تمكنت السياسة السعودية من إثبات جدراتها في قيادة المنطقة نحو الأمن والرفاهية، بسلسلة من القرارات النافذة، المتجهة وفق خطة محكمة تتخطى الحدود السعودية لدول المنطقة أيضًا. أقول هذا، لأن الواقع يقوله ويكتبه من خلال أحداث متتالية، قلبت موازين اللعبة لصالح الأمن في الشرق الأوسط، في الوقت الذي أصيب في عافيته الاقتصادية والأمنية والسياسية في ظل الإدارة الأمريكية السابقة. حركة سعودية دؤوبة نحو تعديل الميلان الخطير ذاك، الميلان الذي أوحى لبعض المخدوعين بالسياسة الإيرانية أنها، ستأتي محملة بالخير الوفير للمنطقة. ودعني هنا أتوقف قليلاً. كتبت سابقًا، وفي مقالات عدة، في الوقت الذي احتفل «العميان» بالاتفاقية النووية الإيرانية، أقول عميان ليس انتقاصًا، إنما هو التعبير الأمثل لفقدان البصيرة. قلتُ أن سياسة إيران نائمة، أو بمعنى أصح متجمدة وغير قابلة للتجديد، الخلط الكارثي بين السياسة والمذهب، أدى لنتائج وقتية ما تلبث إلا وتنهار. من يصدق أننا وفي زمن الانطلاق السريع في المعرفة والطاقة والفيزياء الكمية، ما يزال هناك قوم يوظفون الخرافة في العمل السياسي؟ إن أهم عوامل نجاح التخطيط الإستراتيجي هو تحليل البيئة الداخلية والداخلية. الإستراتيجيات التي تحتضر، هي التي تعجر عن التوافق مع متغيرات المستوى الاجتماعي والثقافي والتكنولوجي والتشريعي للبيئات. وهذا ما يحدث اليوم في إيران، التي فاحت رائحة الفساد والفشل الإداري في هامش معركتها الانتخابية الأخيرة، بين المحافظين والإصلاحيين. الرياض، استقبلت وفودًا من خمسين دولة، وعلى ناصية التاريخ تحدث تغييرات واقعية، لم تكن مصادفة. وهنا الفرق بين العمل الجاد والمبني على إستراتيجيات حديثة واعية لاحتياجات العصر، وبين إستراتيجيات هَرِمة، متعكزة على الخرافة! ما بين مرحلة صرخ فيها الشرق الأوسط من الرصاص، البطالة، القمامة، والهروب من الموت، ومرحلة تنبي بالخلاص من كل تلك التداعيات المخيفة على إنسان المنطقة. وقفت الرياض متأهبة لاحتضان ثلاث قمم تاريخية، متأهبة للتوقيع على بداية نهاية، لختام مرحلة الخرافة، الميليشيات السفاحة، والمشي حفاة نحو الهاوية. وفجر جديد لاحترام النفس والمال والعقل وثروات المنطقة. وهذا ما يريده المواطن في كل الأرض، كل الأقاليم التي نشرت فيها إيران نفوذها العسكري، انخفض معدل الوعي، أصبح الرجل يمشي حافيًا نحو الطقوس، تاركًا عياله جائعين. هكذا كانت تريد هذه السياسة المريضة، إنسان بوعي أقل يسهل امتصاص ثروته وعافيته. ستتصافح الأيدي في الساعات المقبلة من أجل انتقال تاريخي نحو طريق واضح ووفير الخير بإذن الله.
مشاركة :