يزخر الفولكلور الشعبي المصري بتقاليد ارتبطت خصيصاً بشهر رمضان، فمن مصر انطلق المسحراتي الأول (شخص ينادي في الناس لتناول السحور) الذي يتجول في الطرقات بصورة لا تزال مستمرة حتى الآن في بعض الضواحي، فكان والي الخليفة العباسي المنتصر على مصر عنبسة بن إسحاق (عام 228 هـ) أول من فعل ذلك. ومنها أيضاً عرف العالم الإسلامي تقليد «مدفع الإفطار» (قذيفة تطلق بالتزامن مع آذان المغرب لتنبيه الناس) على سبيل المصادفة، فتحيله بعض المصادر التاريخية إلى عهد الوالي الإخشيدي على مصر «خو شقدم» الذي تزامنت تجربته لمدفع جديد بالمصادفة مع آذان المغرب في إحدى ليالي رمضان، فظن الناس أن الوالي قصد بذلك تنبيههم وتوافدوا إليه ليشكروه فأقر المدفع كتقليد دائم، فيما يحيله آخرون إلى مؤسس الأسرة العلوية محمد علي في واقعة مشابهة. ومن أجل استعادة تلك الحكايات الفولكلورية والتقاليد الشعبية الخاصة بشهر رمضان، «ولربط المجتمع بالأجواء الرمضانية التي كانت تحدث قديماً والحفاظ على هذا التراث والإرث الشعبي من الاندثار»، أطلق متحف النسيج المصري بالتعاون مع إدارة القاهرة التاريخية وجمعية مصر الإرادة وهيئة قصور الثقافة (قصر ثقافة الغوري) المهرجان السنوي للعام التالي «رمضان زمان» الجمعة الماضية، وفيه عُرض على مدار اليوم التراث الشعبي المصري الخاص بالشهر. انطلق المهرجان بجولة في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وسط القاهرة، لأطفال يرتدون الملابس البيضاء خلف شاب تقمص شخصية المسحراتي يعتلي حصاناً مزيناً في محاكاة لمسيرة الإعلان عن حلول شهر رمضان في حقبات تاريخية قديمة، وسط تفاعل من المارة في مشهد مبهج. وعرض المهرجان مجموعة من الحرف التراثية لصناعة الفوانيس في ساحة الناصر محمد بن قلاوون أمام المتحف، ثم مجموعة من العروض الفنية من الأغاني الخاصة بشهر رمضان، والابتهالات والأدعية الدينية. ولا تزال مصر تحتفظ بكثير من عاداتها الخاصة بشهر رمضان، ومنها تعليق الزينة والأضواء والفوانيس في الشوارع وعلى النوافذ ومداخل البنايات والمحال التجارية.
مشاركة :