شعار حق أريد به باطل

  • 8/4/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

برغم أنني لا أتفق مع الإخوان في منهجهم، ولم أصدق يوما شعاراتهم التي كانوا يلبسوها جلباب الإسلام ويسوقوها للبسطاء والفقراء، إلا أنني لم أقف منهم موقف العداء، كنت أنطلق من قاعدة ديمقراطية تؤمن بحرية الرأي، وحرية المعتقد وحرية التعبير وحرية العمل الوطني الذي لا يحتكم إلى العنف لفرض رأي جماعة على الأخرى. ورغم أنني قد كونت رأيا مسبقا عن حركة الإخوان المسلمين من خلال قراءاتي لأدبياتهم بأنها لا تعترف بالديمقراطية كمنهج سياسي واجتماعي وكانت وما زالت تعتبر الديمقراطية مذهبا سياسيا غربيا ابتدعه الكفار في الغرب ومن ثم صدروه إلى دول العالم لإفسادها، متناسين بأن جوهر الدين الإسلامي قائم على هذا المبدأ والمتمثل في الشورى. وكنت دوما أتساءل ما الذي يمكن أن يحدث لو وصل التنظيم الإخواني إلى هرم السلطة في مصر؟! وما هو الحل الجاهز لديهم لمشاكل البلد المتراكمة والمتفاقمة من خلال الشعار الوهمي الذي أطلقوه (الإسلام هو الحل)! كيف سيستطيعون حل كل المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؟ وما الذي سوف يحدث للفنون الجميلة من مسارح ودور سينما ودور أوبرا ومعاهد موسيقية، وما هو مصير المتاحف التاريخية بآثارها العظيمة التي تروي حضارة عمرها سبعة آلاف عام! وما الذي سيفعله هذا التنظيم تجاه خصومه من ليبراليين وعلمانيين؟ وما الذي سوف يحل بالمسيحيين وبكنائسهم باعتبارها - من وجهة نظرهم - دور عبادة للمشركين! وماذا سيكون حال المرأة المصرية ومكتسباتها التي حققتها على مدى قرن من الكفاح والنضال كي تحصل عليها؟ وعندما جاءت انتفاضة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك وبنظامه، وبدأ الإعداد لاستبدال النظام القديم بنظام ديمقراطي وانتخاب رئيس للجمهورية عبر صناديق الاقتراع، بدأ الإخوان إعادة تنظيم صفوفهم واقتحام معركة الانتخابات باعتبارهم شركاء في الثورة، وبدأوا الإعداد لتغيير منهجهم المناهض للديمقراطية والاعتراف بها طالما أنها أصبحت المطية المتاحة والأسهل لهم لتسلق هرم السلطة في البلاد وتحقيق حلمهم الذي انتظروه زهاء تسعون عاما. وبرغم أنني كنت أميل إلى برنامج حمدين صباحي ذي التوجه الناصري الذي يضم في صفوفه نخبة من الليبراليين الوطنيين وتدعمه غالبية الأحزاب اليسارية والتقدمية، إلا أنني كنت أتمنى أن تكون نتائج الانتخابات تأتي لصالح الإخوان، ليس حبا فيهم ولا اقتناعا بمنهجهم، ولكنني كنت أنتظر لأرى ما الذي سيفعله الإخوان بعد أن يصبحوا هم الحكام، وكيف سيضعون شعارهم (الإسلام هو الحل) موضع التنفيذ. كنت أراهن على أن نهاية الإخوان المسلمين سوف تأتي من داخل التنظيم الإخواني نفسه، فوصولهم إلى السلطة سوف يصب في مصلحة الشعب المصري بصورة خاصة وفي مصلحة العالم العربي بشكل عام، ذلك أن الإخوان سوف يواجهون الواقع بكل مشاكله وتعقيداته وهم لا يملكون أي سلاح سوى شعار (الإسلام هو الحل)، هذا الشعار الذي استخدموه على مدى عقود لتخدير البسطاء والسذج من أبناء الشعوب العربية التي عادة ما تجتذبها مثل هذه الشعارات الدينية الفضفاضة باعتبارها شعوبا محافظة. والسلاح الآخر هو الإرهاب الفكري المدعوم بالبندقية لتصفية خصومهم في الرأي. وهذان السلاحان لن يقدرا على تقديم حلول لمشاكل الشعب المصري. وبذلك سوف تنكشف للشعب زيف شعاراتهم. فعندما جاءت نتيجة الانتخابات لصالحهم وتسلموا مقاليد الحكم ازداد فضولي. فبدأت أرقب خطوات الإخوان من خلال خطابات ووعود الرئيس الجديد محمـد مرسي، وبدأت أعد الأيام لأرى ما الذي سيفعله مرسي خلال المائة يوم التي وعد بأن يحل خلالها الأزمات التي يئن تحت وطأتها الشعب المصري والتي تراكمت واستفحلت على امتداد أربعة عقود ابتداء من عهد أنور السـادات وسياسة الانفتاح التي قضت على الطبقة المتوسطة وأبقت على طبقتين فقط، طبقة الفقراء المعدمين وطبقة الرأسماليين بثرائهم الفاحش، ثم جاء عهد حسني مبارك لتتوسع الفجوة بين هاتين الطبقتين ويتفشى الفساد ليصبح ورما سرطانيا داخل كل مفاصل الدولة لا يمكن علاجه إلا بعملية جراحية يتم من خلالها استئصاله بالكامل. ومرت الأيام والشهور، ولم ير الشعب المصري ولا العالم بوادر إصلاحات اقتصادية أو سياسية، بل كان كل هم الرئيس الجديد هو تمكين الحزب من الهيمنة الكاملة على أجهزة الدولة. وازداد الوضع سوءا، وبدأت قاعدتهم الشعبية تتفكك، كما أن بنية التنظيم الداخلي للحزب أخـذت في التآكل بعد أن دبت الخلافات في داخله وانشقاق بعض من قياداته، واستشرى الفساد بعد أخونة كل مفاصل الدولة ووصلت الأمور إلى طريق مسدود مما استدعى أن يثور الشعب عليهم ويزيحهم عن السلطة بدعم من قواته المسلحة الوطنية. وبذلك أدخل التنظيم الإخواني في غرفة العناية المركزة بانتظار صدور شهادة وفاته. alsenan_composer@hotmail.com

مشاركة :