جنيف - قنا: أكّدت دولة قطر أن موضوع تعزيز وحماية حقوق الإنسان متضمناً حقوق الطفل يعدّ خياراً إستراتيجياً لها ويشكل العمود الفقري لسياسة الإصلاح الشامل (الدستوري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي) التي تنتهجها، حيث انعكس هذا الاهتمام في تطوير وتقوية البنية التحتية لحقوق الإنسان على مستوياتها التشريعية والمؤسسية. وقالت دولة قطر إنه قد تم التأكيد على ذلك في الرؤية الشاملة للتنمية (رؤية قطر الوطنية 2030) التي انطوت على محاور هامة تمسّ القضايا الرئيسية لحقوق الإنسان في مجالات التعليم والصحة والبيئة وحقوق العمالة الوافدة وتمكين المرأة وحقوق الطفل، وكذلك في إستراتيجية التنمية الوطنية (2011 - 2016) والخطة الإستراتيجية التنموية الثانية (2017 - 2022) اللتين تهدفان إلى تحويل أهداف الرؤية الوطنية 2030 إلى واقع ملموس، حيث ترسم التطور العملي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والبيئية لدولة قطر في السنوات المقبلة.جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقاه سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية رئيس وفد دولة قطر أمام الدورة الـ(75) للجنة حقوق الطفل (CRC)، والمنعقدة حالياً في جنيف خلال مناقشة التقرير المشترك الثالث والرابع لدولة قطر بموجب المادة (44) من اتفاقية حقوق الطفل. وشدّدت دولة قطر في بيانها على أن مسألة حقوق الطفل تعتبر من أهم أولويات التخطيط التنموي في الدولة، حيث تحظى باهتمام بالغ من قبل القيادة السياسية والمخططين المختصين في القطاعين الحكومي والخاص الذين لا يألون جهداً في سبيل تطوير الخطط والبرامج والمؤسسات المعنية بالطفولة بدرجة من الكفاءة والفاعلية، تحقيقاً لبقاء وسلامة الأطفال ونمائهم وحمايتهم من كافة أنواع العنف والاستغلال وضمان مشاركتهم في النشاطات المناسبة لأعمارهم. الحوار التفاعلي وقال الأمين العام لوزارة الخارجية إن دولة قطر تنظر إلى الحوار التفاعلي مع اللجنة بوصفه عملية تبادلية تعزز التفاهم المتزايد بينها وبين اللجنة، حيث وجدنا أن العمل مع لجنتكم الموقرة ولجان الرصد الأخرى وما يشتمل عليه من حوار مفيد يمثل مصدر تشجيع لنا للمضي قدماً في سبيلنا نحو كفالة الحقوق وتحقيق الأهداف، كما أننا نعتبر عملية الاطلاع على التقارير من قبل اللجنة فرصة ثمينة لنا للوقوف على أماكن القوة والضعف من أجل تحسين ممارساتنا الداخلية بصورة مستمرة، مثمناً في الوقت نفسه الحوار التفاعلي الذي يجري بأسلوب يتسم بالموضوعية، والشفافية، وعدم الانتقائية، وبالمنهج البناء الذي ينأى عن المواجهة والتسييس. التنسيق والتعاون وأضاف إن التقرير المعروض جاء ثمرة للتنسيق والتعاون في مجال رصد تنفيذ الاتفاقية بين كافة الجهات المعنية بالطفولة، حيث قامت بإعداده لجنة وطنية شكّلها مجلس الوزراء الموقّر في مايو 2012 برئاسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة (آنذاك) وعدة جهات حكومية أخرى منها وزارة الخارجية، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ووزارة الداخلية (إدارة شرطة الأحداث)، ووزارة العدل، ووزارة التعليم والتعليم العالي، ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الصحة العامة، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة التخطيط التنموي والإحصاء، والقوات المسلحة القطرية، والمجلس الأعلى للقضاء، والنيابة العامة (نيابة الأحداث- نيابة الأسرة). كما ضمت اللجنة جهات أخرى شملت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والمؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة (آنذاك)، والمؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر (آنذاك)، والمؤسسة القطرية لرعاية الأيتام، والهيئة العامة لشؤون القاصرين. حقوق الطفل وأشار إلى أن الدستور الدائم لدولة قطر والتشريعات ذات الصلة قد كفل حق الطفل في الحصول على الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والحماية الشاملة من مختلف أنواع العنف والاستغلال وأن الدولة قد شهدت خلال العقود الأخيرة الماضية إنجازات ضخمة في مجال بناء ونشر شبكة الرعاية الصحية الأولية ومراكز رعاية صحة الأم والطفل، ما ساعد على إيصال الخدمات الصحية لكافة سكان الدولة، كما اتسعت رقعة التعليم في جميع المراحل الدراسية لتصبح في متناول كافة الأطفال، كما حققت دولة قطر تطوراً في أنماط الحياة المعيشية والمزيد من أشكال الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لجميع فئات المجتمع. تطور إيجابي ولفت سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية إلى أن هذه الإنجازات قد عكست تطوراً هاماً وإيجابياً في مؤشرات الطفولة والأمومة، كان أبرزها تدني مستوى وفيات الطفولة، وارتفاع معدلات الالتحاق في جميع المراحل التعليمية لكلا الجنسين، وارتفاع مستوى خدمات الرعاية الاجتماعية. وأوضح أن دولة قطر حققت تقدماً ملحوظاً في مجال رفاه الطفل مادياً وصحياً وتعليمياً، حيث حصل أكثر من 95% من الرضع دون عمر السنة الواحدة على جميع أنواع اللقاحات الأساسية، وسجل معدل وفيات الرضع في قطر تحسناً كبيراً بمرور الزمن، حيث انخفض من 10 وفيات لكل ألف مولود حي عام 2000 إلى حوالي 4.6 وفاة عام 2015 كما تحسنت معدلات الوفيات في الأعمار التي تتراوح من سنة إلى 4 سنوات، حيث انخفضت من 2.3 في عام 2000 إلى 1.6 وفاة عام 2015 للأطفال دون سن الخامسة، وبلغت نسبة التحاق الأطفال القطريين الذين تتراوح أعمارهم بين الرابعة والخامسة برياض الأطفال نحو 95.4 % عام 2015، وبالنسبة للأحداث الجانحين طرأ ارتفاع في عدد المستفيدين من برامج الإشراف والرعاية وإعادة تأهيل الأحداث الجانحين الذي ترعاه وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية من 247 عام 2011 إلى 571 عام 2015. ونوّه البيان إلى أن الدستور القطري تضمن العديد من الأحكام المتعلقة بالأسرة والأمومة والطفولة، حيث تنص المادة 21 على أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، وينظم القانون الوسائل الكفيلة بحمايتها، وتدعيم كيانها وتقوية أواصرها والحفاظ على الأمومة والطفولة والشيخوخة في ظلها»، كما تنصّ المادة 22 على أن «ترعى الدولة النشء وتصونه من أسباب الفساد وتحميه من الاستغلال، وتقيه من شر الإهمال البدني والعقلي والروحي، وتوفر له الظروف المناسبة لتنمية ملكاته في شتى المجالات، على هدى من التربية السليمة» وأنه وفقاً للمادة 6 من الدستور فإن الدولة تحترم المواثيق والعهود الدولية، وتعمل على تنفيذ كافة الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي تكون طرفاً فيها، كما وأن المادة 68 من الدستور أضفت على المعاهدة أو الاتفاقية قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية.. مشيراً إلى أن دولة قطر قد صادقت على اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها وحرصت على وضع المبادئ والأحكام الأساسية التي جاءت بها الاتفاقية وبروتوكولاتها موضع التنفيذ. وقال الدكتور الحمادي إنه في إطار حرص الدولة على تنفيذ توصيات اللجنة اتخذت الدولة العديد من الإجراءات والخطوات التي تهدف إلى حماية الطفل ورعايته بما يحقق مصلحة الطفل الفضلى، حيث قامت الدولة في السنوات الأخيرة بانتهاج سياسة إستراتيجية حيال التحفظات العامة بغرض مراجعتها وأنه وفقاً لهذه الإستراتيجية فقد قامت الدولة بسحب تحفظها العام على البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية وسحبها الجزئي لتحفظها العام حول اتفاقية حقوق الطفل بشأن أي نصوص تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية لينطبق فقط على المادتين (2) و(14) من الاتفاقية، كما عمدت الدولة إلى التخلي تماماً عن أسلوب التحفظات العامة عندما انضمت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وحصرت تحفظاتها على بنود معينة مع بيان أسباب تلك التحفظات. تعديلات تشريعية ونبّه إلى أن دولة قطر قد شهدت في الفترة الممتدة بين مناقشة تقريرها الثاني في عام 2009 وتاريخ تقديم التقريرين الحاليين تعديلات تشريعية واسعة النطاق فيما يتعلق بحماية وتعزيز حقوق الطفل، وقد تمّ التطرق بالتفصيل إلى هذه القوانين والتشريعات في التقرير المشترك للدولة المعروض أمامكم وفي الردود الخطية التي تقدمت بها الدولة بشأن قائمة القضايا المقدمة من لجنتكم الموقرة. إستراتيجيّة التنمية وأكّد أن موضوع حقوق الطفل قد حظي باهتمام كبير في إستراتيجية التنمية الوطنية 2011- 2016 والتي تضمنت إستراتيجيّات وبرامج قطاعية لتنفيذ رؤية قطر الوطنية /2030/ ومن تلك الإستراتيجيات التي عُنيت بالطفولة إستراتيجية قطاع التماسك الأسري وتمكين المرأة، وإستراتيجية قطاع الرعاية الصحية، وإستراتيجية قطاع التعليم والتدريب، وإستراتيجية قطاع الحماية الاجتماعية، والتي تم التطرق إليها في التقرير المشترك المعروض أمامكم وفي ردود الدولة على قائمة المسائل المقدمة من لجنتكم الموقرة، وقد تمّ تنفيذ العديد من البرامج والمبادرات المتضمنة فيها والخاصة بالطفل. مظاهر الاهتمام وشدّد البيان على أن مظاهر الاهتمام بالأسرة والطفولة لم تقتصر على المجال التشريعي فحسب وإنما تعدت ذلك لتشمل البناء المؤسسي والإستراتيجي والسياسات والبرامج التي سعت لترجمة الحماية التشريعية للطفولة إلى واقع ملموس، حيث تولت مؤسسات مركزية في إطار الدولة تنفيذ تلك السياسات، وتشكل إدارة شؤون الأسرة بوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية خط الحماية الأول للأسرة والطفولة والأمومة بدولة قطر، والتي تمّ إنشاؤها بموجب القرار الأميري رقم (6) لسنة 2016 الخاص بالهيكل التنظيمي لوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، حيث تختص بعدد من المهام التي تكفل مصلحة الطفل الفضلى كتنفيذ الإستراتيجيات والخطط والسياسات الوطنية المتعلقة بالأسرة، وزيادة وعي المجتمع بالتحديات والقضايا الأسرية والاجتماعية وآثارها، وتنفيذ مشاريع وبرامج تنمية وتطور قدرات المرأة، وإعداد وتنفيذ برامج للوقاية من انحراف الأحداث، وتأهيل المنحرفين ومواجهة المشكلات الاجتماعية في مجال الأحداث، والإشراف على دور الرعاية الاجتماعية المخصصة لرعايتهم وتأهيلهم. كما تقوم الإدارة باتخاذ الإجراءات اللازمة لرعاية وحماية الأطفال مجهولي الأبوين، بالإضافة إلى اقتراح وتنفيذ الإستراتيجيات والخطط والسياسات الوطنية والبرامج المتعلقة بكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، والإشراف وإصدار التراخيص لدور الحضانة، وتنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل؛ لمناقشة كافة قضايا الأسرة، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية الأخرى بالدولة.
مشاركة :