دبي: «الخليج»أكد د.أشرف جمال الرئيس التنفيذي لمعهد حوكمة أن المؤتمر السنوي لحوكمة، هو أحد الآليات المهمة التي تساعد في نشر فكر الحوكمة في المنطقة العربية، كما أنه أحد الوسائل التي يمكن من خلالها استحضار المعرفة من مختلف مناطق العالم، مشيراً إلى مشاركة متحدثين من مختلف بلدان العالم، حيث يمتلك كل مشارك من الخبرة والتجربة والمعرفة الكثير.قال د.أشرف جمال ل «الخليج» إن الإمارات تقود الطريق حالياً في مجال تحسين الحوكمة في المنطقة العربية، لكن كل هذه الجهود والإنجازات والنجاحات لا تنفي وجود فروقات بيننا وبين بعض الدول المتقدمة في موضوع تطبيقات الحوكمة وأن الطريق مازال أمامنا طويلاً، مشيراً إلى وجود تحديات ذات طابع دولي، وتحديات يمكن القول إنها ذات طابع محلي أو إقليمي أمام الحوكمة. وتالياً تفاصيل الحوار:ما هي أهداف معهد حوكمة الشركات (حوكمة) وماذا عن دور المؤتمر السنوي للحوكمة في تحقيق تلك الأهداف؟ وما أهمية المؤتمر؟ بداية لا بد من الإشارة إلى أنه منذ بدأت دبي في التحول إلى مركز عالمي للمال والأعمال فقد بدأت أيضاً ببلورة وتطبيق فكرة ومفهوم حوكمة الشركات. وقد حرصت دبي على السعي الحثيث من أجل استقدام وتطويع وتبني أفضل الممارسات العالمية في موضوع الحوكمة، بهدف توفيرها ليس فقط للدولة وإنما المنطقة العربية عموماً. وقد كان مركز حوكمة من الأدوات الهامة في تحقيق ذلك من خلال خدمات وأنشطة عديدة. ويشمل ذلك تنظيم المؤتمرات والندوات وتقديم محاضرات تعريفية بالحوكمة وأهميتها وقواعدها وأسسها الرئيسية. وقد قام المعهد بالتركيز على مختلف القضايا والقطاعات، سواءً على مستوى الدولة، أو على مستوى الشركات سواءً العائلية، أو الشركات المدرجة بأسواق المال، أو البنوك والمؤسسات المالية أو المؤسسات الحكومية. كما أولى المعهد اهتماماً كبيراً بأنشطة وبرامج التدريب لكبار التنفيذيين بالحكومة والشركات، وذلك كي يمتلكوا ناصية المعرفة والحقيقة والكيفية التي يمكن من خلالها تطوير وتنفيذ وتطبيق قواعد وأسس الحوكمة في مؤسساتهم. كما قام المعهد بتقديم المساعدة التقنية للكثير من المؤسسات والشركات من أجل مساعدتها في تقييم وتطوير منظومة الحوكمة في ضوء ظروفها والقوانين التي تخضع لها. أما فيما يتعلق بالمؤتمر السنوي لحوكمة، فهو بنظرنا أحد الآليات المهمة التي تساعد في نشر فكر الحوكمة في المنطقة العربية، كما أنه أحد الوسائل التي يمكن من خلالها استحضار المعرفة من مختلف مناطق العالم، فالمؤتمر يشارك فيه متحدثون من مختلف بلدان العالم، وكل مشارك يمتلك من الخبرة والتجربة والمعرفة الكثير، ويعرضها للنقاش في المؤتمر، وبذلك تكون مختلف النقاشات وأوراق العمل والقضايا المطروحة في المؤتمر في متناول المختصين والمسؤولين، حيث نقوم باختيار ما يناسب واقعنا وما يسهم في تحقيق قفزات نوعية في عملنا وأدائنا، سواء على مستوى المعهد، أو على مستوى الحكومات والشركات والمؤسسات في البلدان العربية.وبالتالي يمكن التأكيد على أن المؤتمر في هذه الصيغة هو محطة لتبادل المعارف والتجارب والخبرات، كما أنه طريقة لنشر الوعي بأهمية ومكانة الحوكمة، ومن ثم الوصول إلى كيفية التطبيق بما يسهم في الارتقاء بالعمل والأداء إلى أفضل مستوى. ويركز المؤتمر هذا العام على الشركات المملوكة للدولة. فكما تعلمون فإن العالم عموماً يشهد تراجعاً في حجم القطاع العام، يزداد حجم القطاع العام في الدول العربية، حيث تتميز الشركات المملوكة للدولة بكونها من أكبر الكيانات الاقتصادية في المنطقة، وتعمل في مختلف المجالات الحيوية، بما فيها الطاقة والمواصلات والبنية التحتية. لذا فإن حسن توجيه هذه الكيانات العملاقة والإشراف عليها له مردود إيجابي ليس على الشركات فقط وإنما على حكومات وشعوب المنطقة. ومن المهم التعرف الى كيفية تفعيل دور هذه الشركات في إحداث النمو الاقتصادي بشكل عام مع الأخذ بعين الاعتبار التركيز على مجالس الإدارة. ذلك أن مجلس الإدارة هو من يحدد التوجه العام للشركة ويشرف على قيادتها التنفيذية. بالتالي لا بد من التعرف الى حقيقة صلاحيات المجلس ودرجة استقلاليته ونفوذه، حيث يناقش المؤتمر هذه الأمور بما يسهم في تفعيل دور الشركات المملوكة للدولة من أجل الارتقاء بالاقتصاد. كما يناقش المؤتمر حالة التنافسية في الأسواق، وكيفية التفاعل مع القطاع الخاص وشركاته، بما يؤكد على أهمية المنافسة الصحية، وبالتالي تشجيع القطاع الخاص على النمو وخلق المزيد من فرص العمل في الاقتصاد.العام الحالي يشهد الدورة الحادية عشرة من المؤتمر.. ماذا عن النتائج التي أسفرت عنها الدورات العشر الماضية؟ هل ثمة نتائج ملموسة تحققت عبر النسخ الماضية من المؤتمر؟ نؤكد دوماً أن مؤتمر حوكمة هو نقل وتبادل الخبرات والتجارب والمعلومات والمعارف، وعلى مدار 11 سنة من عمر المؤتمر والمعهد نستطيع اليوم القول إن هناك فروقات نوعية بين ما كان، وبين ما وصلنا إليه اليوم، ما يعني أن مشوار 11 سنة من العمل والمؤتمرات النوعية المهمة حقق بعض ما نصبو إليه، فالحوكمة اليوم، كمفهوم وواقع وتطبيقات في المنطقة العربية لها حضور حقيقي فاعل، وليس كما كانت في البدايات، وهذا بفضل المؤتمر في كل دوراته السابقة، ونتائجه وتوصياته، خصوصاً أننا في كل دورة نتناول قضية رئيسية مهمة، إضافة إلى المحاور الأخرى، ما ساهم في تشكيل رصيد معرفي وتراكم في الخبرات يؤهلنا للقول إننا حققنا النجاحات التي نرضى عنها، لكن ذلك لا يعني التوقف والاكتفاء، بل إن مثل هذه النجاحات تفرض علينا الاستمرار وبذل المزيد من الجهود والأعمال من أجل المزيد من النجاح والتطور والاستمرار في الأداء المميز. ما هي الدول التي لديها أفضل برامج لحوكمة الشركات وأكثرها تقدماً؟ في رأيك، ماذا عن موقع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هذا الصدد؟ في الحقيقة، يمكن الإشارة إلى دول متقدمة مثل بريطانيا وأمريكا وألمانيا وجنوب إفريقيا، فهذه الدول قطعت شوطاً كبيراً جداً في عالم الحوكمة، وحققت مراكز متقدمة في هذا الأمر، وتمتلك تجربة غنية في الحوكمة وتطبيقاتها. في المنطقة العربية والشرق الأوسط عموماً، يمكن القول إن الحوكمة مازالت جديدة نسبياً، ومع ذلك يمكن الإشارة إلى بعض الدول الرائدة في موضوع الحوكمة، ومن بينها سلطنة عُمان، كما يمكن الإشارة إلى أن دولة الإمارات تعتبر أكثر دولة سريعة التحرك لتبني وتطبيق أفضل الممارسات. وينطبق ذلك على مستوى الحكومة، حيث هناك معايير وإلزام للجهات الحكومية بتطبيق الحوكمة، أو على مستوى الشركات المدرجة بالبورصة والبنوك. وفي الحقيقة الإمارات فعلاً تقود الطريق حالياً في مجال تحسين الحوكمة في المنطقة العربية، لكن كل هذه الجهود والإنجازات والنجاحات لا تنفي وجود فروقات بيننا وبين بعض الدول المتقدمة في موضوع تطبيقات الحوكمة وأن الطريق مازال أمامنا طويلاً.ما هي أهم التحديات التي تواجه تطبيق حوكمة الشركات؟ وهل هذه التحديات عالمية أم إنها تختلف من منطقة لأخرى؟ ما من شك أن هناك تحديات في موضوع الحوكمة وتطبيقها. هناك تحديات ذات طابع دولي، وتحديات يمكن القول إنها ذات طابع محلي أو اقليمي. وتختلف التحديات التي تواجهها الدول المتقدمة والتي قطعت شوطاً كبيراً في الحوكمة عن التحديات التي نواجهها في المنطقة العربية والشرق الأوسط. وما يعنينا هنا هو التحديات التي تواجهنا وكيفية التعامل معها والتصدي لها. والتحديات التي نواجهها ترتبط على سبيل المثال بثقافة وطبيعة عملية اتخاذ القرار لدينا حيث تتمحور عملية اتخاذ القرار في بعض المؤسسات حول الفرد بينما الحوكمة تتحدث عن المؤسسية وتفويض السلطات بين المستويات الإدارية المختلفة. كذلك يأتي مفهوم الإفصاح والشفافية. بمعنى أن كثيراً من الشركات والمؤسسات تخشى من أو لا ترغب في الإفصاح عن الكثير من المعلومات بحجة سريتها أو أنها استراتيجية. وكثيراً ما يتعارض ذلك مع ثقافة الشفافية المطلوبة للحوكمة. أخيراً الكوادر البشرية تمثل تحدياً لا يستهان به. فإن تصميم نظام حوكمة ممتاز لا يعني أننا سننجح، فهذا النظام بحاجة إلى الكوادر البشرية القادرة على تطبيقه وتطويره بشكل مستمر ولديها القناعة بأهميته في نجاح المؤسسة ككل. كما لا يمكن تجاهل فكرة أن من يشغل المناصب القيادية العليا في المؤسسات والشركات هم أنفسهم أعضاء مجالس الإدارة في شركات أخرى، ما يعني ضخامة العبء الملقى عليهم ما قد يؤثر سلباً في اضطلاعهم بمسؤولياتهم في مجالس الإدارة. دبي تستضيف أول ورشة عمل لحوكمة الشركاتأعلنت الشبكة العالمية حول حوكمة الشركات المملوكة للدولة، عن تنظيم اجتماعها الثاني في دبي يوم 24 الجاري وذلك على هامش المؤتمر الذي تعقده منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالشراكة مع معهد حوكمة بدبي حول حوكمة المشروعات المملوكة للدولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. واستكمالاً لما تحقق من نجاح في الاجتماع الأول الذي عقد في العاصمة المكسيكية، مكسيكو سيتي، العام الماضي بمشاركة معهد حوكمة، فإن الاجتماع الثاني للشبكة يستهدف تعزيز الانتشار الجغرافي للمبادرة، وبحث إمكانية إضافة مجموعة جديدة من الدول من منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا إلى عضوية الشبكة الآخذة في النمو. ويتولى معهد حوكمة لحوكمة الشركات في دبي بدعم من وزارة الاستراتيجية والمالية في كوريا الجنوبية تنظيم الفعالية في فندق أرماني دبي، حيث سيجري الاجتماع بالتزامن مع المؤتمر السنوي الحادي عشر لمعهد حوكمة.قياس أداء الشركاتحول المؤشر الذي يمكن استخدامه في قياس أداء الشركات في مجال الحوكمة، قال أشرف جمال إن معهد حوكمة لديه مؤشر أصدره بالتعاون مع مؤسسة ستاندرد آند بورز وهو مؤشر «الحوكمة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية للشركات». يغطي المؤشر 11 سوقاً من أكبر أسواق المال في المنطقة. ويعمل هذا المؤشر الدولي الطابع على تقييم وترتيب أكبر الشركات المدرجة في البورصات من حيث التزامها بقواعد الحوكمة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية. وهناك مؤشرات مماثلة مستخدمة في العديد من دول العالم.عموماً، إن الميزة الرئيسية لهذا المؤشر تكمن في أنه يقوم بالربط بين حاجتين، فهو يرى الشركات الملتزمة بقواعد الحوكمة، وأداءها المالي وأداء أسهمها، بالمقارنة بباقي الشركات المقيدة بالبورصة. وفي الحقيقة كل فترة نقوم بعمل دراسة كي نرى طبيعة النتائج. والأرقام تشير بوضوح الى أن الشركات التي تلتزم فعلياً بقواعد الحوكمة بشكل جيد يكون الأداء المالي لها أفضل، وكذلك أداء أسهمها في البورصة يكون أفضل من الشركات الأخرى.خطط الحوكمةحول خطط معهد «حوكمة» بشأن تعزيز الوعي بأفضل ممارسات حوكمة الشركات أكد جمال أن لدينا حزمة من الآليات والوسائل والأدوات والطرق التي من خلالها نعمل على نشر الوعي في موضوع الحوكمة، ومن بينها المؤتمرات والندوات، والنشرات المختلفة، فلدينا على سبيل المثال، النشرة الشهرية، ومجلة «المجلة»، تصدر مرتين في السنة، تتضمن موضوعات وتقارير وقضايا في الحكومة يعدها ويكتب فيها خبراء ومختصون في الحوكمة. وهي ليست مجلة بالمعنى الأكاديمي، لكنها تتضمن موضوعات متخصصة وعرضاً لتجارب غنية من قيادات تنفيذية ورؤوساء مجالس وهيئات. ومازالت حتى الآن تصدر باللغة الإنجليزية، وسوف يشهد الشهر المقبل صدور النسخة العربية الأولى منها. كما أننا نقوم بتنفيذ برامج ودورات تدريبية كثيرة في معظم البلدان العربية، وليس في الإمارات فقط، وهي برامج متخصصة باللغتين العربية والإنجليزية، تسهم في بناء الكوادر، كما وقعنا اتفاقية مع سوق دبي المالي بحيث أصبح إلزاماً على جميع الشركات المقيدة في السوق عمل جلسات توعية قبيل اجتماع مجلس الإدارة لمدة ساعة، مرة في السنة لأعضاء المجلس.
مشاركة :