو 10 في المائة فقط من إجمالي أيام الرحلة البالغ عددها 210 أيام، كما قطع حتى الآن نحو 2400 ميل بحري. وشدد على أن هذه الرحلة تحمل رسالة إنسانية معنية بذوي الإعاقات العقلية من مرضى التوحد ومتلازمة داون ومختلف الإعاقات الذهنية، وقال: «تحمل هذه الرحلة الطفلين مشعل وخالد ووالديهما، محاطين باهتمام دولة الكويت كاملة وعلى رأسها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الذي رعى هذا المشروع الإنساني». وأشار إلى أن القارب الذي جرى تصنيعه في دولة الكويت بطول 88 قدما (27 مترا) سينتقل إلى أوروبا، قبل أن يتجه إلى العاصمة الأميركية واشنطن، لتسليم رسالته الإنسانية إلى الأولمبياد الخاص بذوي الإعاقات الذهنية. وقال المدير التنفيذي للرحلة: «نأمل أن نستطيع إيصال رسالتنا عبر وسائل الإعلام المختلفة في جميع البلدان التي سيزورها القارب، وهي في الحقيقة رسالة الأطفال ذوي الإعاقات الذهنية، التي تؤكد حاجة هذه الفئة إلى المزيد من الدمج في المجتمع، وإلى المزيد أيضا من الدعم والاهتمام التعليمي والصحي والاجتماعي والإنساني في دول العالم أجمع». وأوضح الجاسم أن «رحلة الأمل» تهدف إلى لفت انتباه المجتمعات كافة إلى احتياجات ذوي الإعاقات الذهنية في جميع النواحي، ودمجهم في مجتمعاتهم، وتطوير وصقل مواهبهم وقدراتهم، إلى جانب مساعدة أولياء أمور هذه الفئة على تجاوز صعوبات التعامل مع أبنائهم، وتخفيض الصدمات والآثار المترتبة على المواليد الجدد من هذه الفئة، ودعم حملات الفحص المبكر قبل الزواج. وبين الجاسم أن الطاقم يضم 16 فردا منهم تسعة أفراد مسؤولون عن قيادة القارب، تتوافر فيهم المواصفات المطلوبة التي حددتها شركات التأمين العالمية وكذلك الشركة المشرفة على الرحلة، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع الكويتية وفرت أفراد الطاقم المكلف بقيادة القارب. وأضاف «يضم الطاقم أيضا كلا من وليي الأمر جاسم الرشيد البدر وبادي الدوسري وابنيهما المعاقين ذهنيا مشعل وخالد، إضافة إلى المتطوع خالد العصفور ومصورين». بدورهما، عبر كل من جاسم الرشيد البدر وبادي الدوسري المرافقين لولديهما مشعل وخالد، عن سعادتهما البالغة بالمرحلة التي قطعتها الرحلة منذ انطلاقتها وحتى وصولها إلى ميناء جدة الإسلامي، وبالاستقبال الحافل الذي وجدته الرحلة في الميناء بمشاركة الأطفال من ذوي الإعاقات الذهنية من مركز العون في جدة الذين احتفوا بالطفلين مشعل وخالد. وأكدا أن هذا الاستقبال الرائع يزيدهما قوة وشجاعة وتحملا لحمل هذه القضية الكبيرة، التي تهم فئات كبيرة في المجتمعات الخليجية والعربية والعالمية وإيصال رسالتها إلى العالم. وعن الرسالة التي يحاولان إيصالها من خلال مشاركتهما مع ابنيهما في هذه الرحلة، قال البدر والدوسري: «لم نكن نتصور وجود هذه الشريحة الكبيرة من ذوي الإعاقات الذهنية في مختلف دول العالم، التي تعاني من مفاهيم خاطئة وتقليل من قدراتها وآلام ومآس متنوعة، انعكست سلبا على أسرهم، ولمسنا من تجربتنا أن إشراك هذه الفئة ودمجها في الحياة ساعد في تطور قدراتهم الذهنية والبدنية، وهذه رسالة مهمة نسعى لإيصالها إلى الجميع». وعن سبب اختيار أن تكون هذه الرحلة بحرية، أوضحا أنهما توصلا مع بقية أعضاء مجلس الأمناء إلى ضرورة اختيار الوسيلة المناسبة التي تعبر عن قوة وحجم التحديات التي تواجه المعاقين ذهنيا، وتؤكد قدرة على المساهمة والمشاركة في العمل والعطاء. وأضافا: «لذلك كان القرار بتسيير رحلة بحرية تنطلق من دولة الكويت وتمر بالموانئ الخليجية والعربية وصولا إلى العاصمة الأميركية واشنطن، لإيصال رسالة شكر إلى أولمبياد ذوي الإعاقات الذهنية، الذي له فضل في دعم هذه الفئة من الناحية الرياضية، والعودة مرة أخرى إلى الكويت مرورا بالموانئ الأوروبية والعربية في طريق العودة». وعبرا عن سعادتهما باللقاءات المشجعة من الإعلاميين وأولياء الأمور ورجل الشارع في كل الدول الخليجية التي مرت بها الرحلة وقالا «هذا يثلج الصدر ويؤكد لنا أننا نسير في الوجهة الصحيحة». بدورها، رحبت مديرة مركز العون المتخصص برعاية المعاقين في جدة مها الجفالي، بطاقم رحلة الأمل في مدينة جدة، وقالت: «إن هذه الرحلة عمل مشرف للمشاركين فيه، ويشعر في الوقت نفسه المهتمين بهذه الفئة من ذوي الإعاقات الذهنية بأهمية العمل على إطلاق مثل هذه المبادرات الإنسانية المهمة». وأعربت الجفالي عن أملها في أن يكون الطفلين مشعل وخالد المشاركين في هذه الرحلة قدوة لبقية الأطفال من ذوي الإعاقات ولأولياء أمورهم الذي سيلتقون بهم لدى زيارتهم إلى مركز العون في جدة، لتأكيد قدرة هذه الفئة على العمل والعطاء والمشاركة الإيجابية في الحياة.
مشاركة :