تحقيق:محمد الفاتح عابدين تتأهب بعض مدارس العين الحكومية والخاصة، لإقامة حفلات التخرج السنوية لطلبة الصف الثاني عشر، وخريجي رياض الأطفال ضمن طقس سنوي اعتادت على ممارسته وتتحصل من خلاله على مبالغ مالية من الطلبة الخريجين وغيرهم، وبدت بعض المدارس في عجلة من أمرها لإقامة حفلاتها قبيل حلول الشهر الفضيل الذي بقي على قدومه أيام معدودة. ورغم أن الجهات المختصة في وزارة التربية والتعليم، والمجالس التعليمية ناشدت إدارات المدارس الابتعاد عن إرهاق أولياء أمور الطلبة مادياً، إلا أن المدارس تقابل تلك المناشدة بنوع من الإصرار على إقامة حفلات يطغى عليها البذخ، لاسيما أن الأمر دخل حيز المنافسة بعد أن لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دور الوسيط، بنقل وقائع الاحتفال التي تستخدم فيما بعد كمرجع في مواقع المدارس الإلكترونية. أولياء الأمور كعادتهم طالبوا الجهات المختصة بالشأن التعليمي في الدولة، بوضع حد لتلك الحفلات بعد أن باتت رسومها التي تصل إلى أكثر من 500 درهم للطالب الواحد عبئاً كبيراً، مطالبين المدارس بتنظيم حفلات تخرج لأبنائها الطلبة دون أن يتحمل أولياء الأمور تكاليف إقامتها. رعاة للحفلاتأبو محمد الذي يدرّس أبناءه الأربعة في إحدى مدارس العين الخاصة، يقول إنه وجد نفسه بين ليلة وضحاها مطالباً بدفع ألف درهم عبارة عن مساهمة أبنائه في حفل التخرج السنوي الذي تنظمه المدرسة لتخريج طلبة الثاني عشر ورياض الأطفال، مضيفاً: إن الفكرة مقبولة ولا أعتقد أن أي أحد من أولياء الأمور قد يعترض عليها من حيث المبدأ، ولكن من الناحية المادية فإن الأمر يبدو صعباً لدى الكثير من الطلبة لاسيما وأن أولياء أمور بعضهم لا يمكنهم دفع مبلغ كبير كهذا، وبالتالي فإن إدارات المدارس مطالبة بمراعاة شعور الطلبة وعدم إلزام آبائهم بمصاريف تفوق إمكانياتهم.واقترح ولي الأمر أن تقوم المدارس بالبحث عن رعاة لحفلات التخرج التي تنظمها، مؤكداً أن هناك الكثير من الجهات الحكومية والخاصة لديها الاستعداد للمساهمة في مثل هذه الفعاليات، في إطار التعاون المشترك بين المدارس وتلك الجهات.حرمان البقيةأما «أم ليان» التي تدرس ابنتها في الصف الثاني عشر في إحدى مدارس العين فقالت: إن ابنتها أبلغتها بضرورة تسديد مبلغ 500 درهم لحفل التخرج الذي تنظمه مدرستها في أحد فنادق مدينة العين، وقالت: إن الدعوة الخاصة بالحفل تشمل 3 أشخاص فقط، بمعنى أن 2 من أشقاء ابنتي لن يتمكنوا من حضور حفل تخريج أختهم. وتابعت: لقد قمت بحسبة بسيطة بعد أن أجبرت على دفع المبلغ بطريقة غير مباشرة من خلال إصرار ابنتي على المشاركة في الحفل، ووجدت أن المبلغ الذي ستحصده المدرسة لا يقل عن ذلك الذي يتم دفعه في حفلات الزفاف وهو ما يعتبر بذخاً في غير محله وأن إدارة المدرسة بإمكانها أن تحتفي بطلابها بطريقة مبسطة بعيدة عن التكلف وإرهاق أولياء أمور طلبتها مادياً، لاسيما وأنها مجهزة بمسرح كبير وبها مساحات واسعة يمكن أن تستوعب جميع حضور الحفل دون ذلك التكلف البعيد عن المنطق. احتفاء لدرجة المبالغةويرى حميد عبد الرحمن «موظف» أن حفلات التخرج التي تقوم بها المدارس الحكومية والخاصة، هي عرف حسن طالما ابتعد عن المبالغة والتكلف وأن تلك الحفلات يجري تنظيمها منذ عشرات السنين.ويضيف: كانت حفلات التخرج في بداياتها تنظم خلال اليوم المدرسي بحيث يتم اقتطاع حصتين من يوم الاحتفال يتجمع خلالها الطلبة الخريجون مع معلميهم وأولياء أمورهم لالتقاط الصور التذكارية. ولكن مع مرور الأعوام بدأت تلك الحفلات تأخذ طابعاً آخر حيث باتت المدارس تتنافس في الاحتفاء بطلبتها لدرجة المبالغة في بعض الأحيان، وهو أمر مرفوض لاسيما وأن تلك الحفلات التي كانت إدارات المدارس تتكفل بنفقاتها أصبحت تمول من جانب أولياء الأمور وهو ما أزعج الكثيرين منهم، وبالتالي فإن الجهات المختصة في وزارة التربية والتعليم أو المجالس التعليمية مطالبة بالتدخل ووقف تلك الحفلات الباذخة إلى جانب استصدار القوانين واللوائح التي تنظم مثل هذه الأنشطة الطلابية وإلزام المدارس بالعمل بها.تحيد عن أهدافهاوذكر عبد الله الظاهري «موظف» أن تلك الحفلات باتت تحيد عن أهدافها بشكل ملحوظ، بعدما فضلت إدارات المدارس استغلالها في الدعاية لها، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بحفلات مدرسية تقام في أرقى الفنادق وتستخدم أغلى الزينات في تزيين قاعات الحفلات إلى جانب الاستعانة بشركات إخراج وتصوير احترافية، وغيرها الكثير من المظاهر التي لابد من وقفها، لاسيما وأننا لا نزال في احتفال مدرسي له طقوسه التي من المفترض أن تحافظ عليها تلك المدارس. مصدر مسؤول: نرفض الممارسات الخاطئة ذكر مصدر مسؤول في مجلس أبوظبي للتعليم أن الاحتفال بالطلبة المتوقع تخرجهم عرف مدرسي نحرص على أن يكون مناسبة سعيدة للجميع من طلبة ومعلمين وأولياء أمور، ولكننا كذلك نرفض الممارسات الخاطئة التي تبدر من بعض الإدارات المدرسية، وخاصة عندما تتعلق المسألة بالأمور المادية، لأننا في مجلس أبوظبي للتعليم نسعى إلى التخفيف من الأعباء المادية التي يتكبدها أولياء الأمور سواء، أكان ذلك على مستوى الرسوم الدراسية للمدارس أم أي رسوم أخرى يتم تحصيلها من الآباء تحت أي مسمى كان.وبالتالي، فإن إدارات المدارس من حقها أن تحتفي بخريجيها ولكن ليس من حقها إلزام أولياء الأمور بدفع أي مبالغ مالية من أجل الاحتفال الذي من المفترض أن يكون ضمن الميزانية السنوية للمدرسة وليس على حساب الآباء.وأشار إلى أن مشاركة أولياء الأمور ينبغي ألا تزيد على قيمة زي التخرج، وأن أي رسوم إضافية تطلبها المدارس الخاصة من أولياء الأمور لابد أن تكون حصلت على موافقة مسبقة من قبل إدارة التعليم الخاص، ونحن لم نقم بالموافقة على أي رسوم إضافية. ودعا المدارس إلى تجنيب أولياء الأمور ما يفوق طاقتهم.
مشاركة :