قمم الرياض شراكة ناجحة بكل المقاييس

  • 5/23/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أجمع محللون عرب، أن قمم الرياض الثلاث نجحت في تكريس صوت الاعتدال وبداية «شراكة استراتيجية» بين أميركا ودول الخليج، ما يعكس التفات القوى الكبرى في العالم لأهمية دول الخليج، والدور الذي تستطيع القيام به لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، بوصفها شريكا سياسيا واقتصاديا هاما. وأكدوا أن القمم مرحلة تحوّل بين الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي. وذلك بعد سنوات من الفتور في ظل إدارة باراك أوباما على خلفية الاتفاق النووي مع طهران، حيث وجدت دول الخليج في الرئيس الأميركي دونالد ترامب حليفاً تُعيد معه بناء العلاقة التاريخية مع واشنطن. فيما أشاروا إلى أن القمم وضعت إيران في موضع ارتباك، في ظل حرص الكل على وقف تدخلاتها في المنطقة. وأوضح الخبراء في تصريحاتهم لـ «البيان» بأن «توصيات القمة ستساهم بتغيير ملامح العلاقات الدولية، والحرب على الإرهاب، وبشكل حاسم، وإيجابي، يتواكب مع تطلعات القادة والشعوب معاً، وستنعكس إيجابا على قضية كل العرب والمسلمين ألا وهي القضية الفلسطينية». حل مناسب قمم الرياض جاءت لإعادة رسم العلاقة الأميركية الخليجية بحسب ما يؤكده الباحث السياسي د. عامر السبايلة خاصة بعد مرحلة الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما التي أصيبت بها العلاقة في حالة الجمود. فالإدارة الأميركية الجديدة لديها نية فعلية بإنعاش عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين . وسوف تلتقي بالطرفين للوصول إلى الحل المناسب. من جهته اعتبر المحلل السياسي د. ناجي شراب، أنها قمم تاريخية وتأتي في وضع ووقت صعب جداً، في وقت فيه تهديدات وتحديات كثيرة، وخاصة في أعقاب حكم اوباما الذي انحسرت إدارته عن المنطقة. وأكد أن التوقعات تتفاوت وتتباين من دولة إلى أخرى، ولكن هناك قاسم مشترك وهو ملف الإرهاب الذي يتهدد الجميع وهناك أولوية للخطر الإيراني الذي بدأ يتمدد في كثير من الدول. إدانة لإيران وثمن النائب الثاني لرئيس مجلس النواب البحريني عبد الحليم مراد لـ«البيان» توصيات قمم الرياض والتي أكدت على مواجهة نشاطات إيران التخريبية والهدامة عبر التنسيق المشترك. وقال، «وضعت هذه التوصيات الأممية إيران في موضع ارتباك، وحرج. ونبذ، وهو أمر متوقع بعد تاريخ نظامها الطويل بتصدير الإرهاب، وابتزاز الدول ومحاولة تخويفها». وتابع مراد «مخرجات قمم الرياض الطموحة أثبتت بما لا يدع الشك بأن المملكة العربية هي القوة والحامي الأول للدول العربية والإسلامية». من جهته، أوضح رئيس وحدة الدراسات الإيرانية بمركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، د. نبيل العتوم أن قمة الرياض جاءت للتأكيد على قضيتين أساسيتين، الأولى محاربة ايران. والثانية الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. يقول العتوم: بالنسبة لمحاربة ايران فقد وجه بيان القمة عدة رسائل واتهم ايران الرسمية باستغلالها الأزمات الإقليمية واعتمادها على تمويل الميليشيات ونشر الدمار والفوضى وهي من تؤجج للصراع الطائفي في المنطقة. وقد وصفها الملك سلمان بن عبدالعزيز في كونها «رأس حربة الإرهاب العالمي» ويجب محاربتها. اعتقد انه سيتم محاربة ايران بالإجماع من الدول من خلال استهدافها بعقوبات اقتصادية وعزلها، ومواجهة المليشيات التابعة لها، بالإضافة إلى أهمية عمل تعديلات على المشروع النووي الإيراني الذي بات يشكل تهديداً دولياً. شراكة استراتيجية إلى ذلك، أكد رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري اللواء سعد الجمال أن القمم الثلاث ستعود بالنفع على المنطقة العربية لما لها من جوانب إيجابية..موضحاً أن القمة تؤسس لشراكة استراتيجية عربية وإسلامية مع الولايات المتحدة بشأن توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب. وأشار في هذا السياق إلى افتتاح المركز العالمي لمكافحة الإرهاب ومقره السعودية، الذي سيساعد في تسريع الجهود لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تأكيد ترامب عزم بلاده مواصلة الحرب على الإرهاب، بالتعاون مع الدول العربية. وأضاف أن أحد المكاسب هو توجيه الرئيس الأميركي رسالة قوية إلى إيران لوقف محاولات الهيمنة والتمدد وتهديد أمن الخليج وسائر الدول العربية، مشيراً إلى أن من نتائج تلك القمة أيضاً هو الطرح القوي للقضية الفلسطينية عبر عدد من كلمات الرؤساء العرب. والذين أكدوا أن جهود مكافحة الإرهاب لا يمكن أن يكتب لها النجاح من غير تسوية القضية الفلسطينية، وتقديم حل عادل وشامل ونهائي يقوم على أساس مبدأ حل الدولتين ومرجعية الشرعية الدولية. تفاؤل شعبي في غضون ذلك، قالت النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى البحريني جميلة سلمان بأن «هنالك موجة تفاؤل عارمة في الشارع العربي لمخرجات قمم الرياض والتي جاءت على مستوى الرضا والإبهار، وبحشود إسلامية لقرابة خمسين دولة. وهو ما يؤكد جدية القادة بمعالجة الملفات الأمنية العالقة بشكل حاسم، وبقمة ستغير توصياتها ملامح العلاقات الدولية، والحرب على الإرهاب، وبشكل حاسم، وإيجابي، يتواكب مع تطلعات القادة والشعوب معاً». ورأت سلمان بأن توصيات قمم الرياض ستردع التدخلات الإيرانية المستمرة في الخليج والمنطقة العربية، مضيفة «العالم كله يتفق اليوم أن إيران هي العامل المشترك في إثارة القلاقل وبكل الفوضى العارمة بالمنطقة العربية، وأنها أضحت كالسرطان المستشري في الأمة، والذي يستوجب علاج هذه الآفة بشكل نهائي». إحياء السلام مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد يعتقد أن القرارات الناتجة عن قمة الرياض سيكون لها دور فعلي في إحياء عملية السلام والمفاوضات، والأردن لن يتنازل عن مطالبته بحق الفلسطينيين بالحياة المستقرة وما نتج عن مبادرة السلام العربية. وأضاف إن نجاح النتائج تخضع للعديد من الأسس من أهمها الوقت والدعم المادي والسياسات المشتركة لأن هذا العمل على مستوى الدول. وزير الإعلام الأردني السابق، سميح المعايطة قال لـ«البيان»: إن القمة كانت واضحة في معالمها ولكن نحتاج إلى الوقت حتى نرى السياسات الأميركية كيف تطبق على ارض الواقع. فهذه النتائج ما زالت نظرية والانتقال للواقع العملي هو الأهم، بالنسبة للأردن فإن أية خطوة في ملف القضية الفلسطينية يعد إيجابيا وإنعاشا لحركة السلام التي توقفت منذ سنوات. بالإضافة إلى أن محاربة الإرهاب وداعش من الأولويات التي تقلقه. فوجوده ضمن تحالف دولي سيبعث الطمأنة في المراحل المقبلة. وتوقع المحلل السياسي أكرم عطالله، أن يتم فتح ملف العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية ورسم شكل المفاوضات في المرحلة المقبلة، نتيجة تحريك كبير للملف، بعد طرح أكثر من شكل للتحريك، حيث يدور الحديث مرة عن مفاوضات تستمر 6 أشهر، ومرة أخرى نشر خارطة أميركية للدولة الفلسطينية، ولكن لم يتم اتضاح الرؤية حتى الآن. وأوضح لـ «البيان» أن «سلوك ترامب مفاجئ ولا احد يقدر شكل الحركة أو كيفية تحريك الملف، وسيكون هناك لقاء للرئيس أبو مازن مع ترامب، وبالطبع أبو مازن جهز ملفات سيطرحها على ترامب منها إداري ومنها سياسي كالاستيطان وحل الدولتين. وهناك قضايا لها علاقة بالتسهيلات والحركة، وجرى الحديث عن طلب السلطة لإقامة مطار في الضفة الغربية». ويعتقد عطالله، أن يقدم ترامب شيئاً ما وقد يكون بداية تسهيلات اقتصادية وهذا ما يتوافق مع ما يريده بنيامين نتانياهو. الوضع السوري في الأثناء، أوضح عضو الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض الدكتور بدر جاموس، أن نتائج زيارة ترامب للسعودية ستكون محط أنظار المعارضة السورية بكل تأكيد، ذلك أن اللقاء على مستوى عالمي، فضلا عن حجم التأثير الأميركي في الأزمة السورية. واعتبر أن وجود ترامب في أول زيارة إلى السعودية، من شأنه أن يحمل إشارات إيجابية من الجانب الأميركي للوضع في سوريا خصوصا بعد أن أثبتت أميركا أنها دولة قادرة على الحسم، على عكس الإدارة الأميركية السابقة المترددة في التدخل بالأزمة السورية. واعتبر أن هذه القمم في الرياض بالنسبة للمعارضة السورية تعد طوق النجاة الأخير بالنسبة لاتخاذ موقف أميركي حاسم واستراتيجي يحد على الأقل من النفوذ الإيراني، فيما يسعى للتفاهم على تحديد النفوذ الروسي. بوابة أمن واستقرار إقليمي ودولي أكّد المركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية بأبوظبي في تقرير، أنّ «اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية أولى محطات جولاته الخارجية كأول مرة في تاريخ الرؤساء الأميركيين، يجسّد أهمية المملكة في الاستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه المنطقة». وأشار المركز إلى أنّه يمكن الاعتماد عليها والعلاقات الأميركية مع دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة التحدّيات التي تواجه دول المنطقة سواء في مواجهة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة والخارجة عن القانون. أو في التصدّي للتدخلات الخارجية من جانب بعض الأطراف وفي مقدمتها إيران التي لم تنسَ أطماعها التاريخية في المنطقة، وتحاول جاهدة إثارة التوتّر والبلبلة. وأضاف المركز الاستشاري الاستراتيجي، أنّ «القمّة السعودية الأميركية بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأميركي دونالد ترامب نقلة نوعية في مسار علاقات البلدين في مختلف المجالات»، مشدّداً على ضرورة تأسيس شراكة استراتيجية شاملة ستتعزز خلال السنوات المقبلة. وستنعكس آثارها الإيجابية على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، لاسيّما أنّ القمة وما أكدته من حرص مشترك على تطوير العلاقات. وما أسفرت عنه من اتفاقيات في المجالات الاقتصادية والتجارية والدفاعية والتكنولوجية والأمنية والثقافية بين الدولتين، تعيد الحيوية للعلاقات الاستراتيجية بين الدولتين إلى سابق عهدها، وتؤسس لمرحلة جديدة غير مسبوقة في مسار العلاقات الثنائية. ولفت المركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية، إلى أنّ القراءة المعمقة للاتفاقيات المبرمة تشير إلى عدة أمور مهمة في مقدمتها عدم اقتصار علاقات البلدين على التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والدفاعي والعسكري والأمني فقط. بل تتضمّن جوانب جديدة علمية وتكنولوجية وتعليمية وتقنية وثقافية، لاسيّما الصناعات الأكثر تقدماً وقطاع الطاقة المتجددة والبتروكيماويات، وهي المجالات التي تنسجم مع أهداف رؤية المملكة 2030 الساعية إلى بناء اقتصاد سعودي يتسم بالاستدامة. وأوضح المركز أنّ الأمر الثاني يتمثّل في هذا العديد من الاتفاقيات والمقدرة بمئات مليارات الدولارات، سيؤدي إلى إيجاد آليات جديدة لتفعيل التعاون الاقتصادي والعمل المشترك وتنمية الاستثمارات المتبادلة، ما يعزز من مستوى الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين مستقبلاً، فيما الثالث أنّ التعاون المشترك في مواجهة التطرّف والإرهاب يمثل أحد الجوانب الرئيسية في التعاون الأمني بين الدولتين. نقلة نوعية ونوّه المركز إلى أنّ الحرب ضد الإرهاب والتطرف والتي تشكل أحد مظاهر التعاون الأمني بين الدولتين، ستشهد نقلة نوعية خلال الفترة المقبلة، إذ إنّ المملكة التي تقود التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وتشارك في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، ستقوم بدور محوري ورئيسي في هذه الحرب خلال الفترة المقبلة. لاسيّما فيما يتعلق بالتصدي للجوانب الثقافية والفكرية في مواجهة التطرف والإرهاب، وهي جهود تحظى بتقدير الولايات المتحدة الأميركية التي تأمل أن يتم التركيز على تعزيز قيم التعايش والاعتدال والتسامح باعتبارها ضرورة لمواجهة التطرف والإرهاب. تعزيز تعاون وأبان المركز أن التوافق السعودي الأميركي حول ضرورة تعزيز التعاون في مواجهة الإرهاب، يرجع لإدراكهما الكلفة الباهظة للإرهاب على دول المنطقة. وأضاف أنّ هناك قناعة مشتركة بين الرياض وواشنطن بأنّ تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية. والعمل على ترسيخ الشراكة والرؤية الاستراتيجية بينهما لا يحقق مصالح الدولتين فقط، بل يسهم أيضاً في تعزيز أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، بالنظر إلى رغبة الدولتين في العمل على حل أزمات المنطقة واحتواء تداعياتها.

مشاركة :