توقع مستشار دولي إلزام الشركات العائلية السعودية بمعايير الحوكمة خلال السنوات العشر المقبلة، ليرتفع عدد الشركات المساهمة بنسبة تراوح بين 15 و20 في المائة بتحول ما بين خمس وعشر شركات إلى مساهمة سنويا. وقال لـ "الاقتصادية" صالح حسين، المستشار الدولي في عدة شركات ومنظمات دولية: إن دول الخليج تتجه إلى حوكمة الشركات العائلية، بعد أن بدأت بتطبيقها على الشركات والمصارف الخاضعة لسلطة البنك المركزي، كخطوة أولى قبل تطبيقها على الشركات العائلية لاحقا. وتوقع أن تتجه دول الخليج في السنوات المقبلة إلى إلزام الشركات العائلية بتطبيق معايير الحوكمة أو التحول إلى شركات مساهمة مغلقة أو عامة، من أجل ضمان استمرار مساهمتها في الناتج المحلي للبلاد. جاء حديث حسين خلال مشاركته في اليوم الثاني من "ملتقى حوكمة الشركات العائلية 2014" في جدة أمس. وتابع، أن انخفاض الاعتماد على النفط الخليجي سيعمل على تسريع تطبيق معايير الحوكمة بين الشركات العائلية، في ظل تنامي مطالب التعمير وإنشاء البنى التحتية والحاجة إلى توفير مزيد من الوظائف للمواطنين. وأضاف، أن ثمة قطاعات حيوية تمس المواطنين تقوم بعض الدول بإجبار الشركات العائلية العاملة فيها بتطبيق الحوكمة، لضمان بقائها ضمن استراتيجية الحكومة الوطنية لتلك القطاعات المهمة. وخلال حديثه في جلسة الرابعة من جلسات الملتقى أمس، قال صالح حسين: إن معظم الشركات العائلية في وضع لا يساعدها على التطور والتوسع في المستقبل المتوسط أو البعيد، بسبب عدم قدرتها على الفصل بين الملكية والإدارة، وضعف التخطيط الاستراتيجي طويل الأجل، ومشكلات متعلقة بتخطيط الخلافة بين أفراد العائلة. ودعا عبد العزيز السريع، رئيس مجلس إدارة شركة عبد العزيز السريع الاستثمارية، إلى ضرورة إيجاد استراتيجية وطنية تطلقها وزارة التجارة، لمساعدة الشركات العائلية على التحول إلى مساهمة، وزيادة أعداد الشركات في سوق المال. كما دعا المهندس صبحي بترجي، رئيس مجموعة مستشفيات السعودي الألماني، إلى إيجاد سوق أسهم ثانوية ليتم تداول أسهم الشركات العائلية الصغيرة والمتوسطة فيها، إلى جانب السوق الأساسية التي لا تسمح لغير الشركات العائلية الكبرى بالدخول إليها. وأضاف: "اتجاه الشركات العائلية إلى سوق المال هو المخرج لبقائها، إلا أن الشركات العائلية الصغيرة والمتوسطة، التي لا يتجاوز رأسمالها 20 مليون ريال، قد لا تستطيع ذلك، والسوق الثانوية قد تكون الحل الأنسب لها إلى أن تكبر وتدرج ضمن السوق الأساسية". وتناول أنيس مؤمنة، الرئيس التنفيذي لمجموعة سدكو القابضة، أهمية اعتماد الهيكلية الصحيحة للحوكمة، الذي يسمح لوصول الشركة إلى مستوى عال من النجاح. وأضاف، أن العديد من الشركات العائلية في السعودية "لا تزال تفتقر إلى وجود آليات عمل واضحة"، مشيرا إلى مشكلة الخصوصية في بعض الشركات، التي تسمح لبعض أعضاء مجلس الإدارة للغرباء بالاطلاع على معلومات حساسة خاصة بالعائلة. وقالت فاتن اليافي، رئيسة اللجنة العلمية لملتقى حوكمة الشركات العائلية، خلال ورشة عمل قدمتها ضمن فعاليات الملتقى: إن الشركات العائلية تمثل العصب الرئيس لاستثمارات وأعمال القطاع الخاص في العالم. وأضافت، أن حوكمة الشركات العائلية تحتاج إلى مجموعة من المقومات لدعم تطبيق قواعدها ومبادئها الأساسية، أبرزها القناعة الكاملة لدى إدارة المنظمات بقبول قواعد ومبادئ الحوكمة، وتوفر القوانين واللوائح الخاصة بضبط الأداء الإداري للوحدة الاقتصادية. وأيضا: وجود لجان أساسية منها لجنة المراجعة تابعة لمجلس الإدارة لمتابعة أداء الوحدة الاقتصادية، ووضوح السلطات والمسؤوليات بالهيكل التنظيمي للوحدة الاقتصادية، ووجود نظام للتقارير لتحقيق الشفافية وتوفير المعلومات، وتعدد الجهات الرقابية على أداء الوحدة الاقتصادية. وأضافت، أن حوكمة الشركات "منهج إصلاحي وآلية عمل جديدة من شأنها ترسيخ نزاهة المعاملات المالية"، عبر وضع محددات تخدم المصالح العامة والحقوق الخاصة للمساهمين. وذكرت، أن الحوكمة لا تقتصر على القطاعين العام والخاص، بل يمكن تطبيقها أيضا في قطاع المنظمات غير الربحية، التي أصبحت إحدى القضايا المهمة في تطوير مستوى النقاش على المستوى الوطني والإقليمي والمستوى الدولي. وأكدت أهمية الميثاق العائلي في تحقيق الانسجام التام والتنسيق مع الشركاء الآخرين في الشركة وتعزيز مبدأ الشفافية والوضوح في المعاملات والجوانب المالية وما يخص كل شريك من الشركاء، والحرص على سمعة العائلة واسمها التجاري. وأشارت اليافي إلى أن الشركات العائلية تمثل 35 في المائة ضمن أكبر 500 شركة عالمية، مشيرةً إلى أن الإحصائيات تفيد بأن 85 في المائة من الشركات المسجلة عالمياً شركات عائلية.
مشاركة :